48 عامًا مروا على رحيل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ما بين حملات تشويه متعمدة من تيارات وجهات خبأت في نفسها سيل من الغل والحقد على زعيم الأمة ومؤسس مشروع "القومية العربية"، إلا أن ذكراه ظلت عالقة في أذهان المصريين، يحملون له كل مشاعر الحب والتقدير.
لن يكون الأمر مدهشا عندما تذهب لمدفنه لتجده مزدحما بالعشرات الذين يحملون صوره ولافتات تعبر عن مدى حبهم له، فهو يمثل بالنسبة لهم الرمز والوطن الذي حرر مصر من الاحتلال الإنجليزي والتركي، الذي طالما استولى على ثروات الشعب الذي عاش فقيرا وهو يمتلك ثروات طائلة.
ما زالت خطابات الزعيم الراحل حاضرة في أذهان زائري ضريحه في ذكرى رحيله، يتذكرون تلك الـ"كاريزما" التي كان يمتلكها، وأثرت على وجدان الجماهير العريضة التي كانت تنتظر خطابه وتتجمع أمام الراديو والتليفزيون، للهتاف والتصفيق للقائد الباسل الذي أعاد للمصري كرامته وأعاد لمصر شخصيتها المستقلة.
"وحشتنا طلة عينيك.. ووحشنا صوتك.. يا اللي الغلابة في بلدنا اتيتموا يوم موتك".. كانت هذه كلمات كتبها مسن على لافتة حملها بين يديه أمام مدفن الزعيم الراحل، معبرا عن فقدانه للأب الروحي للمصريين، والذي اعتبر كل كلمة كان يقولها في خطاباته تحمل نصائح وتحذيرات وحنية الأب، حتى أنهم يتذكرون نظرة عينيه وطريقته في إلقاء الخطب التي اتسمت بالقوة والثقة بالنفس.
"قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية".. ذلك الخطاب الذي هتفت معه جموع المصريين والعرب والذي اعتبره العالم العربي ردا لكرامة الأمة، بعد أن ثأر لهم وساعدهم في ثوراتهم ضد الاحتلال.
لم يكن خطاب التأميم هو الوحيد الذي عزف على قلوب المصريين، فقد جاءت قراراته الإصلاحية معبرة عن جموع الفلاحين الفقراء، فكان يستحق بجدارة لقب "رئيس الغلابة".
حتى في وقت الهزيمة لم يتخلى الشعب المصري عن قائده الجريح، وجاء خطابه الذي تحمل فيه المسئولية كاملة معلنا تنحيه عن رئاسة البلاد، لتزداد ثقة الجماهير فيه، خارجين للشوارع والميادين رافضين قراره ومعلنين مساندتهم له، لتأتي جنازته في 29 سبتمبر 1970، لتكون أعظم جنازة حدثت لرئيس جمهورية عربي.