أظهرت وثائق سرية إسرائيلية معلومات عن البرنامج النووى الإسرائيلى وتأثيره على وضع الدولة، والرعب الذى اجتاج القادة من شن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حرب وقائية ضده، وتطويره مشروع النووي المصري.
وبحسب صحيفة إسرائيلية فقد بينت الوثائق المسربة والمكتوبة معلومات بخط اليد عن نشأة البرنامج النووي الإسرائيلي وتأثيره على وضع الدولة وجيرانها، لا سيما مصر، فيما أشارت إلى وقت كان من المحتمل فيه استخدام القنبلة الذرية في حرب 1973.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أنها حصلت على 100 وثيقة مختلفة، بما في ذلك قصاصات ورقية ومذكرات ومسودات بخط اليد، بشأن أكثر الاجتماعات سرية في تاريخ إسرائيل النووي.
وكتبت الوثائق بخط يسرائيل غاليلي، الذي كان يشغل وزيرا دون حقيبة ومستشارا مقربا لرئيسي الوزراء ليفي إشكول وغولدا مئير، فيما تناولت مسودات أخرى كتابات بأيادي كبار القادة العسكريين.
وتطرقت العديد من الفقرات في هذه الوثائق إلى اجتماعات سرية عقدت خلال عامي 1962 و1963، جرت فيها مناقشة مستقبل المشروع النووي وتأثيره على جيران إسرائيل، وخاصة مصر.
أما ما يجعل هذه الوثائق غاية في الأهمية، فهو أنه لم يكن لتلك الاجتماعات محاضر رسمية حفاظا على سريتها.
وبحسب ما ذكرته هذه الوثائق، فقد دار جدل بين المسؤولين الإسرائيليين بشأن تاريخ تشغيل مفاعل ديمونا، وكيفية إخفاء المشروع النووي عن المفتشين الأجانب، والأموال التي يتعين توفيرها لهذه المشروع الضخم.
وكان القلق يساور المسؤولين بشأن تسرب معلومات عن المشروع الذي جرى تشغيله سرا عام 1958، بعيدا عن علم الحكومة والكنيست بفضل اعتماده على التمويل من مصادر أجنبية.
وكانت الظروف المحيطة بالمشروع النووي بالغة الحساسية، فالاستمرار فيه يتطلب موارد مالية ضخمة، كما أن أي تطور نووي سينجم عنه تداعيات على اندماج إسرائيل في شبكة العلاقات الدولية خلال الحرب الباردة.
ومن جهة أخرى، فإن مواصلة البرنامج النووي الإسرائيلي سيدفع بلدانا أخرى في المنطقة، خاصة مصر، إلى تطوير برنامج نووي عسكري خاص بها.
وقال كل من أرنان أزارياهو، الذراع الأيمن لغاليلي والقائد العسكري إيغال آلون، بعد عدة سنوات، إن هذه الاجتماعات خرجت بأكثر القرارات أهمية في تاريخ إسرائيل، عندما تم الاستقرار في نهاية الأمر على اعتماد سياسة الغموض النووي، وذلك عكس ما طرحه كل من ديان وبيريز بشأن الإعلان عن قدرات إسرائيل وتحويل معظم ميزانية الدفاع إلى مفاعل ديمونة.
وكانت سياسة الغموض النووي توفر ميزة كبيرة لإسرائيل، فقد قللت من دافع الدول المجاورة للشروع في المسار النووي، كما وفرت على إسرائيل اتخاذ خطوات كانت شائعة آنذاك من أجل إعلانها دولة نووية، مثل الإفصاح عن قدراتها النووية وإجراء اختبارات وتفعيل السلاح النووي.
وكان من شأن هذه الإجراءات أن تفسد الجهود الدولية التي كانت تقودها الولايات المتحدة ضد الانتشار النووي.
وتناولت الاجتماعات السرية القلق لدى القادة الإسرائيليين وعلى رأسهم غاليلي من تطوير مصر لمشروع نووي ردا على مشروع نووي إسرائيلي علني.
وتناولت الاجتماعات مجموعة من القضايا المتعلقة بالموضوع، فعلى سبيل المثال، كان غاليلي منزعجا للغاية وأعرب عن قلقه العميق من أهمية هذا التطور بالنسبة لمصر، متخوفا من أن يدفع المشروع الرئيس جمال عبد الناصر إلى شن حرب وقائية ضد "هدف مبرر"، وأيضا إلى تطوير مشروع نووي مصري.
وبينما كان هناك اتفاق غير رسمي عام 1962 بالاستمرار في تطوير المفاعل، فإن وثائق غاليلي أكدت على أنه لم يكن لدى الحكومة الإسرائيلية قرارا بتصنيع أسلحة ذرية.
وبعبارة أخرى، فقد استمرت إسرائيل في إعداد خياراتها النووية في حال بدأت أي دولة مجاورة في مشروع نووي عسكري، لكن الإسرائيليين لم يكونوا قد وصلوا في هذا الوقت إلى الدورة النووية الكاملة.
وظل قرار عام 1962 بشأن استمرار تطوير المفاعل وتبني سياسة الغموض، تقرر في عام 1969 وقف الزيارات الأميركية إلى ديمونا وفق اتفاقية تفاهم سرية بين الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ورئيسة الوزراء غولدا مائير، حيث لا تستطيع إسرائيل الوصول إلى العتبة النووية علنا.