لم يصدق سكان شارع سوق الجمهورية، الهادئ بمنطقة النهضة ما حدث لجارتهم الطيبة »عبير« التي يلقبها البعض بـ«أم دنيا»، أقدمت على الانتحار برفقة ابنتها «دنيا» من الطابق الخامس، لتصعد روحها الطاهرة إلى بارئها تشكو له ظلم زوجها، بينما ترقد ابنتها في المستشفى.
الواقعة التي أفجعت سكان الشارع الهادئ، تعود تفاصيلها عندما تلقى اللواء أشرف الجندي مدير مباحث العاصمة إخطارًا، مفاده تلقيه بلاغاً من الأهالي بسقوط سيدة وابنتها من أعلى عقار سكني، وعلى الفور انتقلت قوة أمنية إلى مكان الواقعة، وعثرت على جثة سيدة تدعى عبير يوسف، 43 سنة، وابنتها دينا، 12 سنة، مصابة وتم نقلهم للمستشفى. ودلت التحريات أن السيدة وابنتها قامتا بإلقاء نفسيهما من أعلى العقار بسبب سوء معاملة زوج الأولى ووالد الثانية، وأن الزوج يدعى «عبدالنبي. أ» مدمن مخدرات ودائم التعدي على زوجته وابنته بالضرب، وفي يوم الحادث ألقا نفسيهما للهرب منه.
«أهل مصر» انتقلت إلى الشارع الذي شهد الواقعة المأساوية، ليروي لنا سكانه ما حدث لجارتهم، وكيف حول زوجها المدمن حياتها لجحيم لتنهي حياتها بيدها في النهاية.
في البداية يقول «أيمن» أحد شهود العيان: «كنت جالس أنا وأصدقائي في المقهى أسفل العقار الذي تسكن فيه جارتي عبير وزوجها عبد النبي، وسمعنا صوت مشاجرة بينهم وصراخ فصعدت أنا والجيران إلى شقتهم وقمنا بتهدئتهم وفض المشاجرة وبعدها نزلت إلى المقهى مرة أخرى وبعد مرور قرابة نصف ساعة سمعنا صوت ارتطام قوي بالأرض وصراخ، وعندما استطلعت الأمر وجدت دينا ابنة عبير قفزت من الطابق الخامس ولكنها سقطت في بلكون أسفل شقتهم وقمنا بحملها إلى المستشفى، وعندما رجعنا فوجئنا بوالدتها تقفز هي الأخرى من الطابق الخامس ووجدتها ممدة على الأرض والدماء تنزف منها بغزارة».
يضيف شاهد العيان: «الست عبير ماتت في مكانها ووجدنا زوجها عبدالنبي يقف فوق جثتها ويبكي بحرارة على الرغم من أنه كان دائم التعدي عليها بالضرب»، يصمت لدقائق ثم يستطرد: «الله يرحمك يا ست عبير استحملتي كتير وصبرتي على جوزك وفي الآخر انتحرت بسببه».
على مقربة من «أيمن» تجلس «أم يوسف» 41 عاماً، تروي ما حدث قائلة: «كنت صاحبت عبير وكانت تحكي لي دائما عن معاناتها مع زوجها عبدالنبي وأنه يعتدي عليها بالضرب يومياً ويعذبها ويأخذ ما بحوزتها من أموال للإنفاق على شراء».
تضيف «أم يوسف» أن المجني عليها كانت تعين زوجها وتساعده في مشاغل الدنيا بغض النظر عن المعاملة السيئة التي كانت تتعرض لها وتتحمله بكل ما فيه. تستطرد: «جوزها كان محبوس 7 سنين»، ومع ذلك لم تتركه خوفاً منه ومن تشتت حياة ابنتها عند الطلاق.
تتذكر «أم يوسف» أنها في ذات مرة ذهبت «عبير» إلى منزل والدها تعباً من مشاغل ومعاملة زوجها، وعند عودته من العمل لم يجد زوجته، فاتصل بها يهددها قائلا: «إذا مرجعتيش البيت هخطف أولاد أخوكي وأذبح واحد منهم». تضيف: الزوج كانت سمعته سيئة في المنطقة ودائم التعدي عليها وسرقة أموالها التي تكتسبها من بيع الحلويات والسلع الغذائية من الكشك التي أعطته الدولة لزوجها.
تستعيد «أم يوسف» ذكريات اللحظات الأخيرة في حياة القتيلة، فتقول: قبل انتحارها بأيام كانت دورية أمنية تمر بالمنطقة فقامت الزوجة بتنبيه زوجها وتحذيره بالابتعاد عن المنطقة خاصة أنه صادر ضده حكمًا في قضية مخدرات ولو كانت تعلم ما سيحدث لها بسبب زوجها لتركتهم يأخذوه.
على مقربة من منزل «عبير» القتيلة، يعمل «عزت» في محل الحلاقة الخاص به، يقول: «زوج المجني عليها، صاحب كشك، يتعامل مع أهل المنطقة بشكل سيئ وكان الجميع يكرهه بسبب فظاظته في التعامل معهم، وأنهم كانوا يعلمون بأنه يتعاطى كافة أنواع المخدرات وخاصة الأقراص وكانوا معتادين على سماع مشاجراته مع زوجته الطيبة يوميا».
ويتابع «عزت»: «الزوج كان لديه كشك أسفل العقار الذي يقطن به وقام بفتحه بعد تعرضه لحادث سيارة منذ سنوات وأصيب بالعجز وكانت زوجته عبير تعاونه في الوقوف في الكشك».