انتشرت في الآونة الأخيرة، وقائع النصب والاحتيال من قبل عاطلين عبر انتحالهم صفة "طبيب"، وافتتاح عيادات غير مرخصة، سعيًا وراء الثراء السريع، وتحقيق أموال طائلة جراء النصب، وتفاقم الأمر في محافظة الفيوم، نظرًا لغياب الرقابة على العيادات وعدم متابعتها، حتى أصبحت أرضًا خصبة للنصابين.
وأحدث كشف حاصل على دبلوم فني ينتحل صفة طبيب مخ وأعصاب، ضجة كبرى في الشارع الفيومي، خصوصًا لدى المرضى الذين كانوا يترددون على عيادته، بعدما أدركوا أنهم كانوا يتعاملون مع نصاب كاد أن يتسبب في قتلهم بدلًا من علاجهم.
"أهل مصر" ترصد وقائع انتحال صفة أطباء بالفيوم، وبدأت الواقعة الأولى في عام 2002، في مركز سنورس، حيث تبيّن وجود عيادة أخصائي مخ وأعصاب تعمل لمدة عام، وأثناء مرور حملة من العلاج الحر لما يجدوا لديه أي مستندات، وبتكثيف التحريات تبين أنه نصاب وينتحل صفة اسم طبيب آخر، كما تبين أنه هارب من عدة قضايا نصب واحتيال آخرها كان بمنطقة كفر الجبل بالهرم ظل يعمل طبيبًا فيها لمدة 4 أعوام رغم أنه حاصل على الابتدائية.
واتضح أنه كان يعمل "سفرجي" في أحد الفنادق الكبرى، واستغل تشابه الأسماء بينه وبين طبيب شهير بالسويس ويعمل بالخارج، فافتتح أكثر من عيادة في محافظات مختلفة، واكتشفت الحملة أنّه كان يُجري عمليات جراحية بمستشفى خاص شهير بالفيوم بدون تخدير، وكل الأدوية التي يصفها للمرضى تتمثل في نوعين فقط وتسببت في وفاة بعض المرضى.
وعلى مدار العام الماضي والجاري، تم ضبط عيادة تخاطب أمام مستشفى الفيوم العام، وبفحصها تبين أن من بداخلها ليس طبيبًا، ولكنه مُعلم، رغم أنه كان يطبع "روشتات" تحمل اسمه، ويصف أدوية طبية للمرضى، وتم القبض عليه وإحالته للنيابة العامة.
كما تم ضبط نصاب أنشأ مركزًا طبيا يسمى "طايع"، للحجامة والعلاج الطبيعي، كما يبيع أعشاب طبية ومستحضرات طبية بها حشرات وغير مسجلة بوزارة الصحة، ومجهولة المصدر ومُصنعة يدويًا، وعليها بيانات مضللة، وأرقام تسجيل وهمية لترويجها على أنها منتجات طبية، وتبين أن الطبيب مزيف وحاصل على دبلوم، وتم مداهمة المركز، ومصادرة الأعشاب والأجهزة التي بداخله.
وقال محمود أحمد جمعة، مدرس مساعد جراحة المخ والأعصاب بكلية الطب بالفيوم،: "عزت المصري نصاب يعمل بالفيوم منذ عام 2016، وكان يتقاضى 200 جنيهًا للكشف، وأن صورة البطاقة التي كان يحملها أكدت نصبه فهي إصدار عام 2015، وعمره 35 عاما ومستحيل يكون في هذا العمر أستاذ دكتور، مُستغربًا خوف العلاج الحر وتركه داخل العيادة والرحيل دون إلقاء القبض عليه بالرغم من وجود قوة من المباحث برفقتهم.
وأشار إلى أنهم علموا منذ عام عن هذا الطبيب بعدما اتصل به الدكتور خالد الباهي أستاذ جراحة المخ والأعصاب بجامعة عين شمس، وسأله هل يعرف عزت المصري أم لا، ورد عليه بأنّه لا يوجد هذا الاسم في جامعة الفيوم أوالقصر العيني أو بني سويف، وعقب ذلك تواصل مع الدكتور محمد اللباد أستاذ مساعد في جامعة الأزهر والذي أكد أنّه لم يكن في جامعة الأزهر، بعد ذلك فوجئ بصاحب معمل تحاليل يُخبره أنّ هذا الشخص مُريب، ويحقن المرضى بالبلازما المضاف إليها خلايا جزعية والـ DNA، كما أنّه يطلب تحاليل غريبة مثل ثنائي الحديدوز، ثم أرسلوا أحد الأطباء يكشف لديه ليتأكدوا هل هو طبيب أو نصاب، ولكنه أكد له أنه نصاب.
وأضاف أنه تواصل مرة أخرى مع دكتور خالد الباهي، وبدوره كسكرتير للجمعية المصرية لجراحين الأعصاب أكد أن هذا الاسم غير مدرج في الجمعية المُقيد بها كافة الاستشاريين، ثم إتصلوا بالدكتور ممدوح راغب نقيب أطباء الفيوم، وشرح له الوضع، وبالتالي بدأت النقابة تبحث عن هذا الشخص في السجلات الفرعية لنقابة الفيوم، وطبعًا لم يكن مُسجلًا، وتم مراسلة النقابة العامة التي أكدت بدورها أنّ هذا الشخص بهذه البيانات غير مسجل بقاعدة بيانات نقابة الأطباء.
وأكد أنه حتى هذه اللحظة لم تكن إدارة العلاج الحر تعلم شيئًا، وبعدها تواصل نقيب الأطباء مع إدارة العلاج الحر بالفيوم لإتخاذ اللازم، كما أنّه إتصل عليهم بشكل ودي وأكّد على ضرورة تواجد المباحث معهم من أجل حبس هذا النصاب، لأنهم إذا ذهبوا له وتركوه سيهرب.
وأشار إلى أنه أبلغ العلاج الحر، وأكدوا أنهم سيقبضوا عليه، ولكنه فوجئ بعدها بنصف ساعة بمكالمة من دكتور ممدوح راغب يخبره أنّ عزت المصري يحمل كارنيه يقول أنه أستاذ مساعد في القصر العيني، وصورة بطاقة، ورغم تأكيده لهم بأنّها مزورة وأنهم لو تركوه سيهرب، إلا أنهم تركوه واختفى بعدها مباشرةً.