تمتلك الإسكندرية العديد من المنشآت والعمائؤ ذات طراز خاص يعود لأكثر من حقبة تاريخية ما بين قلعة قايتباي والمتحف اليوناني والآثار الفرعونية، تكمن قيمة الإسكندرية التي توافرت فيها جميع أنواع الآثار.
ولم يتوقف ثراء الإسكندرية عند المتاحف والقلاع، فكل شبر من أرضها يعد آثر، وكل عمارة عتيقة تعود لأكثر من مائة عام، حيث أن أغلب العمائر في الإسكندرية بنيت على الطراز اليوناني، فهي عادة ما تستخدم الأشكال الهندسية البسيطة، والأعمدة، والجدران الفارغة، ونحت الوجوه والورود وأوراق الأشجار.
وبالرغم من كل هذا الثراء الذي تنعم به مدينة الإسكندرية، إلا أن المستثمرين لم يروا أهمية لكل هذه المنشآت، وينظرون إلى الإسكندرية كمدينة تطل على البحر وضرورة الإستفادة منها عن طريق بناء المنتجعات والكومبوندات.
وفي إطار هذا المخطط الغير مشروع، تأتي جريمة جديدة في حق عمارة من العمائر الآثرية التي تعود لأكثر من 150 عام، "عمارة جون خلاط" .. هي إحدى عمائر شارع "محمود عزمى" رقم 10، بمنطقة "العطارين".
تاريخ العمارة
يعود تاريخ إنشاء العمارة إلى عام 1880، على يد "جون خلاط" أحد التجار اليونانيين الذين عاشوا في الإسكندرية في القرن الـ18 وكونوا تجارة خاصة بهم، وبالتالي قام ببناء هذه العمارة باسمه وهو كأم كان شائع في هذه الفترة الزمنية.
بداية الأزمة
شهدت أزمة هدم العمارة عدة جولات، منذ أن أخلى صاحب العمارة الحالي، العقار من السكان وقام بتهيئها للهدم بعد أن أوحي للجميع أن العقار آيل للسقوط، غير أن الأهالي اؤسلوا خطاب لرئيس هيئة الرقابة الإدارية أكدوا أن الحي أقر عدم جواز هدم العقار رقم 10، إلا أن المهندس المسئول مستمر في أعمال الهدم .
ولكن المهندس استطاع أن يأخذ قرار بهدم وترميم عمارة "جون خلاط" من المركز الذكى لتكنولوجيا المعلومات، التابع لحى وسط المدينة.
يقول أحد سكان منطقة "العطارين"، أن العمارة مشهورة في شارع "طلعت حرب" وهي من ابرز معالم منطقة العطارين، لافتا إلى أنه في الخمسينات والأربعينات سكن الكثير من مشاهير السينما والفن والمسرح في العمارة، مؤكدا أن هدم هذا العقار التاريخي جريمة في حق مدينة الإسكندرية بأكملها .
أن ما حدث يعد فضيحة و مهزلة جديدة بحي وسط بمدينة الإسكندرية، موضحة أنه للوهلة الأولي وعندما تنظر إلى العقار تتأكد من أنه ليس عرضة السقوط و قد ظل جاثما في مكانه لسنوات عديدة منذ العام 1880، موضحة أن عمارة "جون خلاط" كانت ملك لليوناني السويسري چون خلاط حتي وافته المنية عام 1971 و دفن بمدافن اللاتين بالشاطبي.
وأضافت أستاذة الآثار والعمارة، أن أهالي الإسكندرية جمعاء يعرفون بالجهود المضنية لهدم العقار الأثري المميز ذو الطراز الفريد منذ العام 2002، و لسوء حظنا و سوء حظ مدينتنا أن استطاع مقاول ما إخراج العقار من قائمة التراث العقاري للمدينة، و استصدار قرارات بالهدم و الترميم، غالبا من القاهرة، لتشهد المدينة فجيعة فقد واحدا من أهم مبانيها الأثرية و التراثية و الواقع في منطقة شديدة الحساسية لأن كل مبانيها أثرية و تراثية و قد تتضرر المباني بشدة إذا امتدت يد التخريب و طالت أي منها و ستتساقط واحدا تلو الأخر مثل مربعات الدومينو.
وتابعت "هبة" في حديثها لـ"أهل مصر" إن أقل تفصيلة من تفاصيل هذا العقار الفسيح لا يمكن لمائة من المقاولين المجتمعين أن يعيدوها أو ينشأوا أي شكل علي شاكلتها أو حتي ما يضاهيها من بعيد أو قريب، موضحة أن الأبواب و الشبابيك الخشبية العتيقة ذات الأنماط الفنية و العناصر الجمالية المميزة غالبا سيتم بيعها بأسعار باهظة و تهريبها خارج البلاد، والإفريزات المزينة و الكورنيشات المنحوتة و وجه الفتاة الذي كان تحج إليه الوفود لتجتمع تحته لتصويره لشدة جماله و انفراده، والبلكونة المعدنية الزرقاء و الباب الخشبي الأحمر الكبير بسلسلته و ورداته و شراعاته و السلالم الرخامية و طاقة السلام و السكون و الجمال التي كانت تسيطر علي المكان، كل هذا مهدد بالهدم لإرضاء ذوق من لا ذوق لهم و رداءة ثقافة من لا ثقافة لهم و سوء تعليم من لم يرتادوا حتي الكتاتيب، لتنتفض الإسكندرية فما تبقي ليس بقدر و كم ما استطاعوا الاستيلاء عليه و هدمه