كشفت وثائق تعود لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، التي تمت مصادرتها في مخبئه بـ"أبوت آباد"، اتخاذ القيادات من الجماعة الليبية المقاتلة من تركيا مركزاً لهم، كان بينهم عبد الحكيم بلحاج المكنى بـ"أبي عبد الله الصادق"، الذي كان قد أفتى لقيادات وعناصر الجماعة الليبية المقاتلة والاتصال بالنظام الإيراني منذ أواخر التسعينات الميلادية قبل ما يعرف بأحداث 11 من سبتمبر، واستغلال سوء العلاقات الثنائية بين إيران ونظام القذافي من جهة والنظام المصري من جهة أخرى.
ووفقاً للوثائق بحثت الجماعة الليبية فكرة إقامة علاقة وتعامل مع النظام الإيراني، ووفقاً لما ورد في الوثيقة كان رأي عبد الحكيم بلحاج المكنى بـ"أبي عبد الله الصادق"، ولأن النظام الإيراني علاقاتهم سيئة بنظام القذافي كما هي سيئة بالنظام المصري.
إلا أن اقتراح عبد الحكيم بلحاج، تمت مواجهته بالتحفظ من قبل بعض القيادات في اللجنة الشرعية، وعلى رأسها "أبو المنذر وأبو يحيى"، إذا كانت فتواهم في ذلك بعدم الجواز إلا في حال الضرورة، وفي حينه كانت بعض الشخصيات ترى "عدم وصولهم إلى حال الضرورة بعد"، إلا أن عبد الحكيم بلحاج رأى خلاف ذلك، ووفقاً لما ورد في الوثيقة: "مع أن عبد الله الصادق وغيره يقولون إنها ضرورة أو تقترب من الضرورة لو فعلناها".
يشار إلى أن عبد الحكيم بلحاج كان من أوائل الليبيين ممن التحقوا بالقتال إلى جانب أسامة بن لادن في أفغانستان عام 1988، وأسس مع آخرين مطلع التسعينيات ما عرف بـ"الجماعة الليبية المقاتلة" ذراع القاعدة في ليبيا، تنقل بين السودان وباكستان وتركيا وقطر، وعاد إلى ليبيا عام 1995 لإعادة ترتيب أوراق الجماعة وتدريبها لضرب نظام القذافي، فشل وعاد إلى أفغانستان قيادياً ضمن شبكة بن لادن، في فبراير 2004 اعتقلته الاستخبارات الأميركية في بانكوك ورحل إلى ليبيا، بقي رهن الاعتقال في سجن أبو سليم 7 سنوات، خرج بلحاج من السجن في 2010 بعفو من القذافي، قبل أن يوضع اليوم على رأس قائمة المطلوبين بتهمة شن هجمات على مؤسسات حكومية في ليبيا.
ووفقاً لما ورد في الوثيقة بدأت قيادات الجماعة الليبية المقاتلة، العمل على تفعيل الاتصال بالنظام الإيراني أثناء إقامتهم في تركيا، وتعرف على بعض العرب هناك، منهم جزائريون وتونسيون وغيرهم ممن يدرسون هناك، وممن تشيعوا ويعيشون في إيران من زمن، وكوّن معهم صداقات وكانت له معهم حوارات.. فخدموه فعلاً ووفروا له إمكانية الدراسة والسكن وعرفوه على بعض الكبراء، بالإضافة إلى تعرف أخينا هذا وإخوة آخرون ممن دخلوا إيران أيضا، من الليبيين والمصريين وغيرهم، أقول تعرفهم على ناس من حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيين، ممن يقيمون في إيران، والمعارف والعلاقات يجر بعضها بعضا".
واتخذت الجماعة الليبية المقاتلة ومن بينهم "عبد الحكيم بلحاج" من تركيا محطة أولى للخروج من الأزمة، قبل الانتقال إلى شرق آسيا كالصين وإندونيسيا وماليزيا، مضيفاً إلى ذلك ذهاب بعض عناصر الجماعة الليبية إلى إيران ومن بينهم قيادات قائلاً: "كان من بينهم سامي الساعدي وعبد الحكيم بلحاج اللذان انتقلا إلى إيران".
وعن تفاصيل رحلة القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة عبد الحكيم بلحاج قال: "من باكستان خرج أبو عبد الله الصادق من منطقة القبائل ومعه 11 ليبيا، وانتقلوا للإقامة في إيران، وبعدها انتقل إلى ماليزيا ثم إلى الصين، واستقر هناك مع مجموعة من العرب، منهم ليبيون ومصريون ومن دول الخليج، حتى إنه تم إلقاء القبض عليه في مطار بانكوك في محاولة منه للانتقال إلى أوروبا".