تسعى وزارة التنمية المحلية لتعظيم الاستفادة من المياه وترشيد الاستهلاك والحفاظ عليها، عن طريق وحدات معالجة الصرف الصحي غير النمطية منخفضة التكاليف بطريقة فصل الصرف الصحي من المنبع؛ لاستخراج مياه وسماد عضوي صالحين للاستخدام الزراعي مباشرة، خاصة وأن مصر تواجه مشكلة حقيقية متزايدة في الفترة الأخيرة، بسبب محدودية الموارد المائية والزيادة السكانية إلى جانب النمو الصناعى والزراعى والاحتياجات المتزايدة فى ظل ثبات حصتها من مياه النيل منذ أكثر من نصف قرن.
فحصة مصر من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، ثابتة منذ أن كان عدد السكان 20 مليون نسمة، يضاف إليها الآن 4.5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية والأمطار، بالإضافة إلى إعادة تدوير 20 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعى وتحلية المياه، ليصبح إجمالى الموارد المائية 80 مليار متر مكعب سنويا، بينما يبلغ إجمالى الاحتياجات الكلية 114 مليار متر مكعب سنويا، ليصبح لدينا عجز يصل إلى 34 مليار متر مكعب.
ومن هنا جاءت الانطلاقة لترشيد استهلاك المياه والحفاظ عليها، بتفقد وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوي، بالتعاون مع الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، ومحافظ الجيزة اللواء أحمد راشد، وحدة معالجة مياه الصرف الصحي غير النمطية منخفضة التكاليف، لتطبيق طريقة الفصل من المنبع في مقر تفتيش ري البدرشين بمحافظة الجيزة، والتي تم تطبيقها في مبنى الري بالبدرشين، لاستخراج مياه وسماد عضوي وفرت شبكات النقل ومحطات التنقية ومراحل المعالجة.
ومن جانبه قال محمد الدالي، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن فكرة فصل الصرف الصحي من المنبع كانت مقترحة من اللجنة على وزير التنمية المحلية منذ 10 أيام لعمل محطات تحلية مياه صرف الصحي؛ حتى تستخدم مباشرة في ري الترع لترشيد مياه نهر النيل، مؤكدًا أنه لا يوجد خطورة من المياه بعد الفصل على الأراضي الزارعية، والفكرة تم تطبيقها في أكثر من مكان في العالم وليس في مصر فقط.
وأوضح الدالي لـ"أهل مصر" أن الفكرة مكلفة جدا، خاصة وأنه سيتم فصل مياه الصرف الصحي وبها درجة عالية من الملوحة، وقد تصل تكاليف القرية الواحدة من 350 ألف جنيه إلى 400 ألف جنيه، مما يكلف المشروع عند تعميمه في باقي القرى والمحافظات مليارات الجنيهات.
وأكد الدالي أن الهدف من عملية فصل مياه الصرف من المنبع هو استخراج المخلفات الصلبة وإدخالها في عمليات تدوير السماد العضوي، وفصل الأملاح منها، بالإضافة إلى استخراج المواد البترولية منها، مضيفًا أنه خلال مناقشة المشروع اقترحت اللجنة بأن يدخل القطاع الخاص والمستثمرين في تمويل المشروع خاصة وأنه سيعود عليهم بالإيجاب وعائد مادي.
وأشار الدالي إلى أن المشروع عند تعميمه في باقي المحافظات سينجح، خاصة وأنه لا توجد قرية أو مدينة ليس بها صرف صحي، حتى لو تم إنشاؤها على حساب الأهالي بالتعاون مع الحكومة، وإذا تم تطبيق المشاركة المجتمعية في المشروع، فسيسهل المهام كثيرًا على الوزارة والدولة، وسيقلل من تكلفة المشروع 20%.
وعن العقبات أوضح النائب أنها متمثلة في التمويل كي نغطي كافة القرى والمدن والمراكز بكافة المحافظات دون استثناء، وستتكلف الدولة مليارات.
بينما كان لمحمد فهيم، خبير زراعي، رأي آخر وهو أنه أيا كانت التجربة أو الطريقة التي تطبقها الوزارة فإنها تتم على نفس وتيرة المشاريع السابقة، وهي أنها تعتمد على معالجة ثنائية فقط وليست ثلاثية، مؤكدًا أن هذا الأمر مهم جدا.
وتابع الخبير الزراعي لـ"أهل مصر" أن معالجة المياه لا بد أن تكون ثلاثية؛ حتى نستطيع فصل كافة المواد الموجود في المياه، و"حتى نكون في السليم"، ولا يتسبب أي ضرر، خاصة أن مصر تستخدم وحدات المعالجة الثنائية والتي لا تساعد في فصل كافة المواد البيولوجية ورائحة مياه الصرف كما هي، ووجود رائحة دليل على وجود بقايا لم يتم فصلها، بالإضافة إلى وجود الأملاح. وهذا إن دل فيدل على إمكانيات مصر المادية.
وتابع: أنه لايوجد خطورة في ذلك عند استخدامها في ري الأراضي الزراعية أو ري المساحات الخضراء الموجودة بالمدن الجديدة، مؤكدًا أن التجربة عند تعميمها لن تنجح أو تتسبب في طفرة نوعية في مجال تحلية مياه الصرف الصحي، قائلًا: "كله محصل بعضه. دا فيه محطات صرف صحي معمولة أصلا على حساب الأهالي. وفر محطات صرف الأول، وبعدين اعمل تجارب براحتك".
وطالب الخبير الزراعي بأن تدعم الدولة خطة المعالجة الثلاثية، فرغم أن تكاليفها عالية، إلا أنها توفر الكثير على مصر، ولا تكتفي بأن تكون المياه صالحة للري فقط، بل ويمكن شربها.
وكانت وزارة الري قامت في السنوات الماضية بعمل حملات ترشيدية كثيرة جدا آتت ثمارها بالفعل؛ حيث إن الزراعة تحصل على 85% من الموارد المائية وهى المستهلكة للكم الأكبر من المياه، والاستخدمات الأخرى تحصل على الكمية المتبقية.