يخرج كل صباح باكر، يحمل على دراجته البخارية (ترو سيكل) قدرتين من الفول، يتجه إلى القرى المجاورة لقريته فى سوهاج، وبرفقته بعض الأكياس الصغيرة من اللون الأبيض، ليبيع فيها، وجركن من الماء يشرب منه كلما اشتد عليه العطش.
عبد الرحمن عمل بائع فول بعد إنهاء دراسته وحصوله على دبلوم فنى تجارى.. لم يجلس كغيره من الشباب فى المنازل، واختار أن يبيع الفول مجولا وسط الشوارع من الصباح الباكر وحتى منتصف اليوم، حتى ما ينفد ما لديه من بضاعة، وغالبا ما يعود في منتصف الليل؛ ليستيقظ في الصباح الباكر.
وعن سبب اختيار تلك المهنة قال عبدالرحمن إنه اختارها لأنها دائمة مقارنة بغيرها، ودخلها شبه ثابت يوميا، فلا يمكن أن يخرج يوما ويعود بالبضاعة، ولكن قد يعود بالقليل منها، ويكرمه الله، ويحصل على المال الذى يمكنه من الذهاب ليلا إلى البقال لشراء مونة الغد من الفول، فقد يحصل على 100 جنيه أو 150 أو أكثر من ذلك يوميا، ويكون له صافى الربح على الأقل 50 جنيها، وهذا مُرْضٍ له تماما.
ويستطرد فى حديثة قائلا: أقوم بشراء الفول ووضعه على القدرة ليلا لساعات طويلة حتى ينضج، مؤكدا أنه لا يضيف أى مواد تساعده على سرعة الطهى كما يقول الناس، ولكن يمكن أن يضيف بعض العدس أو الطماطم لا أكثر، على حد قوله.
وأكد أنه يوفر المبالغ التي يحصل عليها لتكوين نفسه وبناء شقة فى منزل والده الفلاح البسيط، بالإضافة إلى أنه يساعد والديه فى بعض مصاريف المنزل؛ بسبب كثرة عدد إخوته، خاصة أن بعضهم يلتحق بالتعليم.
وعن نوع الفول الذي يشتريه قال إنه يشتري الفول من نوع الثلاجات، صاحب الجودة العالية، بسعر الكيلو أكثر من 20 جنيها، مشيرا إلى أن كيلو الفول البراميلى وصل من 15 إلى 20 جنيها، وكيلو الفول المستورد من 10 إلى 12 جنيها؛ مما أثر على الكميات التي يبيعها للناس، فما كان يبيعه بجنيه الآن يبيعه بجنيه ونصف، وهكذا.
وأكد عبد الرحمن أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع سعر الفول المستورد هو تراجع الإنتاج العالمي بشكل كبير، وزيادة الطلب المحلي عليه، مع تراجع المتوفر من الفول البلدي، الذى ينتجه الفلاح المصري، قبل ظهور المحصول الجديد.
مؤكدا أن الطلب على شراء الفول من الزبائن بالرغم من ارتفاع الأسعار وقلة الكمية مستمر؛ لأنه وجبة أساسية لدى المواطن المصري، ويطلقون عليه "لحمة الغلابة" فى سوهاج .
ويقول على محمد، أحد أرباب الأسر، إنه يقوم بشراء الفول وتجهيزه وتدميسه فى المنزل وإعداده للمأكل، ويكون طعمه أجمل مما يشتريه من البائع، ويمكنه بذلك توفير بعض المبالغ المالية مقارنة بشرائه يوميا بمبلغ يقارب الـ10 جنيهات فى اليوم والليلة؛ بسبب كثرة أبنائه.
ويضيف أن سعر الطن زاد بنسبة كبيرة جدا عن العام الماضي؛ مما أثر على الكميات الصغيرة التي يقوم بشرائها، فهو يحتاج كيلو واحدا فى الأسبوع، ووصل سعره لأكثر من 25 جنيها، وكان يشتريه من قبل بـ 15 جنيها وأقل.
ويعلل جمال محمد، أحد تجار الفول، ارتفاع سعر الفول باستيراده من الخارج، وتناقص المساحات الزراعية في زراعة الفول؛ مما أدى إلى تناقصه، وأن ذلك انعكس على المواطن البسيط؛ لأن الكثير من المصريين يعتمدون على الفول كوجبة أساسية، خاصة فى الإفطار وأيضا فى العشاء فى بعض الأحيان.
ويحذر أحد الأطباء بمديرية الصحة فى سوهاج من شراء الفول من الباعة الجائلين؛ لقيامهم بوضع مادة سامة تساعد على سرعه الطهى، البعض يسميها كربوناتو وآخرون يسمونها الفنكوش أو البدرة البيضاء، أو الإديتا، حيت تساعد على قتل الإنسان.