رأت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية الصادرة اليوم الثلاثاء أن أفضل ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة لبريطانيا وأوروبا هو أن تصبح قائدا أكثر نشاطا وفاعلية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي سيحتفظ ببريطانيا كعضو فاعل فيه.
وذكرت الصحيفة – في افتتاحيتها المنشورة على موقعها الألكتروني - إنه في حال تعرض الاتحاد الأوروبي للضعف أو لخطر الانهيار، الأمر الذي من شأنه أن يُسعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ونظيره الصيني شي جين بينج وغيرهما من الخصوم، فإن الشئ الوحيد الذي يعالج هذا الأمر هو العمل على تعزيز الشراكة العسكرية الممتدة عبر الاطلسي، والتي بإمكانها سد الفجوة الناشئة بين لندن ودول القارة.
ودعت الصحيفة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لاستغلال فرصة اجتماع قمة "الناتو" القادم - الذي من المقرر أن يعقد الشهر القادم في وارسو لتأكيد القرار الهام بنشر قوات جديدة في بلدان أوروبا الشرقية المتاخمة لروسيا - من أجل تأكيد التزام الولايات المتحدة تجاه حلف شمال الأطلسي.. كما أنه يجب تقييم أداء مرشحي الرئاسة هيلاري كلينتون ودونالد ترامب وفقا لما سيفعلونه حيال هذه المسألة.
وأضافت الصحيفة: "أن أهمية بريطانيا كحليف قريب جدا من الولايات المتحدة قد تضاءلت بشكل مضطرد تحت قيادة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي أظهرت حكومته ردود فعل بطيئة للغاية حيال الانضمام إلى الحملة الدولية التي تحارب تنظيم داعش الإرهابي، فضلا عن عدم قيامها بأي دور مهم في مسألة مناهضة العدوان الروسي ضد أوكرانيا.. ناهيك عن قرار كاميرون بوقف الغارات الجوية ضد سوريا في عام 2013 بعد رفض البرلمان البريطاني لها، مما دفع الرئيس الأمريكي أوباما لتقديم تنازلات أدت فيما بعد لتداعيات وخيمة، ولكن ما يحسب لكاميرون في ملف سياسته الخارجية فقط هو مداعبته اللطيفة للرئيس الصيني شي جين بينج من أجل جني مزايا تجارية لبلاده.
وأردفت الصحيفة تقول: "وبالتالي، فإن نتيجة الخطوة الكارثية غير المحسوبة التي قام بها كاميرون والتي تمثلت في الترويج لإجراء استفتاء غير ضروري حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي - يجب أن تؤدي منطقيا لتسريع وتيرة الاتجاه الحالي في العلاقات الخارجية للولايات المتحدة، بدلا من إحداث تغير مفاجئ.. وسوف تنظر إدارة الرئيس أوباما – كما اعتادت- بشكل كبير إلى ألمانيا لمساعدتها في قضايا الأمن عبر الأطلسي، في حين تعزز علاقاتها الاستراتيجية بشركائها الآسيويين مثل الهند واليابان.. فلا يجب على واشنطن أن تتوقع تلقي أي مساعدات من جانب لندن في إدارة الأزمات الجديدة المنبثقة في الشرق الأوسط خلال السنوات القادمة".
واعتبرت الصحيفة أن مسألة انخفاض قيمة وأهمية "العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وبريطانيا سوف تعتمد في الأساس على ما بدا واضحا بأنه مسار غير متوقع للأحداث في لندن.. وقالت: "إن الحكومة التي ستعقب حكومة كاميرون خلال الأشهر القادمة سوف تجد نفسها أمام خيارين إما أن تفي بوعود تحجيم الهجرة أو إبقاء مكان بريطانيا في السوق الأوروبية الموحدة.. ففي حال اختارت الحكومة الخيار الأخير، فإن دور بريطانيا في أوروبا ونفوذها الاقتصادي قد لا يقل في نهاية المطاف إلى حد كبير
.
كما رأت (واشنطن بوست) أن الأجواء الراهنة في أوروبا والتي تسيطر عليها سحب الغيوم تعني أن إدارة أوباما وخليفتها في واشنطن لن تتسرع في إقامة علاقات اقتصادية أو سياسية قوية مع بريطانيا غير المنضمة للاتحاد الأوروبي.. ومع ذلك، فإن عددا من معسكر مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تحدثوا عن نية لندن في تفعيل اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة – خارج حدود الاتفاق الراهن بين واشنطن والاتحاد الاوروبي.
ولكن أي تفكير في مثل هذه الاتفاقيات يجب أن ينتظر التسوية النهائية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن قرار الانسحاب- والتي قد تستغرق عامين من الآن لأجل إتمام إجراءات الانسحاب بشكل كامل.