استطاعت هدى شعراوي أن تحفر اسمها بحروف من نور في التاريخ فسجلت رحلة نضال لأكثر من 50 عاما، من أجل رفع الظلم عن المرأة والمساواة بينها وبين الرجل لتحمل لقب أول الرائدات اللاتي نادين بتحرير المرأة.
انطلقت رحلة كفاحها من عام 1919 عندما خرجت على رأس مظاهرة نسائية من 300 سيدة مصرية للمناداة بالإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، ومنذ ذلك التاريخ والمرأة المصرية تحتفل بالسادس عشر من مارس، يومًا للمرأة المصرية.
وفي عام 1921 أثناء استقبال المصريين لسعد زغلول، قامت هدى شعراوي بخلع الحجاب علانية أمام الناس وداسته بقدميها مع زميلتها «سيزا نبراوي»، وكتبت تقول في مذكراتها: «ورفعنا النقاب أنا وسيزا نبراوي، وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه، وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافرًا لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيرًا أبدًا لأن كل الناس كانوا متوجهين نحو سعد متشوقين إلى طلعته.
قامت "شعراوي" بتأسيس جمعية باسم «الاتحاد النسائي المصري» بهدف رفع مستوي المرأة الأدبي والاجتماعي للوصول به إلى حد يجعلها مؤهلة للاشتراك مع الرجال في جميع الحقوق والواجبات.
حرصت هدى على حماية المرأة من الظلم الواقع عليها، فطالبت برفع سن الزواج للفتاة إلى 16 سنة على الأقل، وقد تحقق لها ما أرادت عام 1923.
طالبت "شعراوي" بفتح أبواب التعليم العالي للفتيات ومشاركة النساء مع الرجال في حق الانتخاب، وبسن قانون يمنع تعدد الزوجات إلا للضرورة، وأيضًا طالبت برفع الظلم والإهانة اللذان يقعان علي المرأة فيما يدعى بدار الطاعة.
حصدت خلال رحلة حياتها على عدد من الاوسمة الهامة في الدولة تنتمي إلى العهد الملكي وأطلق اسمها على عديد من المؤسسات والمدارس والشوارع في مختلف مدن مصر في حينها.
عاشت بين أسرتها حياة صارمة كانت ابنة محمد سلطان باشا، رئيس المجلس النيابي الأول في مصر، تعلمت في منزل أهلها وكان والدها من الأثرياء بلغت ثروته حوالي 12 ألف فدان، كما أنه كان رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق، حفظت القرآن الكريم في سن التاسعة، وتعلمت الفرنسية والتركية، وكانت تهوى القراءة.
حين توفى والدها كانت في الخامسة في عمرها، وتولى ابن عمها علي باشا شعراوي تربيتها ورعايتها، وكان شخصيته صارمة حازمة، لا يحبذ تعليم البنات، فحرمها من استكمال تعليمها ولكنها بدأت رحلة التمرد لأول مرة في الثالثة عشرة من عمرها على عمها، حين رفضت الزواج من ابن عمها علي شعراوي، الذي يكبر عنها بـ40 عامًا ومتزوج، لكن لم يكن هناك مخرج حينذاك، فأشارت عليها والدتها أن توافق شريطة أن يُطلّق شعراوي زوجته الأولى وتذهب معه إلى القاهرة، وأن ينص على هذا في عقد الزواج، وافقت "هدى" بعد إلحاح من أمها وتمَّ الزفاف في حفل ضخم، ليتغير لقبها بعد الزواج من هدى سلطان إلى هدى شعراوي تقليدًا للغرب، وأنجبت منه "بثينة" و"محمد".
وفي نوفمبر 1947 صدر قرار التقسيم في فلسطين من قبل الأمم المتحدة، توفيت هدي شعرواي، بعد ذلك في 12 ديسمبر 1947، بالسكتة القلبية وهي جالسة تكتب بيانًا في فراش مرضها، تطالب فيه الدول العربية بأن تقف صفًا واحدًا في قضية فلسطين.