في السابعة صباحًا، ضجيج في الحي الذي كان هادئًا، يستقيظ علاء إثر بكاء طفل صغير ليس غريب عنه ولكن علاء استكمل نومه حتى أصبح البكاء صراخًا ولكن ليس من طفل أكثر ما كان في المنطقة بأكملها، هدد بلا مدد يكتوي به منزل عمره 100 عام وركام تراب جعل منه سرابًا، جعل منه جزء جديد في مشروع "مثلث ماسبيرو"، فالخوف على منزله «طير النوم من عينه» بل وأخذ من طاقته وأصبح منهكًا يسير وراء سراب تعلنه الحكومة يوميًا وتردده تحت كلمة الحلم المنتظر و«مشروع العمر» كلها أقاويل نسمعها فقط دون تنفيذ على أرض الواقع أو توضيح لتلك الأمور.. عمارة 14 بشارع اليازري المطلة على شارع 26 يوليو مكون من 5 أدوار حالتها الصحية 100%، ووصفها بالمختلفة عن باقي عمارات ماسبيرو فهي أعرض وأفخم مبنى في مصر كلها، ومهما طال الزمن لم تستطع الحكومة أن تنشئ مثل تلك المبني بصلابته ومتانته التي جعلتها قائم كالأسد ويعيش قرن بأكلمه.
"لو طلعت برا بولاق هموت أنا زي السمكة لما تطلع من الماية متعرفش تعيش"، بهذه الكلمات يرددها علاء قائلًا: اتولدت واتربيت واتعلمت وتزوجت وأبيض شعري هنا وأولادي سيتزوجون في نفس المبنى، لم يستطع علاء أن يترك جيرانه وعائلته، أكسجينه "مثلث ماسبيرو" إذا انقطع عنه مات فورًا، وعندما يذهب إلى أي مكان حول العالم يعود مسرعًا إلى منزله وسط عائلته ومهما سافر لم يشعر بالأمان إلا هنا.
ودائمًا ما يدور في باله سؤال واحد فقط أين سأجد الأمان بعد أن أتركك يابولاق؟، وكانت الإجابة "مش هلاقي زيك"، راويًا أنه: ترك بابه مفتوحًا في يومًا من الأيام وذهبت إلى العمل وعندما عودت إلى منزلي وجدت كل شئ كما هو فهل عندما أترك هذا المكان هلاقي الأمان بنفس تلك الدرجة".
بعد أن كان ينام علاء في هدوء وسكينة وأمان، أصبح الخوف يطارده من كل مكان خاصة وأنه أخلى منزله ويعيش عيشة غير آدمية منتظرًا قرار الحكومة هل عمارة 14 مبنى تراثيا أم سيتيقظ يومًا ما على صوت الـ «بلدوزر» يهدم كل شبر في عمارته من ذكرياته وأحلامه وفرحه وحزنه وكل ما مر به في تلك المنطقة.
وترغرغت الدمعة في عين علاء وهو يقول البقاء والعودة للمنطقة في حالة طلب الحكومة الإخلاء وعندما سألنا علاء ما هو أكثر شئ ستفتقده قال وهو حزين ومضطرب "كل بولاق هتوحشني" .
ليس فقط علاء من ينتظر قرار الحكومة يوجد مثله أكثر من 15 شخصا في حاجة إلى حسم للموضوع هل ستترك الحكومة الـ5 مبان التراث دون هدم أم سيكون القرار عند الـ «بلدوزر».