أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، اليوم الأحد أن الوزارة قامت وبالتشارك مع كافة أعضاء المجموعة الاقتصادية والبنك المركزي بإعداد استراتيجية متكاملة لخفض وإدارة المديونية الحكومية في المدى المتوسط، وقد عرضت تلك الاستراتيجية على الرئيس عبد الفتاح السيسي في نوفمبر الماضي وجارى تحديث بعض النقاط بها تمهيدا لاعتمادها من قِبل رئيس الجمهورية قبل نهاية مارس 2019 ونشرها، وذلك لضمان استدامة وانخفاض نسبة الدين للناتج كما هو مستهدف ومخطط.
وأضاف معيط أن الوزارة نجحت في خفض نسبة دين أجهزة الموازنة (المحلى والأجنبي) للناتج المحلى لتصل الى 97% من الناتج المحلى في يونيو 2018 بدلا من 108% من الناتج المحلى في يونيو 2017 و103% من الناتج في يونيو 2016، مشيرًا إلى نجاح خطة خفض الدين ترجع بالأساس الي تحقيق فائض أولى قدره 4 مليار جنيه في 2017/2018 وللمرة الاولى منذ 15 عام بالإضافة الى ارتفاع معدل النمو الاقتصادي الى 5.2%.
وقال الوزير إنه بالرغم من السير قدمًا نحو تحقيق معدلات نمو مرتفعة وخفض معدلات الدين العام إلا أن وزارة المالية تستهدف خفض نسبة الدين الى الناتج المحلى الى 93% في يونيو 2019 ثم الى 88% في يونيو 2020 ثم الى 80% في يونيو 2022 في ضوء استهداف تحقيق فائض أولى سنوي قدره 2% من الناتج المحلى وتحقيق معدلات نمو سنوية تزيد عن 6% في المدى المتوسط.
وكشف وزير المالية عن أن هناك اتجاه آخر لخفض الدين الخارجي، موضحًا أن نسبة الدين الخارجي لجمهورية مصر العربية للناتج المحلي قد انخفضت لتصل الى 36.8% في يونيو 2018 مقابل 41.1% في يونيو 2017، ومن المستهدف ان تصل تلك النسبة الى نحو 34% من الناتج في يونيو 2019 وهو ما يعنى ان المديونية الخارجية لمصر بدأت تقع ضمن النطاق الامن وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولى البالغ 30-50% من الناتج.
من جانبه أشار احمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية إلى أن أحد أهم الأهداف الرئيسية والمباشرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الجاري تنفيذه وبنجاح من قبل الحكومة المصرية هو خفض نسبة المديونية للناتج المحلى والوصول بتلك النسب لمعدلات منخفضة تبلغ 80% في يونيو 2022 وهو معدل للمديونة مطمئن وجيد وفقا للتقديرات العالمية.
وأضاف أن تلك المعدلات المستهدفة للمديونية ستضمن استدامة المديونية الحكومية بالإضافة الى خفض فاتورة خدمة أعباء الدين وبما يوفر مخصصات مالية إضافية لتمويل انشطة اقتصادية منتجة مثل الاستثمارات الحكومية وتحسين البنية التحتية وتمويل بعض المشروعات الإنتاجية. كما ان الحيز المالي المتوفر يمكن استخدامه لزيادة التمويل الحكومي لصالح برامج حماية اجتماعية تتميز بالاستهداف او لتحسن الخدمات العامة.
وقال كجوك إن وزارة المالية قد نجحت في الاقتراض طويل الاجل من الأسواق الدولية واستخدام جزء من تلك الأرصدة لسداد الدين الخارجي قصير الاجل والمتمثل في اذون الخزانة المقومة بالدولار والعملات الأجنبية المصدرة لصالح البنوك المحلية، مشيرًا إلى ان وزارة المالية نجحت في خفض الرصيد القائم للأذون بالدولار خلال عام 2018 بقيمة 3.25 مليار دولار ليصل الرصيد بنهاية ديسمبر 2018 الى نحو 14 مليار دولار، وهو ما انعكس إيجاباً علي مؤشرات قياس المديونية المحلية من خلال إطالة عمر الدين و تقليل درجة تأثر المديونية لتقلبات أسعار الصرف ومخاطر إعادة التمويل هذه المديونية قصيرة الآجل.
جدير بالذكر أن وزارة المالية قامت بتنفيذ عدد من التدابير والمقترحات الواردة بالاستراتيجية خلال الشهور الماضية على النحو الموضح في النقاط التالية للحد من زيادة فاتورة خدمة الدين ولتحسين واطالة هيكل الدين الحكومي:
1. استحداث أدوات تمويلية جديدة للمستثمرين بالسوق المحلي تتمثل في إصدار سندات صفرية الكوبون لأجال 1.5 -2 وهو ما ساعد على مد موعد سداد خدمة الدين للأعوام التالية مع وجود بند يسمح لوزارة المالية باسترجاع تلك السندات بعد ثلاثة شهور في حال انخفاض أسعار الفائدة في السوق المحلى.
2. كما ان تلك الإصدارات من شأنها زيادة عمر محفظة الدين المحلي القابل للتداول، وهو ما تم الإشادة به من قبل المؤسسات المالية العالمية وخصوصاً بنك اليورو كلير الذي تعمل وزارة المالية معه حاليا على ربط سوق الأوراق المالية الحكومية به لتسهيل نفاذ المستثمرين الأجانب للسوق المصري وخصوصاً البنوك المركزية والمؤسسات المالية الدولية لما يتمتع به بنك اليورو كلير من إتاحة خاصية تبادل العملاتMulti-currency وتقليل مخاطر التسويات لتلك المؤسسات.
3. كما ان التوسع في الإصدارات طويلة الأجل التي تقوم به الوزارة حالياً سيسهل من إمكانية إدراج الأوراق المالية الحكومية في مؤشر JP Morgan، والذي سوف ينشط ويضاعف جانب الطلب من المستثمرين أصحاب منهجية الاستثمار الغير مباشر Passive عند بناء محافظهم المالية.
4. نجحت وزارة المالية في القيام بجولة غير ترويجية بأهم المراكز المالية بدول شرق اسيا خلال الفترة أكتوبر2018 حتى يناير 2019 كل من الصين وكوريا وسنغافورا واليابان وجارى التجهيز لزيارة دول الخليج في فبراير 2019 ثم كوريا مرة أخرى في نهاية فبراير 2019 بالإضافة الى الصين وهونج كونج خلال مارس 2019.
وقد ساهمت تلك الإجراءات في خفض تقديرات فاتورة خدمة الدين لعام 2018/2019 بنحو 30 مليار جنيه (وبما يمثل 0.6% من الناتج المحلى ونحو 6% من فاتورة الفوائد المستهدفة بالموازنة) وهو ما يزيد من قدرة المالية على تحقيق مستهدفات الموازنة وذلك على الرغم من الارتفاع الكبير في متوسط أسعار الفائدة على الاذون والسندات المحلية مقارنة بالافتراضات السائدة عند اعداد الموازنة في مارس الماضي.