لم يدرك «خالد أ» 52 عامًا قهوجي مصر القديمة، أن السطور الأخيرة في حياة نجله المعاق ذهنيًا سوف يكتبها بيده، بعد أن ضاق به الحال لعدم قدرته على الإنفاق على علاجه، فوضع خطته الآثمة ثم قرر أن يتخلص منه بعد تعرضه لضغوط حياتيه شديدة وكثرة الديون عليه.
كل شيء يبدو مثاليًا لارتكاب الجريمة التي اختمرت في ذه «خالد»، ليبدأ في التنفيذ، ومع كثرة صراخ نجله المعاق في منزله ألقى بابنه على الأرض، وكونه مصابًا بمرض العظم الزجاجي توفي في الحال، الأمر الذي أصابه بحالة خوف وهلع، وخشية من افتضاح أمره أقدم على تغليف الجثة بأكياس بلاستيكية وبنى مصطبة أسمنتية باستخدام الطوب ووضع الجثة بداخلها وردمها عليه، وأخذ يتردد على تلك الغرفة يومًا تلو الآخر، إلى أن خطرت في ذهنه أن يتركها، ويفر هاربًا من المنطقة، بعد أن أخفى كل أدوات الجريمة التي ارتكبها.
بعد 8 شهور على الجريمة البشعة، قدم شابين لاستجار الغرفة، وفي أول يوم لسكانهما، قاما بتنظيفها وأثناء ذلك، عثروا علي كيس أسود به رأس شاب وعظام محللة، الصدمة أمتلكتهم وانتابتهم حالة من الخوف، وأسرعوا بإبلاغ صاحب الغرفة ويدعي «رمضان أبو سنة».
«أهل مصر» علمت بالواقعة والتي ذاع صيتها بمنطقة الجيارة بمصر القديمة، التابعة لمحافظة القاهرة، وانتقلت للوقوف على أسباب الحادث، ولمعرفة لماذا قتل الأب ابنه المعجزة؟.
«الشاب ده بركة من ربنا».. قالها مجدي رمضان صاحب العقار والشاهد على الواقعة منذ أن عثر على جثة الشاب، ليروي لـ«أهل مصر»: «بقاله 23 سنة عايش الناس كلها كانت بتحبه، وكان حافظ للقرآن الكريم كله لأنه بيسمع محطة الإذاعة فحفظ آيات من كتاب ربنا». يضيف «رمضان» أن المتهم أجر الغرفة منذ ما يقرب من 6 شهور وكان برفقته نجله أحمد الشاب المعاق، كان يرعاه ويخدمه ولكن بعد فترة اختفى الطفل، وعندما سألناه قال إن نجله كان في مستشفى القصر العيني وتوفى ودفنته في البلد، ثم ترك الغرفة وغادر وكان كل من يؤجرها بعده يجد الرائحة الكريهة فيقوم برش معطر لكثرتها.
وتابع «رمضان» أن هذه الغرفة أجرت لثلاثة أشخاص في الفترة الأخيرة، منها عامل في مقهى يدعى «محمد»، وبعده شاب يدعى مصطفى وآخرهم شابين مغتربين من الصعيد، الذين اكتشفوا الجريمة عندما كانوا يقومون بتنظيف الغرفة وانبعثت منها رائحة كريهة، فبدأوا بالتفتيش عنها حتى توصلوا إلى هدم المصطبة داخل الغرفة التي كانت عبارة عن طوب أحمر وأسمنت وأسفلها رمال، فوجدوا عظام وهيكل إنسان، فأبلغوني وعلى الفور أبلغت رجال المباحث.
بينما قال «إسلام» أحد جيران الضحية ومكتشف الجريمة إن القهوجي كتب نهايته بيده بعد أن تجرد من كل مشاعر الأبوة، وقتل ابنه ودفنه تحت «مصطبة أسمنتية» داخل الغرفة.. «ده كان مصدر رزقه ويدخله الجنة لو كان اهتم بيه مش يقتله».
وأضاف «إسلام» أنه بدأ في اكتشاف جريمته بعد 6 شهور من استئجار تلك الغرفة، عندما كانت الرائحة الكريهة تنتشر في المكان، وظن المستأجرين بوجود جثة داخل المكان، وعلى الفور تم إبلاغ مباحث قسم مصر القديمة، بالعثور على جثة شاب متحللة منذ شهرين أسفل مصطبة أسمنية في منطقة الجيارة.
وانتقلت الأجهزة الأمنية إلى مكان الواقعة، وبالفحص والتحري، تبين أن قهوجي استأجر الغرفة منذ فترة، وهو وراء قتل ابنه المعاق والمصاب بضمور في العضلات، وخشية من افتضاح أمره، أقام مصطبة خرسانية ودفن فيها الضحية.
وبعد ساعات من العثور على جثة نجله المعاق ذهنيًا، تمكن رجال المباحث من القبض على المتهم في منطقة عين شمس عن طريق الهاتف المحمول.
«أنا ممكن أموت في لحظة بحكم كبر سني وخوفت يتبهدل من بعدي».. كلمات جائت على لسان المتهم «خالد أ» 52 عامًا قهوجي، في اعترافاته أمام النيابة بقتل ابنه المعاق ذهنيا، مضيفًا: «ابني كان مصاب بالعظم الزجاجى ومن شدة الضغوط الحياتية بعد أن فاض به الكيل أصابتني نوبة عصبية وموته ودفنته».
وتابع المتهم: «أحمد ابني كان بيعاني من إعاقة ذهنية في الفترة اللي انفصلت بيها عن والدته من 20 سنة وهو اللي كان رفيقي في الحياة وكنت عايش معاه على أمل أن يشفيه ربنا في يوم من الأيام لكن علاجه كان غالي ومكنتش قادر علي تكاليفه والديون كترت عليا».
وواصل المتهم اعترافاته: «أنا عندي 50 سنة ومستني قضاء ربنا وكان لازم أتخلص منه عشان أرتاح وهو كمان يرتاح لأن مين هيعيش معاه».
حُرر المحضر اللازم بالواقعة، العرض على النيابة للتحقيق والتي أمرت بإرسال العظام المحللة لمصلحة الطب الشرعي وإعداد تقرير حولها، وكلفت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة بسرعة التحريات حول الواقعة.
نقلا عن العدد الورقي.