سجلات حرب أكتوبر 1973 تضم العديد من الأبطال المنسيين، أحدهم كان أحمد فرج بندق، ابن قرية دنوشر مركز المحلة الكبرى، والذي شهد النكسة وشهد النصر وشارك في معركة الثغرة، حيث كانت له بطولة في "الدفرسوار"، وكان من أفضل الرمالة في المدفعية المصرية، وحصل على نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى تقديرًا لشجاعته وتدميره 19 دبابة للعدو، وفق تقرير لـ"المجموعة 73 مؤرخين".
انضم البطل "بندق" إلى القوات المسلحة في يوم 5 مايو 1965 قبل النكسة بعامين، ضمن الكتيبة 288 مدرع من اللواء 12 مشاة الفرقة الثانية، يروي الجندي البطل وفق ما جاء على موقع "المجموعة 73 مؤرخين": "في أكتوبر 1973 وجدنا تحركات غير عادية وقوارب تخرج من العربات، وعندما نسأل يقال لنا هذا مشروع الجيش في مخيلتي اعتقدت بوجود عمليات قريبة قادمة وكنا نتحاور في ذلك.
ويواصل روايته عن الحرب فيقول: "ليلًا كنا نرى عند خدمتنا معدات الكباري ومعدات القوارب كنا نعتقد أنه سيحدث شيء وأقسمت أنه ستحدث عمليات وأرسلت خطاب وصية أنه عند وفاتي كذا وكذا وكذا، ثم علمنا بموعد الحرب قبل موعدها بربع ساعة في الساعة الثانية بالضبط وجدنا قائد الكتيبة يجمعنا ويبلغنا المعلومات.. وفي الثانية والربع كان كل فرد في حفرته البرميلية، ووجدنا الطيران المصري من فوقنا وسط صيحات الله أكبر الله أكبر وبدأ توالي البيانات فَزِدْنا إصرارًا وقوة وارتفعت روحنا المعنوية الجميع يريد الدخول في القتال".
لحظات العبور لا يمكن أن ينساها "بندق" فيقول: "بدأ العبور بعد مرور ربع ساعة من هجوم الطيران واستمرت المعركة وكنا جاهزين في أي لحظة لأن مهمتنا كانت هي تطوير الهجوم من قبل حدوث الثغرة بأسبوع، خلال تلك الفترة لم تحدث علينا أي غارات اسرائيلية، فقد كان الطيران المصري والدفاع الجوي هم سادة السماء فوقنا ولم يظهر أي تواجد للطيران المعادي، وفجأة يوم 18 أكتوبر كنا نعتقد أننا سنتحرك إلى القناة للعبور للمنطقة الشرقية، إذ بنا نتحرك إلى منطقة الدفرسوار، لم نكن نعلم بدخول شارون وكانت المعلومات التي تصلنا أنهم 5 أو 6 دبابات فقط للعدو ولكن عرفنا بالثغرة بعد أن ظهرت الخسائر، ولم نكن نعرف أنه شارون إلا بعد أن قمنا بسد الثغرة وأنه لواء ويقود اللواء الإسرائيلي وكان يستتر في جناين أبوسلطان".
اقرأ أيضًا.. "أوشريا" و"ساع آوي".. تعرف على 7 كلمات تسببت في هزيمة إسرائيل بحرب أكتوبر
يواصل حكايته عن الثغرة، فيقول: "علمنا بحقيقة الثغرة عندما وصلنا لها كانت هناك استراحة لعثمان أحمد عثمان على طريق القاهرة الإسماعيلية (عند محطة الرسوم حاليا) كان يوجد بها المشير أحمد إسماعيل، ولم أعلم بذلك إلا بعد العمليات، كانت تبة عالية تتبع الاستطلاع وقالوا لنا إن العدو أمامكم وسنقوم بالهجوم عليه صباحًا وكان ذلك صباح 19 أكتوبر، فقمنا بالنوم وعند أول ضوء في اليوم الجديد قمنا بتعديل أماكننا وقمت بتجهيز دبابتي تجهيزًا هندسيًا وقمت بإخفائها حيث لا تظهر من سطح الأرض إلا البرج فقط يتحرك، وفي الحادية عشر تقدم إلينا العدو بكميات مهولة من المدرعات وغيرها"
ويضيف: "قمنا بالاشتباك مع العدو، قمت بضرب الشدة كاملة في ساعتين ومن المفترض أن أقوم بضربها خلال 72 ساعة قتال، فنيًا من المفترض أن المدفع (يفرتكني) أنا وطاقم الدبابة كاملًا، لأنه يرتد.. كانت المعركة شديدة واستطعت تدمير عدد كبير من دبابات العدو (وكأني بفقش بيض).. لكن فجأة أصيبت دبابتي خرجت ونظرت حولي وجدت الجبل من حولي قد تهاوى، والطلقة التي جاءت بدبابتي أصابت التنكات والعدد الاحتياطية وجهاز الأشعة تحت الحمراء والجنزير مقطوع".
عاش "بندق" لحظات عصيبة آنذاك فيقول: الضرب حولي في الجبل كان كثيفا جدا، ولكن بتوفيق الله قمت بتدمير 19 دبابة".