أثناء مرورك في حديقة الجزيرة أسفل كوبري قصر النيل أمام دار الأوبرا المصرية، تجدها مُمتلئة بالحبيبة، والأسر التي خرجت لتنزه أطفالها وسط الأشجار والنباتات الطبيعية، بالإضافة إلي العديد من المراكب النيلية التي تشع الأنوار بمختلف الألوان وكأنها لؤلؤ يطفؤ علي صفاف النيل فتشاهد عينك لوحة فنية رائعة مُكتملة الأركان تبث في النفوس روح البهجة، وإذا تجولت مرارًا ترى ما يثير دهشتك ويستوقفك وربما يصل الأمر بك لحالة من الذعر والخوف، فإذا برجل خمسيني متجولاً في كافة أرجاء المكان يحمل على كتفيه ثعبان ضخم وكاميرا ماركة نيكون يعرض على المواطنين بالحديقة التقاط صورًا تذكارية مع الثعبان مقابل مبلغ من المال.
"اتصور مع الثعبان وماتخفش".. تلك هي العبارة التى يرددها على المتواجدين في الحديقة أو ركاب المراكب النيلية، من أجل أن يلتقط الصورة ويسلمها لهم في وقت قياسي يُقدره ببعضة دقائق قبل انتهاء رحلتهم ونزهتهم بقيمة تتراوح من 20 إلي 25 جنيه، وتختلف الأسعار من ذبون لأخر، وبعد أمتار قليل تجد نفس المشهد متكررًا مع رجل آخر يحمل أيضًا ثعبان ويجاوره طفل في العقد الثاني من عمره يبدو أنه ابنه ويفعل ما يقوم به نظيره مع الزوار.
مصور يعرض على المواطنين صور تذكارية مع الثعبان في حديقة الجزيرة
وعند الاقتراب من أحدهما للحديث معه عن امتهانه هذا العمل، وما السر الذي دفعه لفعل ذلك وكسب رزقه علي الثعابين، ومدى السلامة والآمان للمواطنين فحال تصويره لهما حاملين الثعبان، يرفض محاولآ التهرب مما تقول وعلى وجه تعبيرات خوف وقلق.
وباستجواب أكثر من شخص من العاملين في حديقة الجزيرة حول الرجلين حاملين الثعابين، فقد أفادت أحد العمال رافضًا ذكر اسمه، بأن الحديقة تابعة لمحافظة القاهرة، بخصوص حامل الثعبان فهو مترددًا عليها منذ سنتين ويدفع إيجار للحي أو المحافظة نظير تركه ممارسة عمله، على حد قوله.
وأشار إلي وجود إستديو تصوير في أخر الحديقة يجلس فيه مصور الثعبان من آن لآخر يستخرج الصور للأشخاص في نصف ساعة أو أقل من التقاطها، وأنهم معهم تصريح رسمي من الجهة المختصة بالحي، مضيفًا أن ينتدب كل فترة زمنية تقدر بحوالي شهرين أو ثلاثة طبيب بيطري ترسله المحافظة للكشف على الثعابين لضمان السلامة والصحة حتي لا يضر أحد أو تعرض حياته للخطر، كما أن الثعبان "أناكوندا" وهي فصيلة من فصائل البوءات أي الثعابين كبيرة الحجم التي يصل طولها إلي 6 أمتار ومنزوع السموم منها فلا توجد خطورة لها.
اقرأ أيضًا.. بقرة تتسبب في إنقاذ امرأة من الموت بعد 6 أيام في الصحراء
وفي السياق ذاته، أعرب أن الإقبال في الأعياد والمناسبات يكون كثيرًا على مصور الثعبان نتيجة وجود العديد من الزوار للحديقة من مختلف محافظات الجمهورية، محبي المغامرة الذين يريدون التصوير مع الثعبان كنوع من المتعة والاختلاف، وقبل التصوير يتم توضيح لهم مدي الآمان لحياتهم، بخير مثال ودليل وهو حمل الرجل نفسه للثعبان أو لمن يجاوره وهو الطفل الذي تحدثنا عنه في السطور الماضية، لتكون ذلك إشارة واضحة لعدم إلحاق أحد بالضرر كما يقول، بينما يقل الإقبال في الأيام العادية، أو ينعدم في الشتاء وهو أمر طبيعي لاختلاف مواسم السنة، فيبحث حامل الثعبان وقتها على عمل آخر لمواكبة حياته وكسب لقمة عيشه.
وفي النهاية اختتم أحد العمال حديثه قائلاً مصورين الثعابين ليست في حديقة الجزيرة فقط، بل يتجولون في معظم الحدائق المحيطة بكورنيش النيل، بالإضافة إلي تجولهم في متنزهات أخري بعدة منطقة، مؤكدًا لم يحدث حتى الآن لأحد مشكلة أو يصاب شخص، معلقًا "كله في السليم".