في مذكراته الطريق إلى القدس، يحكي بطرس بطرس غالي، الأمين الأسبق للأمم المتحدة، كواليس مناقشاته مع رئيس الوزراء وقتها ممدوح سالم، ويقول بطرس غالي في البداية سألت ممدوح سالم ما هي الوزارة التي اسندتموها إلي، وحينها انزعج وسألني ألا تعرف قلت لا فالجميع لم يقولو غير كلمة واحدة مبروك لقد أصبحت وزيرًا، وهنا ضحك ممدوح سالم وقال عينت وزيرا للدولة ستعمل معي هنا في رئاسة مجلس الوزراء.
وأضاف بطرس غالي « لم أفهم شرحه فأكمل بوجه عام ستساعدني في إعداد اجتماعات مجلس الوزراء وخلال الأيام القليلة المقبلة نستطيع أن نناقش الواجبات الأخرى التي سيعهد بها إليك وشعرت بالخيبة، وأبديت إنني أريد تقديم اعتذار ممزوج بشكر للرئيس السادات، وكان صبر ممدوح سالم قد بدأ ينفذ ولكنه قال بهدوئه المعهود : دكتور بطرس انت تضيع الوقت والساعة قد تأخرت ورئيس الجمهورية أصدر مرسوم تشكيل الوزارة بالفعل ووجدتني أقاطعه: ألا تستطيع أن تحدث الرئيس وتشرح له الظروف الخاصة التي تلزمني بالاعتذار، ألا تستطيع أن تبلغه إني على أتم استعداد لخدمة الوطن والحكومة والحزب بدون حاجة إلى منصب وزاري؟»
وتابع «أجابني ممدوح سالم أن الوقت قد تأخر ويجب أن استعد فكريًا للمنصب الجديد والمرسوم الجمهوري بتشكيل الوزارة وانت عضو فيها أذيع بالفعل من الإذاعة والتلفزيون وسينشر في صحف صباح الغد وليس أمامك اختيار، وأنهي المناقشة بقوله أريد أن أراك غدًا في قصر عابدين حيث تدلي باليمين الدستورية لقد مارست العمل الأكاديميى ثلاثين سنة، وآن لك أن تدخل المجال العملي وتشرع في حياة عامة في خدمة مصر»
ويكمل «والواقع أن جدي كان رئيسًا للوزراء ووزيرًا للخارجية عندما كانت مصر جزء من الامبراطورية العثمانية وكان عمي وزيرًا للخارجية في الفترة بين الحربين العالميتين وشغل أحد أعمامي الآخرين منصبا مماثلا من سنة 1914-1922 في وقت الحماية البريطانية وكان أبناء عمومتي وزراء وأعضاء في البرلمان والسلك السياسي لكن ذلك كله كان قبل الثورة حين كانت تلك المناصب يغلب أن يكون شاغلوها من أفراد المائتي عائلة،وكان أبي يدفعني دائما للدخول إلى المجال السياسي وعندما عدت من فرنسا بعد حصولي على الدكتوراه سخر من عزمي على التفرغ للبحث والتدريس ثم جاءت الثورة فغيرت المسرح الاجتماعي ولم تعد الأسر الشبيهة بأسرتي تتعلق بمثل هذه الطموحات».