اعلان

بوظة وملوحة وشاي حبر.. عادات راسخة في أسواق قرى ومراكز المنيا (صور)

عقارب الساعة لا تتوقف عن الدوران، والأيام تمضي بسرعة، تتغير الأماكن والملامح والملابس والعادات والتقاليد، والتاريخ والجغرافيا والأسماء واللغة، والبشر، إنها لعبة الزمان المستمرة، لكن لعبة الزمان في هذا المكان تبدو ضيفة هزيلة، فقدت قدرتها السحرية على التغيير، وهى تواجه أسواق محافظة المنيا، لا يهمها الوقت، ولا يفرق معها التاريخ، وتظل الأسواق كما هى، محتفظة بنكهة ورائحة وطريقة تجارية لها طقوسها الخاصة.

على بعد 40 كيلو متر من محافظة المنيا، تقع العديد من الأسواق التجارية، والمخصص لها أيام محددة في الأسبوع، في مركز ملوي يقع سوق السبت، والذي يعد من أكبر الأسواق المشهورة على مستوى الجمهورية، وعند دخولك هذا السوق، شئ ينتابك تشعر وكأن أحمس كان هنا منذ قليل، وأن الأتربة المثارة حولك هى نتاج عجلاته الحربية، كل هذا لا يمثل إلى قيمة ما يحدث داخل ساحة السوق، تجد نجوم السوق ورواده وبائعية يعرفون أنك غريب، وإن غاب عنهم الاسم يعرفونك من الملامح، وتحديد الهوية، لا يهمهم الاسم أو الوظيفة المهم «انت واد» مين في البلد، فالأشخاص يكسبون قيمتهم هنا من نسلهم "العائلة التى ينتمون إليها"، والنسل قد يمنحك لقب أصيل، وعند جولتك في السوق للشراء، بإمكانك الاكتفاء بشراء اللحمة وبعض الخضروات والفاكهة، ووضع نهاية تسوقك بذلك، لكن أيضا أمامك اختيارات أخرى، لديك الفرصة أن تشترى حبوب، جميع تجارها يضعونها فوق أجولة على الأرض "القيضي والحبوب الرفيعة والذرة الشامية والفول والعدس"، يضع الراغب في الشراء حفنة حبوب على كف يده، يفحص جودتها وهو يسأل البائع، "بكام"، وفي حالة الاتفاق على السعر، للشارى الحق في اختيار أن يكيل له البائع بنفسه، أو يحضر "عبيد الكيال" ليؤدي المهمة، مقابل الحصول على نصف "كيلة" حوالى 2 كيلو من الشاري. 

البوظة والشاى الحبر شئ أساسي في السوق 

لك الحرية تشرب بوظة من عند جبريل أو "جبرين" كما ينادونه «الكوز» العادى بجنيه، وإن أردته من النوع الثقيل، فعليك مضاعفة المبلغ، وإذا "طلبت معك شاى" فعليك بالذهاب إلى ركن القهوة التى يجلس زبائنها على الأرض، وطلب الشاري من البائع بصوت عالي "كوباية شاي ياشيخ بس ما تكونش من بتاع البندر.. عايزها تعدل الدماغ يعنى تكون حبر"، بإمكانك أيضا ان تطلب "جوزه"، ومن المؤكد أنك ستجد من يشاركك شد أنفاسها، وربما مال عليك ويهمس في أذنيك "مامعكش سنة أفيون نعدل بيها الدماغ"، تبدو أفكارهم ساذجة، وأحلامهم بسيطة، لكن أجمل ما فيهم درجة النقاء العالية، ولم يلحق بها أى تلوث. 

الملوحة في سوق الثلاثاء 

وفي سوق الثلاثاء بقرية الروضة، التابعة لمركز ملوى جنوب المنيا، تجد الإقبال كثيف، والازدحام أكبر، حتى أنك تفكر أنها مشاجرة، وعند اقترابك تجد البيع والشراء في الملوحة، التى تعتبر شئ أساسي عند المواطنين والباعة في السوق، لتكون الملوحة وجبة الإفطار في كافة أركان السوق والقرية، وحديثهم يدور حول مشاكلهم الخاصة، وكلهم ينظرون بشغف شديد، لأى حكاية جديدة تكسر حدة أحاديثهم المكررة، والتى في الغالب لن تخرج عن ابن فلان تزوج بنت فلان.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً