يُعتبر يوم الجمعة من أحب الأيام إلى جميع المسلمين وهو يوم العيد الأسبوعي أيضًا، ويتم تعظيم يوم الجمعة بالصلاة وقراءة القرآن، والعبادة، والإكثار من الصلاة على سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم"، والتقرب من الله تعالى بالصلاة والعلم، فيوم الجمعة سيد الأيام و أعظمها عند الله سبحانه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يوم الجمعة سيد الأيام و أعظمها عند الله".
وأمر الله تعالى عباده بالإجتماع للصلاة في يوم الجمعة، حيث قال سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الجمعة أيضًا: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة".
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: "إنّ من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، و فيه قبض، و فيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ".
ساعة الاستجابة في يوم الجمعة
وردت العديد من الأحاديث المؤكدة بأن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه، واختلف العلماء في تعيين تلك الساعة بسبب اختلاف الروايات الواردة في تعيينها ففي بعضها أنها ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن يقضي الصلاة، كما في صحيح مسلم وغيره.
وفي بعضها أنها بعد عصر يوم الجمعة بدون تقييد، وفي بعضها أنها آخر ساعة منه قبل الغروب، كما ورد في أحاديث في المسند والسنن، وقد رجح جماعة منهم الشوكاني أنها آخر ساعة في يوم الجمعة قبل الغروب، وذكر أن ذلك أرجح أقوال أهل العلم وأنه مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة.
وذكر أن حديث مسلم المتقدم معلّ عند أهل الحديث، ومن أهل العلم من قال: إنها قد أخفيت في يوم الجمعة كما أخفيت ليلة القدر في رمضان، ولعل الحكمة من ذلك أن يكون العبد مثابرًا على الدعاء في اليوم كله فيعظم بذلك الأجر.
وعلى كل حال فعلى المسلم أن يجتهد في يوم الجمعة كله يسأل الله تعالى أن يوفقه لها ولغيرها مما يحب الله ويرضى، والله لا يرد من دعاه بإيمان وصدق.
وأما تحديد مدة تلك الساعة بالضوابط الموجودة اليوم من دقائق وثوانٍ فلا يوجد من تكلم عليها، ولا شك أن هذه الضوابط لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
الأدعية والأعمال المستحبة في يوم الجمعة
جعل الله جل وعلا في يوم الجمعة ساعة يقبل فيها الدعاء، وهي ساعة قليلة لا يوافقها المسلم وهو قائم يصلي إلا أعطاه الله سؤاله.
ويستحب الإِكثار من ذكر اللّه تعالى بعد صلاة الجمعة، قال اللّه تعالى: "فإذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فانْتَشِرُوا في الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّه كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".
وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أنّه قال: "يوم الجمعة اثنتا عشرة -يريد ساعة- لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئاً ، إلا آتاه الله عزّ وجلّ، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر".
وورد في السنة النبوية المطهرة، أدعية كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقولها يوم الجمعة، ومن تلك الأدعية، عن أنس رضي اللّه عنه، عن النبيّ - صلى اللّه عليه وسلّم - قال :
"مَنْ قالَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الجُمُعَةِ قَبْلَ صَلاةِ الغَدَاةِ: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وأتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ ، وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ".
وفي حديث آخر، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : كان رسولُ اللّه – صلّى اللّه عليه وسلّم – إذا دخل المسجد يومَ الجمعة، أخذ بعضادتيّ الباب، ثمّ قال : "اللَّهُمَّ اجْعَلْني أوْجَهَ مَنْ تَوَجَّهَ إلَيْكَ، وأقْرَبَ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ، و أفْضَلَ مَنْ سألَكَ وَرَغِبَ إِلَيْكَ".
ولعل من أفضل الأدعية في كل وقت سواء
كان يوم الجمعة أو غير، هو ما جاء في القرآن الكريم، وهو كثير
وشامل لخيري الدنيا والآخرة، ومن أمثلته قول الله تبارك وتعالى: "رَبَّنَا
آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ". وما جاء في السنة النبوية وصرحت الأحاديث
بأفضليته، ومن ذلك: الحمد لله، ومنه: سؤال العفو والعافية، ومنه: سيد الاستغفار في
طلب المغفرة، فقد روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: "أَفْضَلُ الذِّكْرِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ:
الْحَمْدُ للهِ". حسنه الألباني. وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ ـ وَهُو مِنَ الْقُرْآنِ ـ أَرْبَعٌ لَا
يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ. وقال صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ دَعْوَةٍ
يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
وأمرنا رسولنا الكريم بكثرة الصلاة عليه يوم الجمعة، حيث قال: "أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرًا".
وقد قال أيضًا، صلى الله عليه وسلم : "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي"، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك ؟!، قال: "إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء".
وصلاة الصبح في جماعة من أفضل الأعمال التي تبدأ بها يومك، ويتأكد فضلها ويتعاظم أجرها يوم الجمعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة".
كما يسن في يوم الجمعة قراءة سورة الكهف: قال صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة؛ أضاء له من النور ما بين الجمعتين".
الاستعداد لصلاة الجمعة
ويستعد المسلم لآداء صلاة الجمعة، عن طريق الإغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب، عملًا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من اغتسليوم الجمعة فأحسن الغسل، ثم لبس من صالح ثيابه، ثم مس من دهن بيته ما كتب، أو من طيبه، ثم لم يفرق بين اثنين، كفر الله عنه ما بينه و بين الجمعة". و في رواية : "وزيادة ثلاثة أيام ".
فيحسن بالمسلم أن يأخذ زينته عند دخوله بيت الله، قال تعالى : "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد"
يجب على المسلم، أن يأتي مبكرًا للصلاة، امتثالًا لأمر الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ".
إكثار الخطا عند الذهاب إلى صلاة يوم الجمعة والاقتراب من الخطيب، عملًا بما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكَّر وابتكر ومشي ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يَلْغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها". رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
لا يجب على المصلي أن يجلس في أواخر الصفوف إذا وجد أمامه متسعًا، ولا يزاحم غيره، ولا يؤذي المصلين بتخطي الرقاب، فقد جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له :"اجلس فقد آذيت".