في حي السيدة زينب العتيق وفي زقاق ملاصق للمسجد الذي يحيط بالمقام الشريف "لأم هاشم" كما يلقبها مريدوها، تتنوع البضائع من ملابس وفواكه وعطارة وما إلى ذلك ومع كثرة المطاعم وازدحام الحي بالمريدين والسكان رصدت "أهل مصر"، مكان شديد الخصوصية ليس فقط لشهرته بتقديم "الأكل البيتي" ولكن مطعم إحسان لصاحبته الحاجة " إحسان حسن"، تكمن خصوصيته وشهرته لأنه مملوك لطباخ الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان الذي تولى الحكم خلفا لأبيه الملك أحمد فؤاد الأول من عام 1936 إلى قيام ثورة يوليو عام 1952 متنازلا عن العرش لنجله أحمد فؤاد الثاني اخر ملوك مصر من الأسرة العلوية مختتما عهد الملكية في مصر الذي استمر منذ عام 1922 عندما حصل السلطان فؤاد على لقب ملك بدلا من لقب سلطان وحكم الأسرة العلوية الذي استمر لمدة 148 عام منذ تولى محمد على باشا الحكم عام 1805. لتبدأ البلاد صفحة جديدة في تاريخها وهو الحكم الجمهوري والذي افتتحه الرئيس محمد نجيب كاول رئيس للجمهورية المصرية من تنظيم الضباط الأحرار.
في مطعمها الصغير الذي تديره بنفسها رغم بلوغها من العمر 83 عاما تجلس الحاجة إحسان مستقبلة طلبات الزبائن سواء من الحي أو م خارجه، وأفادت إحسان أنها لا تفضل الاستعانة بالعمال والصناعية، قائلة "صناعية المطعم هما ولادي واحنا بنديره منا فينا، ابني الكبير دبلوم صنايع والتاني بكلوريوس تجارة وبنتي خلصت تعليمها لحد 6 ابتدائي، واحنا بنقدم الاكل حسب ما يعوز الزبون".
فتح والدها المطعم في عام 1962 بعد الثورة بعشرة أعوام ولم يسطع العمل مع أي شخص بعد رحيل الملك فاروق عن مصر متجها إلى إطاليا حتى وفاته في عام 1965، لا تتذكر إحسان أيام الثورة كثيرا لانها كانت صغير في السن ولكن ما تتذكره هو ذكر الايام الخوالي في عهد الملك فاروق
"أنا ماعاشرتش ثورة يوليو وبابا ماقدرش يشتغل مع حد بعد فاروق، اشتغل قبل الملك مع كامل باشا البنداري وعلي ماهر والبرنس سعيد حليم وبعد كدة اشتغل مع الملك , والملك كان بيشرب خلاصة الطيور في كوباية" ليتدخل نجلها الكبير محمد قائلا " هنجيب منين ناس زي دول نشتغل عندهم ؟! "
وتابعت إحسان " انا شفت العز كله واتعلمت تعليم اولي فرنساوي لان بابا كان بيتكلم فرنساوي ودخلت مدرسة داخلي في اسكندرية لمدة سنة .. كان زمان بببعتوا استمارة لولي الامر يختار انجليزي ولا فرنساوي باب اختارلي الفرنساوي والتعلم زمان كان غير دلوقتي دلوقتي مافيش تعليم الفرنساوي اللي كنت باخده في ابتدائي بياخدوه دلوقتي في ثانوي وكنا بنروح نصيف في اسكندرية. ولما ابويا فتح المطعم قبل مايموت وصاني عليه وقالل الاكل ده امانة لما ربنا يسألك عليه انتي اللي هتجاوبي مش الزبون".
وفي هذا السياق أكدت إحسان أن تفضل أن تجهز الطعام بنفسها للزبائن، "مرة كان فيه واحدة عايزاني أعملها محشي وجابتلي الحاجة جاهزة الكرنب مسلوق ومتقطع والمحشي متقور اكن انا مارضتش اعمل كدة قلتلها انا هاعملك الاكل اللي انت عايزياه بس انا مابحبش اشتغل في الجاهز بحب اجهز طبيخي بنفسي، وفي المواسم بيبقى الطلب عندي زيادة ليتدخل نجلها مرة اخرى قائلا " رمضان والمواسم بيبقى المطعم عندنا ضرب نار".
وعادت الحاجة إحسان لحديثها معنا عن الملك فاروق وزيارته لجامع عمرو بن العاص، "كنا بنروح هناك عشان نستنى المغرب يأدن في الجمعة اليتيمة، وجه الملك بعربيته المكشوفة وكان بيحيي الناس وماشي في وسطهم عادي والناس كانت بتحبه والعيال وانا معاهم كنا بنقف نهيص ونهلله".
وعن عملها وزبائنها تقول أنها ذات مرة أتاها وفد "مجموعة من الصعيد"، " لو جايلي ناس كتير للطمعم بيكلموني قبلها بيوم لكن اللي بيجي يطلب شوية رز وخضر وسلطة بييجي في ساعتها، وانا مابحبش استخدم الخضار الجاهز ولا المجمد ككل حاجتي بوضبها بنفسي لأن دي وصية أبويا"
وعن الاعلام والصحافة تحدثت إحسان قائلة " قنوات كتير جت تسجل معايا والشارع اتزحم قدام المحل في السوق السبب في ده المكانة اللي سابهالي أبويا هو اللي خلاني أشوف العز اللي شوفته والأيام دلوقتي صعبة لكن لازم أعيش في الواقع".