أتفهم جيدا ما حل بالشرق الأوسط من أحداث متلاحقة مرت به بدءً بتونس فمصر ومرورا بليبيا وسوريا ثم اليمن، والتى أحالت تلك الدول واقتصادها من حال إلى حال.. أتفهم أن ما مر على المنطقة العربية من أصعب ما يكون عبر التاريخ .
وما نراه يوميًا عبر الإعلام من خراب وتردى فى أحوال تلك البلاد وتحول حال أَهلها جذريا من حال إلى حال دون بارقة أمل فى حل قريب بعد أن استوطن أرضها دعاة فكر متهدم لا ينتمون لوطن ولا يعترفون بإنسانية واستباحوا كل المحرمات وتحالفوا مع مع من كانوا يهتفًون ضدهم فى الماضى لاسقاط حكامهم فى سبيل اعتلائهم حكم تلك البلاد وتطبيق ما أسموه زورا «الحكم الإسلامى» وهو منهم براء لهو أكبر دليل على حال المنطقة لسنين قادمة.
ولكن مع كل هذا الدمار الذى لحق بِنَا اقتصاديا والدمار العسكرى والإنسانى والاقتصادى الذى لحق بالدول الأخرى حولنا، أرى أن مصر نجحت فى تحقيق ما فشلت فيه دول أخرى.
فقد استطاعت مصر أن تحصر الإٍرهاب فى منطقة «ضيقة» من أرض الوطن وتولى أمره ومواجهته الجيش المصرى بمساعدة الداخلية وقدما فى سبيل ذلك الغالى من الدم المصرى ليبقى الوطن سالما ويحيا الشعب آمنا مطمئنا.
لذا أتساءل هل جملة «مصر تحارب الإٍرهاب» التى توضع على شاشات تليفزيون الدولة الرسمى وبعض القنوات الخاصة التى جودت واستحْدِثت جملة «مصر تحارب داعش» فيه ضياع لهذا الدم الغالى الذى فقد؟ فهل ضحى هؤلاء الشباب بحياتهم لتعلن مصر عبر إعلامها الرسمى أنها دولة منكوبة تحولت أراضيها لمنطقة عمليات عسكريه لمحاربة داعش!؟
هل فطن المسؤول صاحب هذا القرار على تأثير تلك الجملة التى تسوقها الدولة عبر إعلامها الرسمى والخاص «المجامل» على حركة السياحة؟؟
هل يأتى السائح لدولة تعلن بشكل صريح أنها دولة تقع تحت وطأة الإٍرهاب وتدور رحى الحرب بينهم سجالاً.. فيستدعى ذلك التحذير والإعلان رسمياً عبر إعلامها «مصر تحارب داعش» ؟
هل يأتى السائح لنا ونحن نقول له لا نأمن على أنفسنا ونحن فى حالة حرب ؟؟ هل تعلن الدول التى تحارب خسائرها أمام العالم؟
هل بتلك الطريقة تستنهض همم المصريين؟؟ وهل لا يعى المصريون ما تمر به المنطقة؟ إذا فكيف تخلصتم من حكم الإخوان إذا كنّا لا ندرك ولا نعى؟؟
راجعوا التاريخ يا سادة، فالشعب المصرى يدرس الحضارة وجملة مثل تلك يعى أى مواطن غيور على وطنه عمق تأثيرها على مصر اقتصادياً ودولياً.
أين هم داعش؟ هل يزاحموننا فى الطرقات؟ هل يسيرون وسطنا ونحن لا حول ولا قوة لنا؟ هل يترجلون فى الشوارع رافعين أعلامهم السوداء معلنين عن وجودهم وسطنا؟
عن نفسى لم أرى داعشيا ولن أراه فعندى جيش يحمينى، فما المبرر إذاً أن أصدر للخارج هذه الفكرة التى تعصف بكل التضحيات المقدمة من شهداء مصر الأبرار؟
هل اعتلت الشاشات فى تركيا مثل تلك العبارات وهى صانعة ومصدرة الإرهاب وتعرضت مؤخرا للكثير من الهجمات.
هل قالت لندن بعد عدة هجمات إرهابية كثيرة «لندن تحارب الإرهاب»؟
وهل فعلتها باريس أو أى دولة تعرضت لحوادث إرهابية؟
فحتى الدول التى ارتجل الإٍرهاب فيها مع مواطنيها مثل ليبيا وسوريا المنكوبتين وفقدت غالبية جيوشها لم تفعل تلك الفكرة! أنفعلها نحن ولنا جيش يحمينا!؟
إن مصر نجحت فى حصر الإٍرهاب وصده عن أرضها ومواطنيها، وتستحق أن تسوق صورة عنها فى الخارج بأنها بلد آمن وأن شعبها يحيا حياة طبيعية وأن السائح بها فى آمان على نفسه وماله، لا أن يسوّق عنها إن شعبها يعيش أسيرا تحت وطأة الإرهابيين.
كنت أتمنى أن أرى نائبا يقف فى البرلمان رافضا ما يسوّقه الإعلام عن الحالة الأمنية فى مصر .
كنت أتخيل أن تنتفض وزيرة السياحة عندما ترى تلك الجملة على شاشة الدولة وتقول لهم طالما أن مصر تحت وطأة الإٍرهاب فلا مكان فيها للسياحة ولا لوزير يقود تلك الوزارة ولتوفروا مرتبى ومرتبات كل وزارتى حتى تقضوا على الاٍرهاب إذ لا تجتمع سياحة مع إرهاب على أرض واحدة ، ولكن يبدو أن الوزيرة التى لم تدلى بتصريح واحد ولا حديث مع جهة صحفية وإعلامية مصرية منذ تولت مشغولة فقط بالحوارات مع وسائل الإعلام الأجنبية تاركة إعلام مصر لله يتولى أمره بين ظن وبقين ان لدينا وزارة سياحة تخطط لموسم شتوى ناجح بعدما فشلت فى الترويج لنفسها صيفاً وزحف السائحون العرب نحو تركيا الآمنة المطمئنة التى لا تعانى إرهابا ولا انهياراً اقتصاديا !!! هى تعانى كل شئ فى الحقيقة، ولكن إعلامها الذى يعى جيدا تأثير مثل تلك العبارات يجمل الحقائق ويزور الواقع لصالح وطنه لا يكتبها عبر إعلامه.
لكى الله يا مصر