الإصابة لم تمنعه من تحقيق المستحيل.. رحلة "الحاج على" من صناعة المراكب واليخوت إلى نحت السفن.. ويؤكد: كل إنسان بإمكانه التغلب على ظروفه مهما كانت سيئة (صور)

"البحر له سحره.. وسحره سبب لعشقه".. هكذا افتتح "الحاج على" حديثه راقدًا فى فراشه، منذ 12 عامًا بعد إصابته بتهتك فى النخاع الشوكي إثر سقوطه من أعلى يخت كان يشارك فى صناعته داخل ورشة المراكب بالأنفوشي بمدينة الإسكندرية، ممسكًا بقطعة خشبيه ينحتها مركبًا صغيرة تبهرك دقة صنعها، وتفاصيلها التى لاتفرقها عن أى مركب تشق طريقها فى البحر.

"الحاج على" من أمهر صناع المراكب بمدينة الإسكندرية، يحكي عن بداية ارتباطه بالبحر، فيقول إنه رافق والده فى عمر 7 سنوات إلى ورشة الأنفوشي، ليقاسمه عمله فى صناعة المراكب واليخوت، فأسره البحر ورماه بسهم عشقه، فاعتنق صناعة المراكب لمدة تزيد عن 50 عامًا، ليصبح من أشهر وأمهر الصناع بالمدينة، ويمتد صيته للخارج حيث يشارك فى صناعة السفن المُصَدرة للخارج فيأتي التجار من قبرص وإيطاليا واليونان ليكلفوه بصناعة مراكبهم.

لكن تأتى الرياح بما لاتشتهي السفن، ففى عام 2007 وأثناء عمله فى إحدى السفن، سقط فوق ظهره موتور السفينة ليصيبه بتهتك فى النخاع الشوكي، يمنعه من الحركة ويصيبه بالشلل ويقعده فى فراشه، لمدة 12 عامًا.

يقول "على" إنه بعد مرور عامين على تلقي العلاج، وإجراء عدد من العمليات لتركيب دعامات ووضع شرائح، عشقه للبحر جعله يحول فنه فى صناعة السفن الحقيقة إلى سفن "أنتيكة" بنفس التفاصيل ودقة الصنع.

يكمل حديثه وهو يسحب صندوق خشبي، ممتلئًا بأدوات صناعة بسيطة، ويقول إنه بدأ بصناعة مراكب صغيرة، تشبه تلك التى صنعها فى ورشته باستخدام أدوات بسيطة ونحتها يدويًا، ليخرج تحفًا جميلة تبهر أفراد عائلته ليقوم شقيقه "أشرف"، وولده "محمد" بترويج هذه التحف، وبالفعل وجد لها سوقًا كبيرة من محلات الأسماك، وتجار حلقة السمك ومحلات التحف والزينة.

وبدأ "على" بتوسيع فنه، واستغلال وقته فيقول إنه يستطيع صناعة أى مركب بأى نوع من الخشب، إلا أنه يعتمد على أنواع ذات جودة عالية حتى تظهر جمال صنعه.

ترى المركب الصغيرة ذات التفاصيل الدقيقة فتظن أنها استغرقت وقتًا طويلًا في تصنيعها، لكنه يجيب بأنه يصنع أحجامًا مختلفة من المراكب موضحًا أن الحجم الصغير المناسب للمنازل يستغرق حوالى أسبوع، أما الأحجام الكبيرة التى تحتاجها المطاعم والمعارض فتستغرق من 20 يوم إلى شهر، بالرغم من أنه يعمل بمفرده دون مساعدة من أحد.

وينهي حكايته بأنه اكتشف بعد إصابته أنه يمتلك موهبة أخرى، ويؤكد أن كل إنسان لديه القدرة على التغلب على ظروفه مهما كانت سيئة، مصحًا: "بداخل كل منا قدراته الخاصة التي تظهر فى فترات الصعاب.. فهى هبة من الله ليقدرنا على الصبر وتحمل المتاعب".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً