وقعت مصر منذ أيام عقد إنشاء مشروع سد لتوليد الطاقة الكهرومائية فى حوض «نهر روفيجى» الواقع فى «محمية سيلوس»، المملوك لوزارة الطاقة التنزانية، والفائز بتنفيذه التحالف المصرى لشركتى «المقاولون العرب» و«السويدى إلكتريك»، بقيمة 2.9 مليار دولار، وذلك بحضور الدكتور جون ماجوفولي، رئيس جمهورية تنزانيا المتحدة، والدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
وكانت مصر فى الشهور القليلة الماضية، تخوض حربًا مع تركيا على أراضى إفريقيا، وتحديدًا فى تنزانيا لا يعرفها أحد، حيث إن الأترك كانوا متقدمين للفوز بتشيد هذا السد ولكن مصر فازت بهذا العقد.
بدأت الحرب منذ أوائل شهر مارس الماضى، حيث طرح الجانب التنزانى مناقصة لبناء سد جديد على أحد الأنهار الداخلية بتنزانيا، وذلك لتوليد الطاقة الكهرومائية، ودخلت عدد من الشركات الكبرى العالمية منها التركية والمصرية، وقدمت مصر أفضل سعر وتليها تركيا، وكانت المفاضلة من قبل التزانيين بين مصر وتركيا، حتى السفير التركى كان يذهب يوميا الى الحكومة التزانية للضغط عليهم لترسية «المناقصة» على تركيا إلا أن الجانب المصرى متمثلا فى لجنة التفاوض من قبل شركتى «السويدى» و«المقاولون» كانوا متابعين جيدا لهذا المشروع ولأهميته بالنسبة لمصر، ولكن «الأترك» ظلوا يحاربون بكل قوة حتى أن «أردغاون» اتصل بالرئيس التنزانى ودعا الحكومة التزانية إلى الذهاب لتركيا لرؤية بعض مشروعات السدود المنفذة بتركيا، وكانوا يتحججون أن مصر ليس لديها خبرة فى إقامة مثل هذه السدود ولم ينفذوا إلا سدا واحدا منذ ٥٠ عاما، والروس هم الذين قاموا بتفيذه بالإضافة إلى أنهم يتأخرون فى مواعيد التسليم.
وحذرت تركيا الجانب التنزانى من تكرار ما حدث فى سد النهضة من تأخير فى التسليم وأخطاء فنية كثيرة، لأن الشركة المنفذة لسد النهضة كانت بلا خبرة وعرضوا عليهم منحة لا ترد ممولة من تركيا لإقامة مستشفى بتكلفة ١٠ إلى ٢٠ مليون دولار، وقام «الأترك» بدعوة لجنة المشروع بتزانيا إلى زيارة مشروعاتهم بتركيا، وبالفعل تم حجز تذاكر طيران للجنه من قبل الجانب التركى لرؤية المشروعات على أرض الواقع.
علم الجانب المصرى بتحركات تركيا للحصول على هذا العقد، فقامت لجنة التفاوض بعرض منحة أيضا ممولة من شركتى «السويدى» و«المقاولون» بقيمة ١٠٠ مليون دولار لإنشاء مشروعين تعليمى وصحى بتزانيا، وذلك فى مقابل منحة تركيا لهم، بالإضافة أن الجانب المصرى طلب من اللجنة التزانية زيارة مصر لرؤية المشروعات أيضا فى مصر على أرض الواقع، وطلب التنزانيون توجيه الدعوة لهم من «الرئاسة المصرية» ولكن لجنة التفاوض رفضت وأكدت أن رئيس مصر لا يتدخل لدعوة مهندسين، وإنما الحكومة المصرية ترحب باللجنة التزانية على أرض مصر.
الوفد التنزاني أشاد بمشروعات مصر العملاقة
ذهبت اللجنة التنزانية إلى تركيا، ولكن الحظ لم يحالف تركيا، حيث اطلع التنزانيون على مشروعات بتركيا ليست من تنفيذ «الأترك»، والمشروعات التى قاموا بتفيذها ليست بالكفاءة العالية المماثلة للمشروعات المصرية، واستغل الجانب المصرى هذا النقطة وتم حجز تذاكر طيران للجنة التنزانية من «اسطنبول» إلى مصر فى أوخر شهر مايو الماضى، وحضروا إلى مصر وقاموا بزيارة أنفاق بورسعيد، والذى يعتبر النفق الواحد منهم يعادل 3 أضعاف النفق الذى سينفذ فى تنزانيا، كما زراوا أيضا قناة السويس الجديدة، ومحطة الكهرباء ببنى سويف، والتى تعتبر أكبر محطة توليد كهرباء فى العالم ونفذت فى ٢٧ شهرا وكان جدولا زمنيا مستحيلا فى هذا الوقت، كما زارات اللجنة التنزانية محور روض الفرج الذى تنفذه شركة المقاولون العرب والذى سيكون أطول كوبرى معلق فى العالم، وزاروا مشاريع أخرى كثيرة.
أرسوا «المناقصة» على «السويدى» و«المقاولون العرب»
ولم يكن أمام التزانيين إلا أن يختاورا مصر لمساعدتهم فى هذا لمشروع الذى يعتبر أكبر مشروع وطنى فى تنزانيا، وعادوا إلى تنزانيا وقرروا «ترسية المناقصة» على مصر.
وانبهر التزانيون بالمصريين وترجم ذلك فى خطاب الرئيس للتنزانين، والذى أثنى على المصريين وعزيمتهم وأنهم لديهم إردة، وأكد أن تنزانيا فضلت إنشاء هذا السد على أحد الأنهار الداخلية وبعيدا عن نهر النيل حتى لا يؤثر على حصة مصر من المياه، وأن هذا السد بأيد مصرية لأنها الوحيدة التى ستحافظ على مصالحها بتزانيا.
ويعد المشروع من أهم وأكبر المشروعات القومية والتنموية فى تنزانيا، فى ضوء ما يتوقع أن يحققه من تنويع مصادر الطاقة فى تنزانيا، ومعالجة مشكلات الطاقة هناك، هذا إلى جانب توفير الاحتياجات المائية اللازمة من خلال التحكم فى تصرفات المياه طوال العام بما فيها فترات الفيضان.
ويتكون من أعمال تصميم وإنشاء سدود للطاقة الكهرومائية، ومحطات كهرباء، بطول يبلغ 1025 متر، وارتفاع 130 متر، بالإضافة إلى إنشاء 4 سدود أخرى لتخزين المياه بأطوال 1.4 كم، 7.9 كم، 4.6 كم، 2.6 كم، وسيبلغ إجمالى مخزون المياه المتوقعة 33 مليار متر مكعب.
وتستمر مدة التنفيذ حوالى 42 شهرًا متتاليًا، تشمل 6 أشهر لتجهيز الموقع، وسيبدأ العمل فى المشروع فى يناير من العام المقبل، على أن يتم افتتاحه عام 2022.