مجاهدو سيناء قدمو نماذج مشرفة في البطولات والتضحيات منذ احتلال شبه جزيرة سيناء عام 1967، وحتى تحريرها بعد انتصارات أكتوبر 1973 كما دفعوا ثمنًا كبيرًا في الفترة ما بين نكسة 1967 وحتى 1973.
«عطية حامد أبو عشية» أحد أبناء قبيلة الترابيين بمدينة رأس سدر التابعة لمحافظة جنوب سيناء، وأحد المجاهدين الذين كان لهم دورًا بطوليًا في حرب أكتوبر المجيدة، رحل عن الحياة عن عمر يناهز 92 عامًا، تاركًا لنا ثروة من المعلومات والحكايات التي لا تقدر بثمن عن سيناء منذ احتلالها في 67 وحتى تحريرها في 1973.
يقول «كريم» أحد أبناء الشيخ المجاهدين «عطية»: «إنه عندما حدثت النكسة ترك والدي المزرعة وأخذ زوجتيه أمي وزوجته الثانية وأشقائي وبعض العاملين وذهب بنا لمكان يبعد عن رأس سدر 20 كيلو متر يطلق عليه اسم «الزييته» وعشنا في بيوت شعر قديمة بعيدًا عن ويلات الحرب لحين انتهاء الحرب واستقرار الأمور»، مضيفًا: «لكن بعدها تفاجئ والدي بقدوم عدد من الضباط والجنود المصريين، وكان لا يوجد ما يكفي احتياجات هذا العدد من الطعام والشراب، وطلب أبي من زوجته إحضار المياه والطعام الموجود للقوات، واستضاف أبي قيادات من القوات المسلحة والبسهم لبس البدو حتى لا يتعرف عليهم أحد من الإسرائليين».
ويحكي نجل الشيخ المجاهد: «والدي كان يعمل منسقًا مع الجيش المصري وكان يأخذ تعليمات من المخابرات وينقلها لمعاونيه ويقوم بتنفذها، وكانت المنطقة بين أبو صويرة وحتى حمام فرعون مسئولية والدي، ويقوم بنقل الجنود والضباط والطعام التي تأتي في المراكب ليلا عند حمام فرعون».
وفي واقعة القبض عليه، يقول «كريم»، إنه ألقي القبض عليه فجر أحد الأيام وبرفقته 13 شخصًا من قبليتي «الترابين والعليقات» أثناء ذهابهم إلى منطقة حمام فرعون لاستلام الدقيق والطعام الضباط والجنود المختبئين داخل الجبال، وقتها ألقت القوات الإسرائيلية القبض عليهم وأخذتهم إلى مكتب التحقيقات في رأس سدر للتحقيق معهم، وقالوا في التحقيقات إن الدقيق يأتي من ذويهم في الضفة الغربية لخليج السويس لأن ليس لديهم طعام، وهنا قررت سلطات الاحتلال تخصيص يوم واحد فقط لنقل الطعام والأفراد البدو بين السويس وجنوب سيناء.
كريم أبو عشبة، أكد أن والده كان يقوم بنقل الجنود والطعام بسيارته إلى نقطة بجوار حمام فرعون الذي يطل على خليج السويس، مضيفًا، أن القوات الإسرائيلية ألقت القبض على والده مرة أخرى قبل حرب أكتوبر بتهمة إيواء وتهريب ضباط وجنود مصريين، ومكث خلف القضبان بسجن تل أبيب 6 أشهر، تعرض خلالها للعديد من أنواع التعذيب من أجل الحصول على معلومات ولكن لم تتمكن قوات العدو الصهيوني من الحصول على أي معلومات، بعدها عاد إلى مصر في صفقة لتبادل الأسرى بشرط ألا يعود إلى سيناء.
واستطرد قائلاً: «حصل والدي على نوط الامتياز من الطبقة الأولى من الرئيس الراحل أنور السادات في فبرايرعام 1980، كما حصل على درع لأنه أحد أهم مجاهدي سيناء، كما حصل على نياشين وميداليات تقديرا لمجهوداته في حرب تحرير سيناء».
الحاجة «عزيزة سالم» زوجة المجاهد الراحل «عطية حامد أبو عشبة» تقول: «زوجي كانت مهمته خلال حرب أكتوبر إخفاء الجنود ونقلهم من رأس سدر إلى خليج السويس والعكس، وكان له اثنين يعملان معه الأول اسمه مرشدي وتم تدريبه في سلاح الإشارة لالتقاط وترجمة الإشارات ونقل المعلومات إلى الضباط الموجودين في سيناء، وتم اعتقاله مع زوجي قبل حرب 73، والآخر الشيخ عواد أبو جهامة، وكان قد سقط في اختبار فك الإشارة لكنه كان خبير في إصلاح أجهزة اللاسلكي والأجهزة الحساسة، وكانت هناك مجموعة من البدو من قبليتي الترابين والعليقات تعمل مع المخابرات المصريه لتحرير سيناء».
وتضيف الحاجة «عزيزة»: «كل شخص منا كان له دور في هذا الوقت، كان دوري غسيل ملابس رجال القوات المسلحة ونشرها ليلا حتى لا يراها جنود الاحتلال، وكان زوجي يقوم بنقلها ليلا حيث كان يتجه إلى جبل الزييتة للقاء الضباط ونقل المعلومات وتزويدهم بالطعام ثم يعود فجرًا حتى لا يراه الإسرائيليون».
تواصل: «أما ابني الأكبر سالم، كان يذهب إلى إسرائيل عن طريق فتاة تعرف عليها ويقوم بتصوير ونقل معلومات إلى المخابرات المصرية وظل طوال الـ5 أعوام يقوم بمهمته الناجحة ولم يكتشفه أحد حتى عادت سيناء إلى أحضان مصر».
وطالبت الحاجة «عزيزة» الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن يهديها رحلة حج من أجل زوجها المجاهد وتكريما لها على دورها في إطعام وإخفاء الضباط المصريين.
نقلا عن العدد الورقي.