تظل أغاني الموسيقار والمُطرب فريد الأطرش عالقة في آذاننا، رافضة الاندثار فهي من أهم الأعمال التي تركتها صناعة الفن والسينما منذ عقدِ مضى، وخاصةً أن "الأطرش" ترك بصمةً واضحةً في الغناء العربي الحديث، بجانب عمله في التمثيل، بدأ حياته بتشكيل ثنائي لامع مع الراقصة حديثة العهد وقتها سامية جمال، التي أحبته من أغلفة المجلات وكانت تتمنى رؤياه على الحقيقة، حتى تحققت في كازينو بديعة مصابني في أربعينات القرن الماضي.
جاء الطفل السوري ذو التسع أعوام إلى مصر مُهاجرًا مع والدته واخوته، وبدأ مسيرة حياته الفنية الناجحة منذ صغره حيثُ كان مولع بالموسيقى، والتي استمرت حتى لثلاثة عقود سجل فيها أكثر من 500 أغنية وأكثر من 13 فيلم.. هربت والدته به واخوته نحو لبنان أولاً، ثم اتجهت إلى مصر حيث طلبت اللجوء لها ولأطفالها الثلاثة، فؤاد وفريد وآمال. ومُنحت الجنسية المصرية فيما بعد، فهي عانت كثيرًا من أجل دعم ابنائها الثلاث. وكان "الأطرش" واخوته من أصول لعائلةٍ هي من كبار عائلات الموحدين الدروز عُرفت بمقارعتها الاحتلال الفرنسي، ووالده الأمير فهد الأطرش من سوريا، أما والدته فالأميرة عالية وهي لبنانية.
عانت العائلة المهاجرة من أزمات مادية في مقتبل المعيشة بالقاهرة، وكان هو يستمع لوالدته تغني وتعزف، حتى نما اهتمامه بالموسيقى في تلك الفترة، وأعجب بشدة بمغنٍ في إحدى المقاهي، لكنّه لم يكن بامكانه شراء كوب من الشاي هناك ليستمع له.، كان يقف خارج المتجر بشكل مستمر ليستمتع بالموسيقى هناك، حتى أثار استماعه للعرض دون أن يدفع ثمنه غضب أحد الموظفين القائمين على المقهى، وفاجأه بصب الماء البارد عليه.
بعد تخرج الشاب الوسيم من مدرسته الفرنسية، سُمح له أن يسجل بمعهد موسيقي، ليصبح تلميذًا لرياض السنباطي الملحن الشهير. أعجب السنباطي بعمله ومكنه من الغناء في إذاعات خاصة مصرية في الثلاثينيات، حتى تم تعيينه كعازف للعود في أوركسترا بعد أن تم إغلاق جميع محطات الراديو وأُنشأت محطة واحدة وطنية، ثم أصبح بعدها أحد مُغنيها.
في هذه الفترة مالت شقيقته اسمهان للفن والعمل معه، ووافق بشدة وعمل معها فترة، في أول فيلم ظهرا فيه معًا "انتصار الشباب"، واستمر بالعمل مع عدة نجوم آخرين في مجموعة أفلام ناجحة حصل في معظمها على دور المغني العاشق والرومانسي الحزين يظهر باسم "وحيد".
نجح في استدانة المال لينتج فيلمًا تشاركه في بطولته عام 1947. وهو فيلم "حبيب العمر" أخرجه هنري بركات، لاقى هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا وغير متوقع وضع فريد في صف الأشخاص الأثرياء، ثم تبعه فيلم "عفريتة هانم".. غيّر النجاح السريع الذي لاقاه الشاب الوسيم نمط حياته، فأصبح يستمتع بالحياة الليلية في المدينة، العلاقات الغرامية، والمراهنة على سباق الأحصنة.
وقع في غرام الفنان شادية، ومثل معها أكثر من عمل فني فني أشهره فيلم "انت حبيبي" من اخراج يوسف شاهين، حتى أنه تقدم لخطبتها ولكن هناك رواية تقول أن الفنانة رفضت الزواج منه حيثُ لم تكن حبه كما أحبها هو، ورواية أخرى تكشف عن مرض الفنان الذي اصابه منذ شبابه وكان يحب لكنه يخشى الارتباط.
وعلى مدار مسيرةٍ فنيةٍ استمرت ثلاثين عامًا، سجل أكثر من 350 أغنية وشارك في 30 فيلمًا، نذكر بعضًا من أغانيه المميزة مثل "الربيع" و"أول همسة"، والموسيقى المميزة "لحن الخلود"، "توتة" و"رقصة جمال". غنّى أغاني أخرى أخف مثل "نورا نورا"، "هلت ليالي" و"جميل جمال"، وبقيت هذه الأغاني على درجة عالية من الشهرة حتى هذه الأيام. ومن اشهر افلامه "نغم في حياتي"، وفيلم انت حبيبي ليوسف شاهين، ومجموعة افلامه مع سامية جمال.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
