أكد وزير المالية الدكتور محمد معيط، أن الدستور المصرى أعطى التنمية المستدامة اهتمام خاصا، وجعلها محورا أساسيا من المحاور التى تركز عليها الدولة، موضحا أن المادة الـ27 من الدستور نصت على أن: "النظام الاقتصادى يهدف إلى تحقيق الرخاء فى البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقى فى الاقتصاد القومى ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر".
وقال وزير المالية خلال كلمته في افتتاح مؤتمر "دور التشريع فى تحقيق التنمية المستدامة"، الذى تنظمه الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية، إن التشريع فى الأمم المتحضرة يكتسب مكانته من محاكاته للشرائع السماوية التى جاءت لتنظيم حياة البشر على كوكب الأرض فى شتى مناحيها، فالتشريع نظام وحضارة وضبط للمعاملات وضمان للحقوق والواجبات.
وتابع أنه من رؤية وزارة المالية التى تستهدف الوصول بالاقتصاد المصرى لنموذج اقتصادى متطور، اتخذت وزارة المالية على عاتقها أمانة تحقيق المهام المطلوبة منها بين تلبية المطالب الحتمية والملحة للمواطنين من جانب، وبين الإمكانيات المتاحة للموازنة العامة للدولة من جانب آخر، وذلك على نحو يحقق السيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة، ويعمل على تقليصه، وبالتالى السيطرة على مستوى الدين العام ومستوى خدمة هذا الدين من الموازنة العامة للدولة، موضحا أن ذلك يأتى إيمانا بريادة وزارة المالية فى رسم وتنفيذ السياسات المالية والاقتصادية للدولة، بما يحقق النمو الاقتصادى الشامل والضبط المالى والتوزيع العادل والكفء لموارد الدولة وإرساء دعائم اقتصاد قوى يحقق رفاهية المجتمع، ويحمى مصالح الدولة العليا وأمنها القومى، ويحفظ حقوق الأجيال القادمة.
ونوه بدور وزارة المالية فى إعداد التشريعات المالية والاقتصادية اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة فى شقها المتعلق بالسياسة المالية والاقتصادية، وتطوير الأداء المالى، وتلبية المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية.
وقال وزير المالية إن الوزارة تشارك فى صياغة مشاريع التشريعات الأخرى على اختلاف أنواعها فيما يتعلق بالجوانب ذات الأثر المالى، سواء التشريعات التى تعدها وزارات الحكومة أو غيرها من مختلف هيئات الدولة، وذلك من خلال إبداء الرأى الفنى بشأنها، وتقدير أثرها المالى على الخزانة العامة للدولة إيجابا أوسلبا، لتفادى أى آثار سلبية أو الحد من تأثيرها، وتحديد أهداف التنمية المستدامة من خلال التحقق من أن هذه التشريعات تستهدف كفاءة وفاعلية الموارد وإنفاق الأموال فى سياق يحقق الأهداف المرجوة.
وأضاف أن هذا الدور يتطلب تفعيل أحكام المادة 27 من قانون الموازنة العامة للدولة الصادر برقم 53 لسنة 1973 فيما تقضى به من قيام الوزارات والمصالح والهيئات وأية وحدات أخرى بأخذ رأى وزارة المالية فى مشروعات القوانين التى من شأنها ترتيب أعباء مالية على الخزانة العامة، وذلك قبل التقدم بهذه القوانين إلى الجهات المختصة.
وأوضح الوزير أن وزارة المالية تتحرى فيما تصوغه من تشريعات وما تقدمه لمجلس النواب المصرى أن تكون هذه التشريعات ملبية لمتطلبات التنمية المستدامة، وسبيلها فى تحقيق هذه الغاية الحوار البناء والتشاور الفعال مع الجهات ذات الصلة بموضوع التشريع، لضمان التوافق على ما تتم صياغته ليأتى فى الإطار المحقق للمصلحة العامة، والمواكب للمتغيرات المتلاحقة على مختلف الأصعدة.
وتابع أنه على سبيل المثال لا الحصر قامت وزارة المالية بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، بهدف استكمال الأوراق اللازمة لتطبيق نظام معلومات الإدارة المالية الحكومية ومنظومة الدفع والتحصيل الإلكترونى على كافة وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية والأجهزة المستقلة.
وأشار إلى أن وزارة المالية بادرت بتقديم مشروع قانون بإعفاء الممولين من مقابل التأخير، وتعديل بعض أحكام القانون رقم 14 لسنة 2018 بتجديد العمل بالقانون رقم 79 لسنة 2016 بشأن إنهاء المنازعات الضريبية، بهدف تشجيع المجتمع الضريبى والمستثمرين على المبادرة إلى تسوية نزاعاتهم الضريبية مع مصلحة الضرائب المصرية، لخلق مناخ جديد من الثقة وتهيئة بيئة مواتية لجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لتحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية.
وقال الوزير إنه فى قانون تنظيم التعاقدات التى تبرمها الجهات العامة رقم 182 لسنة 2018 الذى حل محل قانون المناقصات والمزايدات، راعت وزارة المالية إرساء مبادئ الثقة بين كافة الأطراف، وتحقيق معايير الإنفاق الكفء للمال العام، وإعلاء المصلحة العامة بمفهومها الأوسع الذى يشمل مصلحة المواطن وكافة فئات المجتمع، موضحا أن الوزارة راعت كذلك دعم سياسة اللامركزية وتبنى الاعتماد على وسائل التكنولوجيا التى تساير التقدم المتلاحق فى التسجيل والشراء والدفع الإلكتروني، وتشجيع تطبيق الحلول الابتكارية فى التعاقد على الأعمال الاستشارية بمنهجية مناسبة، ونشر المفاهيم والمعايير المجتمعية الحديثة كالحفاظ على البيئة، وترشيد الطاقة، والأخلاقيات، وغيرها، وكلها تصب فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضاف أنه فى مشروع الجمارك الجديد، راعت الوزارة تحقيق التوازن بين دواعى الأمن القومي، وأهداف النظام الاقتصادي، وقواعد حرية التجارة الولية والتزاماتها، ومتطلبات مجتمع الأعمال، مشيرا إلي أن الوزارة ركزت كذلك على منهجية الانتقال من بيئة العمل الورقية إلى البيئة الرقمية للمساعدة على تنمية التجارة وتحسين بيئة أداء الأعمال.
وبيَّن أن المشروع نص على تطبيق منظومة النافذة الواحدة لمكافحة الفساد، مما يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتيسير العمل التنفيذى وتحقيق اللامركزية، فضلًا عن إرساء مبادئ الشفافية وتوسيع قاعدة المنافسة وتدعيمها بما يهيء البيئة المواتية للنشاط الاقتصادى ومواكبة التطورات العالمية، مؤكدا أن هذه النماذج من التشريعيات المتطورة وغيرها الكثير مما تعكف وزارة المالية على تطويره من تشريعات فى إطار منظومة تحديث التشريعات التى تتبناها الحكومة المصرية بالتنسيق مع مجلس النواب فى مختلف مناحى الحياة، مشددا على أهمية ما سيناقشه المؤتمر على مدى يومين، من الدور المتنامى للتشريعات فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.