بعد أن صوت الطامحون في الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي لعام 2020 ضد مشروع القانون الذي نال موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي والذي من شأنه تشجيع الولايات الأمريكية على معاقبة رجال الأعمال والشركات التي تقاطع إسرائيل، يقول المدافعون عن حقوق الفلسطينيين في الولايات المتحدة، إن التصويت يُظهر تحولا في كيفية النظر إلى إسرائيل في واشنطن.
حيث صوت جميع الطامحون في الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ ضد مشروع القانون يوم الثلاثاء، بما في ذلك كوري بوكر، كيرستن جيليبراند، كامالا هاريس وإليزابيث وارن، الذين أعلنوا رسميا عن نيتهم للترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي في عام 2020.
كما صوت أعضاء ديمقراطيون آخرون لم يلقوا أسمائهم رسميا في الانتخابات - مثل شيرود براون، وبيرني ساندرز، وجيف ميركلي - ضد مشروع القانون، الذي تمت الموافقة عليه في النهاية ب 77 صوتا في مقابل 23 صوتا.
فيما قال "عمر بادر" نائب مدير المعهد العربي الأمريكي: "إنه لا يمكن ألا تُعزى هذه الأصوات جزئيا إلى تغيير في القاعدة الديمقراطية. موضحاً: "هناك اعتراف بالتحول في قضية إسرائيل وفلسطين والدعم المتزايد لحقوق الفلسطينيين". ففي العام الماضي، كشف استطلاع أجراه معهد "بيو" أن 27 في المائة فقط من الديمقراطيين قالوا إنهم تعاطفوا مع إسرائيل أكثر من الفلسطينيين، مقارنة بـ 79 في المائة من الجمهوريين.
ومع ذلك، في حين صوت 21 ديمقراطي ضد مشروع القانون، صوت 24 لصالحه، مع تصويت جمهوري واحد فقط ضده.
هذا وتم تضمين "الإجراء المناهض للمقاطعة" في مشروع قانون أوسع بخصوص سياسة الشرق الأوسط يعزز دعم واشنطن لإسرائيل والأردن.
وقد أثار القسم الذي يدين "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (BDS) لحقوق الفلسطينيين أكبر قدر من الاهتمام، ومع ذلك، تقول جماعات الحرية المدنية وحقوق الإنسان إن القيود المفروضة على حق مقاطعة إسرائيل غير دستورية.
في الواقع، أشار العديد من الديمقراطيين إلى مخاوف من أن التشريع ينتهك حقوق "التعديل الأول للدستور الأمريكي" للمواطنين الأمريكيين، وذلك كسبب لعدم قدرتهم على دعمه. ومع ذلك، قال "بادر" إنه يعتقد أن التحول في الآراء حول سياسات واشنطن تجاه إسرائيل وفلسطين قد جاء إلى حيز الوجود. مضيفا: "لقد تم قبول الدعم المطلق لاسرائيل لفترة طويلة جدا، لكن الان هناك حدود لمدى استعدادهم لهذا الدعم".
فمع ذلك، وفي حين صوتوا ضد تشريع مجلس الشيوخ الأخير، يقول العديد من كبار الديمقراطيين إنهم يظلون معارضين بشدة لحركة المقاطعة.
حركة المقاطعة التي أطلقتها جماعات المجتمع المدني الفلسطيني في عام 2005، للضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وضمان حقوق متساوية للمواطنين الفلسطينيين في الدولة، ومنح حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
شارك "كوري بوك"، وهو ديمقراطي من نيوجيرسي، في رعاية "مشروع قانون معارضة حركة المقاطعة" الذي أثار مخاوف "التعديل الأول للدستور الأمريكي" في الماضي. لكن المرشح الرئاسي قال لشبكة "ميدل ايست آي" اللبنانية ان مشروع قانون مجلس الشيوخ هذا الأسبوع "يفتقد بوضوح للهدف منه".
حيث قال "بوكر": "لدي سجل قوي ومطول من جهود المعارضة لمقاطعة إسرائيل، ومع ذلك، فإن هذا التشريع الخاص يحتوي على أحكام تثير مخاوف خطيرة بخصوص "التعديل الأول"، ولهذا صوتت ضده".
وأضاف انه قام بصياغة تعديل "للمساعدة في معالجة هذه المخاوف التي تم التمسك بها على نطاق واسع"، لكنه قال ان محاولة تحسين مشروع القانون فشلت.
وقال: "هناك طرق لمكافحة "حركة المقاطعة" دون المساومة على حرية التعبير، وهذا مشروع كما هو في الوقت الحالي يفتقد بوضوح للهدف منه"، مشيرا إلى مشروع قانون شارك في رعايته في عام 2017، وهو "قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل".
