على أحد الأرصفة الملاصقة لمدرسة الثانوية بنات القديمة بمركز شبين الكوم وداخل كشك صغير على نفس ذات الرصيف، يجلس "محمود نوفل" بائع الجرائد وأمامه طاولة كبيرة تحمل المجلات المتعددة والجرائد المختلفة، سواء الحكومية أو الإقليمية أو الخاصة، يحاوطه العديد من الرجال، بداية من العقد الرابع حتى السابع وشباب الصحفيين؛ لذلك لقب بصديق الصحفيين.
لم يكن الجلوس داخل الكشك وبيع الجرائد مهمة محمود فقط، بل يتجه في تمام الخامسة صباحا إلى محطة قطار شبين الكوم؛ لتلقي الجرائد منها، ثم بعد ذلك يأخذها ويجردها جيدا؛ لوضعها على الطاولة الكبيرة، ويستدعي زوجته للبقاء أمام الكشك لحين توزيع الجرائد على بعض القراء بمنازلهم، ليعود مرة أخرى للكشك لممارسة مهنته وسط البائعين.
هذا هو حال محمود نوفل، البالغ من العمر 36 عاماً، حيث أخذ الحمل على عاتقه منذ الصغر، ويقول: بدأت العمل بهذه المهنة وأنا في الحادية عشرة من عمري مع والدي، بعد ذلك ألزمت في الخامسة عشرة بهذا العمل؛ نظرا لشدة مرض والدي، فأخذت أشق طريقي وأحاول بقدر الإمكان الوصول لربح يجعلني أستطيع الزواج وتكوين أسرة.
وأضاف نوفل: علمت أن محبة الناس أهم شيء في هذه المهنة، فحاولت بقدر الإمكان القيام بذلك، وبالفعل تحقق الأمر، فمن خلال تعاملي معهم، عرفت أي نوع من الأخبار يقرؤها كل شخص؛ لأرشده إليه، وعلى الرغم من أن المهنة ذات أجر بسيط، إلا أني حاولت بقدر الإمكان تجميع المبلغ اللازم للزواج، وتزوجت ولديَّ ابنتان، واحدة في المرحلة الإعدادية، والأخرى في المرحلة الابتدائية، حيث إنني أعمل بكل جهد لكي تصلا إلى أعلى الشهادات العليا؛ فالعلم لا مثيل له.
وتابع: أعمل يوميا من الخامسة فجرا وحتى الخامسة بعد صلاة العصر؛ للحصول على المال الكافي لتربية أبنائي ومساعدة والديَّ؛ لأننا نعيش معا في ذات المنزل، فلديَّ العديد من الالتزامات كـ "أدوية، ومأكل، ومشرب، وملابس"، وغيرها من الالتزامات، حيث إنني لم أحصل على إجازة منذ عملت بهذه المهنة، وأعلم أن الجرائد باتت غير مطلوبة لدى الشباب، فالحدث يتم نشره لحظة بلحظة على المواقع الإلكترونية، لذلك نطالب بضرورة الاهتمام بالجرائد الورقية عن المواقع الإلكترونية؛ لأننا بذلك سننهار وتنهار أسرنا.
وأكمل: أخذت أبحث كثيرا عن عمل ذي أجر كافٍ لي ولأسرتي للعيش بسلام، ولكن لم أجد؛ لذا أطالب بضرورة توفير نقابة لبائعي الصحف الورقية لضمان مستقبلهم.