أظهرت قضية جمال خاشقجي التنافس الواضح بين تركيا والسعودية على المنطقة، فالأمر يبدو لك وكأن الشغل الشاغل للدولتين هو إظهار الحقيقة أما حقيقة الأمر فتركيا تريد إدانة الرياض بأي شكل للاستفادة من الوضع وإنقاذ اقتصادها المنهار ومحاولة الضغط للمصالحة مع قطر، أما السعودية فتريد إظهار الحقيقة للحفاظ على مخطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن 2030.
اخر اخبار مقتل جمال خاشقي.. ولُعبة المصالح
لعرض تفاصيل قة جمال خاشقجي صعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مدرج البرلمان التركي ليوجه هجوماً مباشراً للسعودية، لكن خطابه كان فارغاً و باهتاً لم يحتوى على عمق ملموس، "زوبعة الفنجان" الذي ابتكرها "اردوغان" ليس سوى للحول على عرض من المملكة لإنقاذ دولته من الإفلاس، وقد حصل بالفعل على عرض، لكن تركيا تريد كل شئ الأموال والمصالحة، وهذا ما لم تقبله السعودية.
على الجانب الآخر دخل محمد بن سلمان بهو القاعة الكبيرة في فندق ريتز كارلتون وسط تصفيقٍ من عشرات مسؤولي شركات النفط التنفيذيين ومصرفيين ورجال أعمال آخرين، قائلاً لكل وضوح "مزيد من الحاضرين هو مزيد من الأموال"، وكأنه يقول بكل وضوح كل من خاطروا للتواجد اليوم في الرياض هم فقط من وقفوا مع المملكة في أزمتها وهم فقط من يستحقون الحصول على فرصة للربح من ثروة السعودية.
ومن هنا تنظر أوروبا وخاصة امريكا على المبارزة بين الدولتين محاولة الحفاظ على تحالف الدولتين، فأموال السعودية والتحالف ضد غيران أهم ما يحتاجه "ترامب"، وبالنسبة لتركيا فتحتاج الإدارة الأمريكية إلى الإبقاء عليها للمحافظة على تحالف مشوه في سوريا، وهنا امريكا في وضع صعب لذا تحاول حث تركيا لتخفيف من وطأة الاتهامات التي ترميها زوراً على السعودية.
أما عن الدول الأوروبية فبعضها انساق وراء مزاعم تركيا لتكوين قوة لإفساد حلم 2030 الذي سيجعل السعودية أكبر قوة اقتصادية في العالم وهذا يهدد بعض مصالح الدول الأوروبية، وآخرون لا يستطيعون المخاطرة بصفقاتهم مع السعودية والاستغناء عن أموالها.
روسيا المستفيدة الأولى من الوضع
بالنسبة لروسيا فإنها تقف على الحياد تماماً فهي حليفة تركيا الأولى في روسيا، وضد السعودية في صراعها مع إيران لكن كما يقال" المصالح بتتصالح" فبوتين كل ما يريده عودة دولة الاتحاد السوفيتي الكبرى وهذا لن يتحقق سوى بالسيطرة والتحالف الكبير مع السعودية، وهنا عرض على "بن سلمان" التعاون لكشف الحقيقة دون الزج بالسلطة السعودية في الأمر، وقابله ولي العهد بالقبول التام أمام االعالم حين صرح في مؤتمر "دافوس الصحراء" الاستثماري بأنه على استعداد كامل بالتعاون النفطي والتجاري الكبير مع روسيا التي أثبتت حسن نوايها في الشرق الأوسط على حسب حديث "بن سلمان"، وقال الديوان الملكي السعودي إنه سيعلن صفقاتٍ بقيمة 50 مليون دولار من المؤتمر مع شركاتٍ مثل هيونداي وهاليبرتون.
واليوم أعلن الكرملين في بيان، اليوم الخميس، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أجرى محادثة هاتفية مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لبحث قضايا الشرق الأوسط، وقضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، إضافة إلى التعاون الثنائي بين البلدين، وتلك رسالة هامة موجهة لواشنطن ودول أوروبية أخرى
خطاب أردوغان كان موجهاً لشخصين فقط
بدا الخطاب الذي ألقاه أردوغان موجهاً في الأساس إلى شخصين: الملك سلمان والد ولي العهد، وترامب، حيث مدح خادم الحرمين الشريفين مرتين استعطافاً لإنقاذ اقتصاده المنهار، والمحافظة على تحالف ترامب الذي يشكل أمراً هاماً له في ذلك الوقت خاصة وأنه غضب واشنطن سابقاً جنى عليه الويلات.
هل ستتخلى امريكا عن "بن سلمان"؟
حاول الديمقراطيون في الكونجرس الضغط على ترامب للتخلي على ولي العهد السعودي بعد قضية مقتل جمال خاشقجي، إلا أن الواشنطن بوست أكدت أن هذا مستبعداً تماماً وأحد أسباب ذلك هو أن جاريد كوشنر صهر ترمب ومستشاره في شؤون الشرق الأوسط بذل جهوداً كبيرة لجعل الأمير محمد بن سلمان يوافق على التقرب من واشنطن، كما أن ترامب لن يسمح بتحقيق حلم "بوتين" في عودة الاتحاد السوفيتي.