تأتي ذكرى حرب أكتوبر المجيدة كل عام لتكشف عن أبطال جدد لم يكن أحد يعلم عنهم شىء، ضحوا بحياتهم من أجل النصر ومن اجل أجيال جديدة تأتي بعدهم لتسير على نفس المنوال .
"عمرو طلبة" شاب مصرى لم يكمل الـ18 عام، جاسوس مصري زرعته المخابرات العامة المصرية في إسرائيل عام 1969 م وحتى إندلاع حرب أكتوبر، وذلك بصفته يهودي مصري يحمل اسم "موشي زكي رافي".
لم يكن أحد يعلم بقصته ‘لى أن تم الكشف لأول مرة عنها من خلال كتاب لأحد ضباط جهاز المخابرات "ماهر عبد الحميد" في كتابه "المفاجأة في أعقاب إنتصار مصر في حرب 1973"، وكان الكتاب موجه إلى رئيس المحكمة العسكرية الإسرائلية بصفته المسئول عن محاكمة كبار القادة العسكريين الإسرائليين بعد الهزيمة.
كان من بين قصص الكتاب قصه بعنوان "شهيد اسمه موشى" وكانت تحكي القصة الحقيقية للجاسوس المصري "عمرو طلبة"، ثم تم عمل مسلسل إذاعي يحمل نفس الاسم من تأليف نفس الكاتب "ماهر عبد الحميد"، وتوالت إذاعته في الإذاعة المصرية خاصة في شهر أكتوبر، ثم تم عمل مسلسل عنه، حمل عنوانه نفس الرقم الكودي لعمرو في العملية، وهو العميل 1001.
في حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وبعد أن عبر جنود مصر قناة السويس وحطموا خط بارليف واستولوا علي نقاطه الحصينة، تفاجئوا بمشهد وقفوا أمامه في حالة من الذهول، حيث جاءت مجموعة من القيادات العسكرية ومعهم رجال من المخابرات وعبروا إلي الضفة الشرقية للقناة وبعد بحث عثروا علي جثمان عريف إسرائيلي قاموا بوضعه في علم مصر وأدوا له التحية العسكرية وقاموا بقراءة الفاتحة ورفعوا أيديهم بالدعاء بالرحمة لصاحب الجثمان، ثم أخذوا الجثمان وانطلقوا إلي القاهرة.
الجثمان كان لبطل من أبطال مصر الشهيد عمرو طلبه رجل من رجال المخابرات المصرية.
كانت المخابرات المصرية قد كلفت من القيادة العسكرية بجمع معلومات عن نقاط خط بارليف الحصينة والقوات الإسرائيلية المتواجدة به وعلي مقربة منه وذلك لأنه أول خط دفاع للعدو الإسرائيلي سيواجه القوات بعد عبور المانع المائي وهو قناة السويس، واستطاعت المخابرات المصرية زرع رجلها "عمرو طلبه" كواحد من أبناء المجتمع الإسرائيلي وجند في جيش الإعتداء الإسرائيلي.
وأكملت المخابرات مهمتها في جعل رجلها في القوات التي تتمركز في خط بارليف، وجمع الرجل المعلومات التي طلبت منه بل وأكثر مما كلف به وكانت حماسة "عمرو" تدفعه إلى معرفة كل شيء عن الجيش الإسرائيلي الذي سيواجهه الجيش المصري وكانت المعلومات تصل تباعا إلي المخابرات المصرية والتي حذرت بطلها وطلبت منه أن يكتفي بحدود المهمة التي كُلف بها حفاظاً علي سلامته.
وكانت الأوامر قد صدرت إلى البطل بأن يغادر موقعه في خط بارليف قبل الساعة الثانية من مساء السادس من أكتوبر، إلا أنه حينما رأي الطائرات المصربة في يوم السادس من أكتوبر تصب نيران غضبها علي مواقع خط بارليف والمواقع المحيطة به، هلل وكبر ونسي الأوامر التي صدرت له بمغادرة المكان وأخذ يوجه الطائرات المصرية من خلال اللاسلكي الي مخازن الذخيرة وعنابر الجنود .
"العدو يفر في كل اتجاه كالفئران المذعورة أهؤلاء الذين قالوا عنهم أنهم لا يقهرون" .... كان يردد من أعماقه "الله أكبر سلمت أيديكم يارجال مصر" ...وفي ظل القتال الضاري الذي يخوضه رجال مصر في كل حصن من حصون خط بارليف، أُصيب البطل ودخل في سكرات الموت وهو ينظر إلي إخوانه جنود مصر يستردون أرض سيناء ويطاردون العدو في كل مكان.
وبإبتسامة الرضا التي طبعت علي وجه البطل ودع الدنيا بعد أن أدي دوره في خدمة بلده وأهله.