البوكسينج داي، الجولة التي يشتهر بها الدوري الإنجليزي الممتاز بالتحديد، والدوري الاسكتلندي أيضاً كل عام، الكثير يعتقد أن سبب تسميته بهذا الاسم، هو إقامة مباريات هذه المرحلة دائماً يوم 26 ديسمبر، أي في اليوم التالي لعيد الميلاد المجيد، وهو يوم عطلة وطنية في انجلترا.
لكن أصل الاسم غير معروف إلى حد كبير، غير أن التفسير الأكثر شيوعاً في انجلترا يقول أنه جاء نسبة لصناديق الهدايا التي يحصل عليها الفقراء من الأغنياء أو الموظفين في ليلة "الكريسماس"، حيث يتم جمع هذه الصناديق في اليوم التالي، لذلك سمي هذا اليوم بيوم الصناديق "Boxes".
وجود مباريات في الدوري الإنجليزي في "البوكسينج داي" هو من التقاليد الإنجليزية العريقة، فعادةً لا تقام مباريات هذه الجولة في يوم واحد فحسب، بل في نفس التوقيت أيضاً، وهو ما يجعل نسبة مشاهدة المباريات في هذا اليوم مرتفعة للغاية نظراً لأنه يوم عطلة، ما يدفع العائلات والأسر لحضور المباريات في الملاعب، وذلك بتخطيط من الاتحاد الإنجليزي، الذي أراد أيضاً إعطاء البطولة المحلية شكلاً خاصاً يميزها عن غيرها من الدوريات العالمية الأخرى بهذه الجولة، خصوصاً أن في هذا الوقت تكون المنافسة على أشدها بين فرق الدوري الإنجليزي نظراً لأن هذه الفترة هي منتصف الموسم الكروي.
ولأن هذا اليوم عطلة، فالكثير من اللاعبين خاصةً المحترفين لا يحبون اللعب في هذا اليوم، ويرغبون في قضاء الوقت مع عائلاتهم وأصدقائهم، في حين يقبل آخرون اللعب كونهم يعلمون أنه جزء من التقاليد الإنجليزية العريقة، خصوصاً اللاعبين البريطانيين والتابعين لكل من: (اسكتلندا، ويلز، أيرلندا الشمالية).
لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذا التقليد يعود إلى عام 1860، وليس كما هو شائع أنه عُرِف عندما تأسس الدوري الإنجليزي الممتاز بالمسمى الجديد "بريميرليج" مطلع التسعينات، حيث جمعت المباراة الأولى في هذه الجولة بين اثنين من أعرق الأندية في العالم شيفيلد وهالام، وأقيمت هذه المباراة تحت قوانين شيفيلد، حتى أن بعض لاعبي شيفيلد كانوا يسمحون لأنفسهم بالتقاط الكرة بأيديهم.
الاتحاد الإنجليزي تدخل في جدول المسابقة في ذلك اليوم حتى يضمن الحصول على أعلى نسبة مشاهدة، حيث نظم جدول المباريات ليجمع بين كل فريق وغريمه التقليدي في مباراة ديربي، أو فرق على مقربة من بعضها البعض يكون بينها تنافس، حتى لا تحتاج الجماهير للسفر مسافات طويلة بعد يوم عيد الميلاد.
كما أن بعض الجماهير التي لا يكون باستطاعتها حضور مباريات فرقها في غالبية الموسم، تكون جولة الـ"البوكسينج داي" مناسبة جيدة بالنسبة لهم لمشاهدة مباراة ديربي أو مباراة قوية، والاحتفال في نفس الوقت بالعطلة على أفضل طريقة.
لكن الاتحاد الإنجليزي أبعد يده شيئاً فشيئاً عن التدخل في جدول المباريات في هذا اليوم، وذلك خوفاً من وقوع بعض الاشتباكات بين الفريقين الغريمين، خاصةً أن البعض يتناول المشروبات الكحولية في هذا اليوم احتفالاً بعيد الميلاد.
وهذا ما حدث بالفعل في عام 1979، عندما وقعت اشتباكات عنيفة بين أنصار شيفيلد وينزداي وأنصار شيفيلد يونايتد، وألقي القبض على إثرها على 50 مشجع من كلا الجانبين، وهو ما نمى بعد ذلك ظاهرة "الهوليجانز" التي عانت منها كرة القدم الإنجليزية على المستوى الدولي والمحلي.
هذا اليوم بالتأكيد يميز الدوري الإنجليزي الممتاز عن سـائر الدوريات الأخرى التي تكون في عطلة في هذا الوقت، ففي ألمانيا على سبيل المثال، العطلة الشتوية تمتد 6 أسابيع في شهري ديسمبر ويناير، نفس الأمر في فرنسا، في حين أن بعض بلدان أوروبا الشرقية تمتد العطلة الشتوية حتى مارس.
ورغم أن انجلترا تتفاخر بهذه الجولة، لكن البعض يرى أن تلك الفترة من كل عام وعدم وجود عطلة شتوية من أسباب تدهور مستوى المنتخب الإنجليزي الأول، بسبب أن اللاعبين الإنجليز يعانون من التعب بعد انتهاء الموسم الذي يشمل 3 مسابقات محلية، إضافة إلى المسابقات القارية المختلفة سواء دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي، ما يؤثر بالسلب عليهم عندما يلعبون في نهاية الموسم في بطولة مثل كأس العالم أو كأس الأمم الأوروبية.