يأتي الشتاء ببرودته، ليستقبله البعض بالبهجة والفرح بدخول الفصل الذي ينتظره، إلا أنه في الحقيقة يمثل هذا الفصل عبئا ثقيلا على كاهل الطبقات المتوسطة والفقيرة، التي تحمل العديد من المخاوف من شراء ملابس الشتاء التي تمثل ميزانية كبيرة لا يستطيعوا تحملها مع موجة غلاء الأسعار التي يشهدها السوق والتي تزيد كل عام بنسبة لا تقل عن الـ30 % من العام السابق له .
يحاول المواطن البسيط الخروج من هذه الأزمة باللوجوء لشارع 26 يوليو بوكالة البلح، الشارع الذي تخصص في تجارة الملابس (البالة) أو المستعملة، والذي يضم العديد من المحلات التي تقدم للمواطن ملابس بأسعار متوسطة تتناسب مع ميزانيته، فلم تعد وكالة البلح سوقا لملابس الغلابة فقط بعد اتجه إليها الكثير من أبناء الطبقة المتوسطة، للبحث عن الملابس بأسعار مناسبة .
اتجهت كاميرا "أهل مصر" في جولة ميدانية، بين شوارع وكالة البلح، لمشاهدة وضع سوق الملابس المستعملة وحركة الشراء.
في بداية شارع 26 يوليو، تجد الإستندات مصطفة بطول الشارع وبها جميع أنواع الملابس للأطفال والكبار والرجال والنساء على حد سواء، وتتراوح أسعار البلوفرات والبلوزات ما بين 50 إلى 120 جنيه، أما جواكت أما بلوفرات الأطفال يتراوح سعرها ما بين الـ30 إلى 70 جنيه، فيما بلغت أسعار جواكت الأطفال 75 جنيه و120 جنيه أيضا، والجواكت الحريمي 300 جنيه، والرجالى 280 جنيه.
"الجاكت بـ75 جنيه نعمل إيه تاني عشان تشتروا" .. يصيح أحد الباعة موجها حديثه للمارة، والذي يملك 4 استندات على أحد الأرصفة.
اقتربنا منه لسؤاله عن حركة الشراء، فيقول أن هناك حالة من الركود مع بداية فصل الشتاء هذا العام، موضحا أن الأسعار في بداية الفصل تكون عالية، ولكنه لم يقوم بزيادة الأسعار مثل باقية التجار، حيث أنه يبيع الجاكت للأطفال بـ75 جنيه في حين أن البعض يبيعونه بـ100 و 150 جنيه، كما أنه يبيع البلوفرات بـ50 جنيه.
ويوضح الشاب العشريني الذي تملكه الحزن من ركود السوق في أول الموسم، أنه يقوم بفرز البضاعة ويختار ما يتناسب مع الأسرة المتوسطة، قائلا : "احنا بضاعتنا بتناسب كل الأذواق".
"هنعمل إيه يعني .. الجاكت في وسط البلد أو شبرا بيوصل لـ500 جنيه .. بنيجي نشتريه من الوكالة بـ300 وبرضو شكله حلو وتقيل" .. بهذه الكلمات استهلت سيدة أخرى تعمل موظفة في إحدة المؤسسات الحكومية حديثها لـ"أهل مصر"، أن أسعار الملابس في الوكالة تتناسب مع ميزانيتها، موضحة أن هناك ملابس جيدة وأذواقها عالية، لافتة إلى أنها كانت في السابق كانت تقوم في بداية كل فصل شتاء بالسفر لمدينة بورسعيد لشراء الملابس بأسعار متوسطة، لكنها في السنوات الأخيرة وجدت المحلات في الوكالة تعرض ملابس جيدة تتناسب مع ذوقها وذوق أبناءها، وتناسب جميع طبقات المجتمع .
" اه.. 300 جنيه .. مستغرب ليه؟ .. روح اشترى جديد بـ600 " .. بهذا الجواب الصادم جاء رد البائع على أحد المواطنين الذي اندهش من سعر الجاكت بعد أن اختاره، ليوضح مدى غضبه من ارتفاع الأسعار قائلا : " لما المستعمل بـ300 جنيه .. الجديد بكام ؟ .. الناس الغلابة هتعمل إيه؟" .. صرخة صاح به المواطن الذي استكمل طريقه دون أن يشتري الجاكت الذي اختاره، بعد أن ارتسم على وجهه الحزن والإنكسار أمام هذه الأسعار التي شاهدها في سوق الملابس المستعملة .
"لسة ما ارتحناش من لبس المدارس .. وداخل علينا الشتاء ولازم نجيب للأولاد جواكت" .. وتقول إحدى السيدات التي أوضحت أنها من سكان حي بولاق أبو العلاء، أنها تمر يوميا من شارع بولاق الجديد لتراقب أسعار الجواكت لأبنائها الثلاثة في أعمارهم المختلفة لقضاء فصل الشتاء، لافتة إلى أن الجاكت الواحد لا يقل عن الـ150، وبحسبة صغيرة تتكلف الأسرة 450 جنيه للثلاث أولاد، معبرة عن غضبها من هذا الرقم الذي يتعارض مع ميزانيتها في ظل الكم الهائل من المصاريف الدراسية التي تتكلفها طوال العام الدراسي.
"قلبي يا أبلة .. هتلاقي حاجات حلوة تناسبك " .. هكذا يداعب أحد أصحاب المحلات الزبائن كلما اقتربت منه فتاة تبحث عن شئ مناسب لها، ليؤكد أن الأسعار مناسبة كما أن الملابس التي لديه تناسب جميع الفئات وجميع الفتيات ستجد ما تبحث عنه داخل متجره .