الصوم عبادة من أجلِّ العبادات , وقربة من أشرف القربات , وطاعة مباركة لها آثارها العظيمة الكثيرة العاجلة والآجلة , من تزكية النفوس , وإصلاح القلوب وحفظ الجوارح والحواس من الفتن والشرور , وتهذيب الأخلاق وفيها من الإعانة على تحصيل الأجور العظيمة , وتكفير السيئات المهلكة , والفوز بأعالي الدرجات بما لا يوصف.
وناهيك بعمل اختصه الله من بين سائر الأعمال فقال كما في الحديث القدسي الصحيح: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به رواه البخاري . فكفى بذلك تنبيها على شرفه , وعظم موقعه عند الله , مما يؤذن بعظم الأجر عليه.
فإضافة الله تعالى الجزاء على الصيام إلى نفسه الكريمة تنبيه على عظم أجر الصيام , وأن يضاعف عليه الثواب , أعظم من سائر الأعمال . ولذلك أضيف إلى الله تعالى من غير اعتبار عدد فدل على أنه عظيم كثير بلا حساب . ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم: كل عمل ابن آدم يضاعف , الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف , قال الله عز وجل : إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به فما ظنك بثواب عمل يجزي عليه الكريم الجواد بلا حساب قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس، الآية: 58]
والإخلاص في الصيام , أكثر من غيره فإنه سر بين العبد وبين ربه لا يطّلع عليه غيره - , إذ بإمكان الصائم أن يأكل متخفيا عن الناس - فإذا حفظ صيامه عن المفطرات ومنقصات الأجر , دل ذلك على كمال إخلاصه لربه , وإحسانه العمل ابتغاء وجهه . ولذا يقول سبحانه في الحديث القدسي السابق: يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي فنبه سبحانه على وجهة اختصاصه به وبالجزاء عليه وهو الإخلاص.
والصيام جُنّة : يقي الصائم ما يضره من الشهوات , ويجنبه الآثام التي تجعل صاحبها عرضة لعذاب النار، وتورثه الشقاء في الدنيا والأخرى كما قال , صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج , فإنه أغض للبصر , وأحصن للفرج , ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ومعناه : أن الصوم قامع لشهوة النكاح فيقي صاحبه عنت العزوبة ومخاطرها .
وقال صلى الله عليه وسلم : والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم رواه البخاري - وفي المسند عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال : الصيام جنة ; يستجن بها العبد من النار
ومن فضائل الصوم , أنه من أسباب استجابة الدعاء , ولعل في قوله تعالى : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة، الآية: 186] مما ينبه على الصلة الوثيقة بين الصيام وإجابة الدعاء.
ومن فضائل الصوم , أنه من أسباب تكفير الذنوب , كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : الصلوات الخمس , والجمعة إلى الجمعة , ورمضان إلى رمضان , مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر وفي الصحيحين عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : سئل رسول الله , صلى الله عليه وسلم , عن صوم يوم عرفة ؟ قال : يكفر السنة الماضية والباقية . وسئل عن صيام يوم عاشوراء ؟ فقال : يكفر السنة الماضية
ومن فضائل الصوم , أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة , لما روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال : الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة . يقول الصيام أي ربي منعته الطعام والشهوة , فشفعني فيه , ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه . قال : فيشفعان
ومن فضائل الصوم , فرح الصائم بما يسره في العاجل والآجل , كما في الصحيحين عن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال : للصائم فرحتان يفرحهما ! إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه وهذا من الفرح المحمود لأنه فرح بفضل الله ورحمته ولعل فرحه بفطره لأن الله من عليه بالهداية إلى الصيام والإعانة عليه حتى أكمله , وبما أحله الله له من الطيبات التي يكسبها الصيام لذة وحلاوة لا توجد في غيره .
ويفرح عند لقاء ربه حين يلقى الله راضيا عنه ويجد جزاءه عنده كاملا موفرا.
ومما ينبه على فضل الصيام , وطيب عاقبته في الآخرة قوله , صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده ! لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وإنما كانت هذه الريح طيبة عند الله تعالى - مع أنها كريهة في الدنيا - لأنها ناشئة عن طاعته فهي محبوبة لديه . ولعل في الحديث ما يشير إلى أن هذا الخلوف يفوح يوم القيامة من فم صاحبه أطيب من ريح المسك , حين يقف بين يدي ربه , مثله مثل الشهيد حين يأتي يوم القيامة , ففي الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم : ما من مكلوم يكلم في سبيل الله , إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي , اللون لون دم والريح ريح مسك متفق عليه.
ومن فضائل الصيام , أن الله اختص أهله بابا من أبواب الجنة . لا يدخل منه سواهم فينادون منه يوم القيامة إكراما لهم , وإظهارا لشرفهم , كما في الصحيحين عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال : إن في الجنة بابا يقال له الريان , يدخل منه الصائمون يوم القيامة , لا يدخل منه أحد غيرهم , يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون فيدخلون , فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد
وانظر كيف يقابل عطش الصوام في الدنيا باب الريان , في يوم يكثر فيه العطش . . جعلنا الله ممن يشرب يوم القيامة شربة لا يظمأ بعدها أبدا , بمنه وكرمه وجوده وفضله ورحمته , فإنه لطيف بعباده وهو أرحم الراحمين.
Fasting is a worship for the sake of worship, and a blessing from the noblest of sacrifices, and a blessed obedience which has many great and urgent effects, from the recommendation of the souls, the repair of the hearts and the preservation of the senses and the senses of sedition and evils, and the refinement of morality and the aid to collect great wages; Unspeakably.
He said: "All the work of the Son of Adam is for him, except for fasting, for it is for me and I am rewarded with it." Narrated by al-Bukhaari. So it is sufficient to pay tribute to his honor, and the greatest position of God, which gives the greatest reward for it.
In addition to Allaah, the reward for fasting to one's own self is a warning to the great reward of fasting, and that the reward is greater than that of other deeds. Therefore, it is added to Allaah without regard to the number of evidence that it is great and many without account