يشهد هذا الشهر ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، أو "حرب العاشر من رمضان"، وهى ذكري النصر والانتصار العربي على العدوان الإسرائيلي، وهي من أعظم الأحداث في التاريخ المصري الحديث، والتي تجعلنا على علم بقوة وبسالة الجندي المصري وقدرته على تحقيق النصر والدفاع عن بلدة ضد كل عدوان وتحت كل الظروف والضغوط، فقد تمكن الجنود من القضاء على أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، والتي ابتدعها القادة الاسرائيلين أثناء الحرب، وانتهت هذه المعركة العظيمة بتوقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، المستمرة حتى الآن.
من الملاحظ أن السينما المصرية قد تناولت حرب أكتوبر في عدة أفلام بطريقة مباشرة وغير مباشرة مثل "بدور، العمر لحظة، لا يا من كنت حبيبي، الرصاصة لا تزال في جيبي، حتى آخر العمر، أبناء الصمت، أغنية علي الممر"، وقد أكد الناقد الفني " طارق الشناوي"، على أن هذه الأفلام كانت في المجمل أفلام تجارية، حيث قد تم تصوير بعضها في عام 1972، فقاموا صناع الأفلام بوضع أحداث حربية بهدف تجاري فقط، وأن السينما لاتمتلك حتي الآن فيلم لائق وملم بشكل كبير لهذا الحدث العظيم. وهناك بعض الأفلام يمكن القول عنها أنها تناولت بصورة لا بأس بها أحداث الحرب من عدة جوانب.
أفلام الحرب والسلام
الرصاصة لا تزال في جيبي1974
من أهم الأفلام الحربية التي تناولت حرب أكتوبر، يجسد الفيلم شخصية الجندي المصري الشجاع والمخلص والمضحي لبلده، فتدور أحداثه حول شاب مصري قد عانى كثيرًا في حياته، وكاد أن يفقد حبيبته كلها بسبب مدعين البطولة، وشارك في حرب الاستنزاف وأحداث حرب أكتوبر وعاد منتصرًا، ليتزوج منها، وبذلك نجد أن الفيلم قد وضح الفكر الاجتماعي وليس فقط السياسي والعسكري في هذه الفترة في البلاد، الفيلم من تمثيل نخبة كبيرة من الفنانين العظماء ومنهم "محمود ياسين، نجوى إبراهيم، يوسف شعبان، حسين فهمي، سعيد صالح، وصلاح السعدني"، الفيلم من إخراج " حسام الدين مصطفي"، وتأليف "إحسان عبدالقدوس".
فيلم أبناء الصمت1974
من أهم الأفلام الذي تناول أحداث حرب الاستنزاف ليس من الناحية العسكرية فقط، بل من الناحية الاجتماعية، وكيف كان الوضع في القاهرة عندما كانت الحرب على أشدها في سيناء والسويس، وتدور أحداث الفيلم حول سرد أحداث الحرب بطريقة غير مباشرة عن طريق بعض الجنود اللذين سافروا إلى القاهرة في إجازة من الخدمة العسكرية، منهم من يلتقي بخطيبته، ومنهم من يلتقي بزوجته وأهله، ويوضح الفيلم الفكر الاجتماعي المختلف في القاهرة والتي كانت شبه معزولة عن تفاعلات الحرب الحقيقية، شارك في هذا الفيلم نخبة من الفنانين منهم "محمود مرسي، محمد صبحي، أحمد زكي، ميرفت أمين، نور الشريف، مديحة كامل، فريدة سيف النصر"، الفيلم من إخراج محمد راضي، وتأليف مجيد طوبيا.
فيلم أغنية على الممر1972
من أهم الأفلام التي تناولت أحداث حرب الاستنزاف والاستعدادات لحرب أكتوبر، جسد الفيلم وقائع حقيقية لمجموعة من الجنود المصريين الذين تم حصارهم أثناء حرب الاستنزاف في وسط سيناء، ويوضح مدى صلابة، وشجاعة الجندي المصري وعدم استسلامه للهزيمة، إيمانا بقدرته على تحقيق النصر، وأعطى الفيلم تعبير وتصوير جيد وواقعي للحالة المعنوية والنفيسة للجندي المصري أثناء حرب الاستنزاف، والفيلم بطولة نخبة من النجوم ومنهم "محمود مرسي، أحمد مرعي، صلاح قابيل، محمود ياسين، مديحة كامل، هالة فاخر"، ومن إخراج علي عبد الخالق، وكتابة مصطفى محرم.
ولكن هل استطاعت السينما المصرية من خلال هذه الافلام أن تنقل وتجسد حقيقة الأحداث في حرب أكتوبر سواء السياسية، العسكرية، أو الاجتماعية؟؟
أكد الناقد الفني طارق الشناوي على أنه لا يوجد فيلم في تاريخ السينما المصرية، أعطى الأحداث حقها، ولم يجسد حقيقة الوضع سواء السياسي أو الاجتماعي أو الحربي، وكل الأفلام الموجودة في ملف السينما المصرية ما هي إلا أفلام تجارية هدفها التربح فقط من ذكر أحداث الحرب، وليس هدفها تخليد هذه الذكري العظيمة.
وهذا يجعلنا نطرح سؤالا هاما، لماذا لا يعمل صناع السينما المصرية على صناعة فيلم يتناول أحداث هذه الفترة بالطريقة التي تليق بها؟؟
والسبب في ذلك ما هو إلا قصور نظر من منتجين وصناع السينما المصرية حاليا، كما أوضح الناقد الفني طارق الشناوي، حيث قال أن المسأل ليست مسألة إنتاج ضخم إذا فرضنا إن هذا هو المانع لصنع عمل فني يلم ويليق بهذه الذكري التاريخية العظيمة، فيمكنهم أن يصنعوا عمل سياسي وليس حربي يحاكي الوضع السياسي والعسكري والاجتماعي أيضا لتلك الفترة، دون الاضطرار إلى دفع مبالغ ضخمة في تجسيد مشهد حربي للجنود في الحرب وخلافه.
ومن هنا نجد أن المانع الحقيقي هو مجرد قصور في النظر لدى المنتجين، ومن هنا نناشد صناع السينما المصرية، بأن يفكروا جديا في صنع هذا العمل الفني العظيم، وأننا في انتظار هذا الفيلم.