«تيران وصنافير».. أزمة الجزر بين سندان القضاء ومطرقة البرلمان
أثار الحكم القضائي الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري اليوم بمجلس الدولة والخاص ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، حالة من الجدل بين سياسيين والإعلاميين والقانونيين حول الجهة صاحبة الكلمة العليا في قرار «الجزر» بعضهم يؤكد أن القرار سيادي ولا دخل للقضاء أو مجلس النواب به، وفريق ثاني يزعم أن القضاء هو الأصل في القضية ولابد من حكمه، وثالث يقول: «إن البرلمان هو سيد الموقف».
ترصد «أهل مصر» جزء من حالة الخلاف الدائرة بين الفرق الثلاثة، وأي منهما صاحب القرار في قضية الجزر.
الاتفاقية «سيادية» ولا دخل لها بالقضاء
الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، يقول إن «اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية تعد من الاتفاقيات السياسية التي تخرج عن رقابة أي قضاء في مصر حتى المحكمة الدستورية العليا».
وأضاف «سلامة»، في تصريحات صحفية عقب القرار مباشرة أمس الثلاثاء، أن «المعاهدات والاتفاقيات السياسية تعد من أعمال السيادة التي تكون فيها الدولة سلطة حكم وليس سلطة إدارة، فضلًا عن أن القضاء في مصر إن جاز له الرقابة فلا يراقب إلا سلامة الإجراءات والشكليات التي قامت بها الحكومة حين تفاوضت ووقعت الاتفاقية».
وأوضح أستاذ القانون الدولي أنه «لا يوجد في القانون الدولي أو في الدستور المصري موجب أي التزام على الحكومة المصرية بإحالة أي معاهدة أو اتفاقية دولية في أجل زمني محدد، فضلًا عن أن الحكومة لها السلطة التقديرية في تكييف الوقت والظرف المناسبين لإحالة الاتفاقية، التي لم يكشف عن أي نص أو بند من بنودها سواء للرأي العام أو حتى لمجلس النواب، حتى يقوم المجلس بالترخيص وقبول الاتفاقية».
وبحسب خبراء القانون، فإن القضاء الإداري أقحم نفسه في أعمال السيادة، كما وضع نفسه في مواجهة البرلمان حيث مازال البرلمان يدرس الاتفاقية تمهيدا للتصديق عليها أو رفضها، وهو ما يضع السلطة التشريعية في مواجهة السلطة القضائية، حيث مارس القضاء الإداري أعمال البرلمان بقبول نظر الدعوى وإصدار حكم ببطلان الاتفاقية قبل صدور قرار البرلمان فيها، واعتبارها سارية بحكم الدستور الذي نص على موافقه البرلمان على نص الاتفاقية.
من جهته قال النائب مصطفى بكري: إن محكمة القضاء الإداري خالفت المادة 151 من الدستور، والتي تنص على أن رئيس الجمهورية يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، كما أن الحكم صدر من محكمة غير مختصة، لأن القانون يحرم على القضاء الإداري التعرض لأعمال السيادة ومنها الاتفاقات الدولية والعلاقات الدبلوماسية.
وتنص المادة (11) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أنه لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة، كما جاء في قرار للمحكمة الدستورية العليا صدر بتاريخ 6/6/1998، ذهبت فيه إلى الحكم برفض الدعوى لعدم دستورية نص المادة (17) من قانون السلطة القضائية فيما تضمنه من عدم جواز النظر قضائيًا في أعمال السيادة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ذلك أن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعية هذه الأعمال لا تتهيأ للسلطة القضائية بكل أفرعها.
«البرلمان» هو من يقرر مصير اتفاقية الجزر وفقًا للدستور
أكد عدد من أعضاء مجلس النواب، أن البرلمان المصري هو صاحب الكلمة في توقيع اتفاقية إعادة تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وذلك بعدما قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، اليوم الثلاثاء، ببطلان الاتفاقية.
وأضاف النواب أنه لا تعليق على أحكام القضاء، ولكن لابد من إرسال الخرائط والوثائق إلى البرلمان المصري للاطلاع على حقيقة الأمر علمًا بأن القضاء حكم طبقا للمستندات المقدمة إليه.
وقال النائب محمد صلاح خليفة نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور والمتحدث باسمها، إنه لا تعليق على أحكام القضاء، مشيرًا إلى أن مجلس النواب سيقرر النظر في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية في ضوء المادة 151 من الدستور.
وأوضح خليفة، في بيان للحزب، أن هذه المادة منحت مجلس النواب مراجعة هذه الاتفاقيات ومدى موافقتها للدستور من عدمه وهل تحتاج إلى استفتاء شعبي كما في حالات معاهدات الصلح والتحالفات وأعمال السيادة أم أنها تحتاج إلى موافقة عادية.
وفى الأثناء، قالت مارجريت عازر، عضو مجلس النواب، إن البرلمان هو صاحب القرار والكلمة في اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية الخاصة بجزيرتي "تيران وصنافير"، وهذا لا يعنى التعقيب على أحكام القضاء المصري، لأن المجلس منوط به أن يدلى بدلوه في هذه الاتفاقية وهذا حق أصيل من حقوقه.
القضاء هو صاحب الكلمة الأخيرة
أكد الدكتور نور فرحات الفقيه الدستور، أن حكم القضاء الإداري واجب التنفيذ، مشيرًا إلى أن تكون المحكمة قد استندت في حكمها على المادة 151 من الدستور الذي ينص على عدم جواز التنازل عن أي أرض مصرية، وعليه اعتبرت الجزر مصرية وفقا للمستندات التي قدمها هيئة الدفاع وقت بهذا الحكم".
وأوضح فرحات أن الحكم صحيح وواجب التنفيذ، مشيرًا إلى أن أول خطوات تترتب عليه هو عدم عرضه على البرلمان لمناقشته؛ لأنه لا يجوز مناقشة قوانين قضت المحكمة بإلغائها لعدم جوازها.