بعد ثورة الربيع العربي التي طالت الكثير من بلدان الشرق الاوسط تأجج صراع المصالح في ليبيا عقب مقتل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي على يد أبناء "مصراتة" التي يسيطر عليهم الآن أخطر رجل في الشرق الأوسط فايز السراج المدعوم رسميا لتسيير أمور الدولة المنهارة لحين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وفقاً لموقع Foreign Intelligence الروسي.
وخلال ذلك الصراع لم يقتصر الأمر داخلياً فقط بين أبناء ليبيا ومسؤوليها بل أيضا بين الدول التي لها مصالح في أن تظل ليبيا في تلك الأزمة لكسب مصالح شخصية قدر الامكان، ومن أبرز تلك الدول ايطاليا وفرنسا الذين يحاول كل طرف منهما السيطرة على الدولة.
وبدأت الأزمة بين باريس وروما عندما خرج وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي "دي مايو" بتصريحات حول إجراءات عقابية ضد الدول التي لا تغادر أفريقيا في إشارة منه إلى تحريك المجتمع الدولى ضد فرنسا.
أهمية جنوب ليبيا لفرنسا
وقال الموقع الاستخباراتي الروسي أن الصراع بين إيطاليا وفرنسا على ليبيا يبدو ظاهرياً صراعاً حول أزمة الهجرة الغير شرعية، ولكن حقيقة الأمر فإنه صراع على المصالح داخل القارة الأفيقية ككل، وخاصة ليبيا.
وأكد الموقع أن هدف فرنسا من تحركاتها في افريقيا هي دعم مصالحها في الجنوب الليبي، خاصة بإقليم "فزان"، ومد نفوذها شمال ليبيا، ونحو الغرب والشرق،وهو ما قامت به فرنسا بالفعل حيث تسعى لتواجد قواتها في "مصراتة"، في حين أن البرلمان الإيطالي طلب زيادة قواته بنفس المنطقة لأهميتها الاستراتيجية في ليبيا.
وقال الموقع أن فرنسا تسعى إلى السيطرة على اليورانيوم الموجود في الصحراء الأفريقية والموجود بكثرة في الجنوب الليبي حيث تعتمد فرنسا على 75% من احتياجاتها من الكهرباء على الطاقة النووية.
وأضاف الموقع أن أهمية الجنوب الليبي لفرنسا هو أن إقليمي برقة في الشرق وطرابلس في الغرب مع الجنوب الليبي يكون "ثالوث" اقتصادي هام لفرنسا، لإحتوائها على الكثير من النفط والمعادن.
لذا تمتلك فرنسا قواعد عسكرية في النيجر على الحدود الجنوبية الليبية، حيث تعتبر النيجر المصدر الرئيسي للشركات الفرنسية المختصة بالتنقيب عن اليورانيوم، وبشكل خاص شركة "أريفا"، التي لها ارتباط مباشر بحكومة باريس، وتكمن أهمية استخراج فرنسا لليورانيوم من النيجر في كونه يعتبر العنصر الأهم في صناعة المفاعلات النووية سواء لأغراض سلمية كتوليد الكهرباء وغيرها، أو لأغراض عسكرية كصناعة القنابل النووية، ومن هنا تبرز المصالح الفرنسية في كل من تشاد والنيجر، والذي من شأن الجنوب الليبي الموازي لتلك الدولتين أن يهدد المصالح الفرنسية في حالة عدم الاستقرار به.
لذا بدأت فرنسا بتعزيز وجودها العسكري في منطقة الساحل تحت غطاء مواجهة الإرهاب، فأنشأت أربع قواعد عسكرية في إنجامينا بتشاد، ونيامي في النيجر، وغاو وتيساليت في شمال مالي، وقاعدة للقوات الخاصة في بوركينا فاسو.
ولكن هل هناك تصارع للقوى العسكرية بين ايطاليا وفرنسا خاصة وأن روما زودت الاراضي الليبية بـ1000 مجند لحماية سفارتها في "مصراتة" ولكن هذا ظاهرياً فـ1000 جندي يعد "كتيبة" كاملة، وعلى الجانب الاخر تسيطر القوات الفرنسية ببناء قواعد عسكرية في "سبها" الليبية.
زيارة ماكرون لمصر
وتحول الملف الليبي كما أشار الموقع الروسي إلى صراع بين فرنسا وإيطاليا وهو ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة مصر الأسبوع الماضي لبحث الملف الليبي على أساس أن فرنسا تسعى إلى إعمار ليبيا، ولكن أزمة "ماكرون" تكمن في انه جعل هذا الملف تنافسي مع ايطاليا وليس تكاملي، لذا احتاجت فرنسا إلى مصر لتقريب وجهة النظر لإيجاد حل مع ايطاليا يضمن عدم تهديد الوجود الفرنسي داخل الجنوب الليبي، خاصة وأن الدور الإيطالي مرفوض تماماً من جانب المشير خليفة حفتر والتي تسعى فرنسا لكسبه في صفوفها، مقابل فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني الذي لم يرفض التعاون مع إيطاليا.