كما شاركت "جيليبراند" من نيويورك في رعاية مشروع قانون 2017 هذا، ولكنها سحبت اسمها من التشريع لاحقًا لأنها قالت إنه يهدد حرية التعبير، مثل "مشروع قانون معارضة حركة المقاطعة" الأخير.
Here are the Senate democrats who voted for the anti-BDS bill yesterday.Let them know there is no Palestine exception to free speech!#RightToBoycott #BDS pic.twitter.com/WRoCXcbPjP— Palestine Legal (@pal_legal) February 6, 2019
ففي مقال رأي عام 2017، وصفت "جيليبراند" نفسها بأنها "واحدة من أقوى مؤيدي إسرائيل وأكثرهم ثباتا على هذا التأييد في مجلس الشيوخ"، ولكنها تدافع عن اختيارها إخراج اسمها من التشريع.
حيث كتبت في ذلك الوقت: "لقد وقعت على ذلك لانني كنت دائما اؤيد اسرائيل وعارضت المقاطعة. ولكن عندما عبّر محامو الدستور عن انزعاجهم من أن مشروع القانون قد يكون له تأثير مروع على "التعديل الأول" ، فقد أخذت مخاوفهم على محمل الجد".
"تطور إيجابي":
وقال "بادر" إنه لم يكن مندهشا أن النواب الأمريكيين الذين صوتوا ضد "مشروع قانون معارضة المقاطعة" فعلوا ذلك بدرجة كبيرة بسبب مخاوفهم المتعلقة ب"التعديل الأول" وليست تلك المتعلقة بالسياسة الخارجية. ومع ذلك، قال إنه يأمل أن يتم إنشاء مساحة للأصوات المؤيدة للفلسطينيين داخل الحزب الديمقراطي.
وقال: "سواء كان التطور يأتي من المثقفين أو المتعلمين أو كان الضغط على مستوى القاعدة الشعبية، فإنها لا تزال حركة". وأضاف: "إنه تطور إيجابي أن هذه قضية لا يمكن للناس أن يأخذوها بسهولة أو أن يتعاملوا مع الآخرين مثلما كانوا يفعلون في الماضي".
وفي خضم الجدل المتصاعد حول إسرائيل وفلسطين بين المصوتين الديمقراطيين والسياسيين، أطلقت جماعة ضغط جديدة مؤيدة لإسرائيل، وهي الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل (DMFI)، الشهر الماضي بخطط " لتوفير الدعم القوي لإسرائيل بين الزعماء الديمقراطيين".
حيث قال "مارك ميلمان" رئيس المجموعة وخبير استطلاعات الرأي الديمقراطي منذ فترة طويلة لصحيفة نيويورك تايمز: "معظم الديمقراطيين مؤيدون بشدة لإسرائيل ونريد أن نحافظ علي هذا الدعم بهذه الطريقة." وأضاف في ذلك الوقت: "هناك عدد قليل من الأصوات المتعارضة لكننا نريد التأكد من أن مشكلة صغيرة للغاية لا تنقسم إلى مشكلة أكبر."
دعوات لإسقاط "مشروع قانون معارضة المقاطعة":
لا يزال يتعين على "مشروع قانون مجلس الشيوخ" تمريره ليتم التصويت عليه في مجلس النواب الأمريكي والتصديق عليه من قبل الرئيس دونالد ترامب.
ومع توجه مشروع القانون إلى مجلس النواب، دعا الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) الأعضاء إلى إسقاط "قانون مكافحة المقاطعة" بسبب "التهديد" الذي يشكله على حق الأمريكيين في حرية التعبير. حيث قال الاتحاد في بيان بعد التصويت: "اختار مجلس الشيوخ اليوم السياسة في مقابل الدستور، وداسوا على حقوق "التعديل الاول" لكل الامريكيين."
هذا ولم يؤيد علنا "حركة المقاطعة" سوى عضوا مجلس النواب "رشيدة تليب" و "ايلهان عمر"، و كلاهما من الوافدين الديمقراطيين الجدد.
وقد مررت عشرات من الولايات أشكال مختلفة من مشاريع قوانين معارضة للمقاطعة في السنوات الأخيرة، ولكن العديد من هذه الإجراءات يتم الطعن ضدها في المحاكم في جميع أنحاء البلاد. وأعلن أيضاً القضاة الفيدراليون في ولاية "أريزونا" و"كنساس" أن "قوانين معارضة المقاطعة" في تلك الولايات غير دستورية.