فقراء أشقياء يتعبون يوميا .. اتفقوا مع أشجار النخيل الشاهقة على قطع جريدها الأخضر؛ ليتكسبوا لقمة عيشهم.. قرية كاملة تعيش داخل أكواخ، امتهنت صناعة الأقفاص والصناديق من الجريد؛ ليضع بها الأشخاص أطعمتهم المختلفة؛ فهي تحافظ عليها، وتساعد على عدم فسادها بصورة سريعة.. ورغم كدِّهم وكدحهم، يعانون من عدم اهتمام الدولة بهم، حتى كادت المهنة أن تندثر.
هذا هو حال أهالي قرية شنوان التابعة لمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية، والتي تبعد عن العاصمة بحوالي 7 كم. ما إن تصل إلي القرية، حتى تجد أسفل كل منزل كوخ يكسوه الجريد من الخارج، ويعمل أصحابه من رجال ونساء وأطفال بداخله؛ ليكسبوا لقمة عيش تساعدهم على الحياة، وسط الأمراض الخاصة بالعظام التي تسببها المهنة .
التقينا بهم؛ لنعرف همومهم..
في البداية يقول أبو السعود حسن: ورثت المهنة أبا عن جد.. نشأت مع والدي الذي كان أحد أكبر صانعي منتجات الجريد في القرية، حيث نقوم بشراء الجريد أخضر، وتقطيعه باستخدام السكين المخصص للتقطيع؛ وذلك لصناعة أقفاص الخضراوات والكراسي.
وأضاف أبو السعود أن: الوضع أصبح سيئاً للغاية خاصة أننا لا نمتلك تأمينا خاصا بنا، ونصاب بالأمراض الخاصة بفقرات العظام، والمهنة لا تكفي وحدها لسداد أسعار الدواء.
وقال أحمد السيد: بعد تقطيع الجريد نقوم بثقبه، حيث يتم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام: المخ وهو الجزء السفلى، والتوني وهو الجزء الأوسط، والطوالى وهو أطراف الجريد .
وأضاف السيد أن أجزاء الجريد تختلف واحدا عن آخر في استخدامها، فمنها ما يستخدم في صنع أقفاص الخبز، واآرخر أقفاص الحيوانات، والطاولات، والكراسي، مشيرا إلى أن الجريد الخاص بأقفاص الفاكهة والخضراوات يبقي الفاكهة لأطول فترة ممكنة، حيث كانت تستخدم قديماً بديلاً عن الثلاجات.
ويقول محمد جابر: نكسب في المشغول الواحد 5 جنيهات فقط صنعة اليد، وهذا المبلغ لا يضمن حياة كريمة لنا، بالإضافة لقيامنا بصناعة طاولة العيش ب 20 جنيها، والقفص الخاص بالحيوانات ب 50 جنيها.
ويضيف جابر: لم يعد البيع كسابق العهد، حيث حل الحديد محل الجريد؛ وذلك لعدم سهولة كسره كالجريد؛ لذلك اتجة أكثر التجار إليه مستعينين بثلاجات الفواكة للحفاظ على الخضراوات والفواكه.
وتابع سيد سلام أن موسم الجريد خلال فصل الشتاء يكون أكثر دخلاً من الصيف، وذلك لأن تلقيح النخيل يكون في بداية فصل الصيف، وفي هذا الوقت تحديداً يمنع جدا تقطيع الجريد من النخيل، ويتم استخدام الجريد القديم "الناشف " بدلا من الأخضر.
وقال يونس السيد: إن المهنة تكاد أن تندثر، هذا لأن العاملين بها ليس لهم تأمين صحي أو معاش، يقوم بحمايتهم وذلك لأن كبار السن لا يستطيعون العمل أكثر من 4 ساعات يوميا، لأن المهنة شاقة جدا.
وطالب فتحي أحمد جبر الله بضرورة توفير نقابة لهم لتحميهم، مؤكداً أن الشغلانة ما بقتش جايبة همها خالص وهي معتمدة على الشباب؛ لأنه يجب أن يجلس الصانع "مقرفصاً"؛ لذلك تتطلب صغار السن.