يبدو أن تطوير نظام التعليم في مصر لم يسير على النهج المطلوب كما خطط له وزير التعليم طارق شوقي، أو ربما أن القائمين على العمل به لا يجيدون الرقابة فمن ثم تُولد الأزمات، المقصد السابق ليس تجريحًا بل إلقاء للضوء على القصور المتواجدة داخل مئات المدراس على مستوى الجمهورية، بعد أن فقد العديد من أولياء الأمور الأمل في تواجد المدرسين ببعض المدراس، مما يؤثر سلبًا على تعليم أبنائهم خاصة من هم في المراحل الإبتدائية، الغريب أن تغيب المدرسين داخل هذه المدراس أصبح أمرًا طبيعيًا، وكأن عقود تعينهم نصت على عدم تواجدهم داخل الأروقة التعليمًا يوميًا، أو كما يقول المثل المصري "شغالين في الوكالة"، مدرسة الاتحاد الإبتدائية المتواجدة بشارع 28 المتفرع من شارع الوحدة بمنطقة امبابة، جاءت على رأس المدارس الخاوية من المدرسين، فيما عجز الأهالي عن الوصول إلى من يسمع لشكواهم.
"نفسنا وزير التعليم والمسئولين بالوزارة يعملوا تفتيش على المدرسة دي ويجوا زيارة، هيشوفوا بعينهم مهازل داخل المدرسة"، كلمات بدأ بها وائل أحمد، ولي أمر طالبين بمدرسة الاتحاد "جنا وأحمد"، حديثه معانا، واصفًا الحالة الدراسية المتردية لأبنائه، على مدار عامين، مشيرًا إلى أن المدرسين المفترض تواجدهم بالمدرسة يوميًا لإعطاء الحصص للطالب غير متواجدين بشكل يومي، ما يجعل أبنائه يتغيبون عن المدرسة ما يقارب 4 أيام في الأسبوع الواحد.
"وائل" ذو الأربعينات من العمر، أرسل العديد من الشكاوى لوزارة التربية والتعليم، لمحاولة إصلاح هذه القصور، وتوفير مدرسين جدد لتعويض عجز المدرسين، لكن جميع شكاواه تبخرت في الهواء، لتبقى أذان مسئولي الوزارة بين الطين والعجين.
المثير أن "وائل" كشف لنا ما يدور داخل أغلب هذه المدارس، فعلى الرغم من عدم تواجد المدرسين بشكل يومي، إلا أنهم يذهبون لإعطاء الدورس الخصوصية لأبنائه وأبناء جيرانه، ما يعنى أن المدرسة هي القبلة الأخيرة لهؤلاء المدرسين، خاصة في ظل غياب الرقابة من الدجهة المعنية بذلك.
حديث "وائل" جاء مطابقًا للحاجة "أم أحمد"، قائلة: " كل يوم أروح اودي حفيدي في سنة أولى ابتدائي المدرسة، وأفضل معاه ساعة إني أشوف مدرس واحد أبدًا"، لافتة النظر إلى وجود عجز كبير في أعداد المدرسين، وعلى الرغم من تقديم العديد من الشكاوى لمدير المدرسة والإدارة التعليمية التابعة لها المدرسة، إلا أن هذه الشكاوى لا تثمر أن أي جديد.
وتسألات "أم أحمد": كيف يمكن أن أطمئن على حفيدي داخل مدرسة خاوية من المدرسين، فمن الممكن أن يخرج الطفل من المدرسة أو يتعرض لأي إيذاء من زملائه المتواجدين معه في نفس الفصل "ومحدش هيسأل فيه"؟!!.
وبالتزامن مع هذه الوقائع، كان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، قد أمر بتشكيل تشكيل فريق تحت إشراف رئيس الإدارة المركزية للتعليم العام، لجميع المعلومات والإحصاءات من جميع المديريات بشكل واقعي عن المدراس التى تعاني من عجز في المدرسين، بالإضافة إلى عمل تقارير يومية من المديرين عن تغيب المدرسين لاستبدالهم بغيرهم ممن هم مؤهلين للعمل، بعد أن كشفت البيانات عن وجود عجز في 100 ألف مُعلم على مستوى الجمهورية، وأن السبب وراء هذا الرقم الضخم السابق وجود فائضًا في المعلمين ببعض المناطق والمدارس فيما تعاني غيرهم من وجود نفس التخصصات بمناطق أخرى، لكن قرار الوزير لما يحالفه الحظ ببعض المدراس، لتبقى على قائمة الإنتظار رافعة شعار "امتى هيجلنا مدرسيين"؟.