على باب مسجد «عباد الرحمن» بمحافظة البحيرة، يقف «عم عبد الرحيم» ذو الـ52 عاما، بمظهره البسيط، وبوجه يملؤه الأمل، بعد أن فرغ المصلون من صلاة الجمعة، ينادى فيهم «تبرع لبيت الله من مال الله»، يحثهم على التبرع للمسجد الذى قضى فيه عمرا طويلا عاملا بين جدرانه، قائلا لهم إن المسجد يريد أن تتجدد جدرانه وواجهته، يعشق المصلون «عم عبد الرحيم» ويثقون فيه ثقة عمياء، كل جمعة على هذا الحال، يمسك «الصندوق» ويحثهم على الصدقة حتى صار شيئا رئيسيا يوم الجمعة، خلاف التبرعات التى يجمعها طوال الأسبوع.
منذ أيام، كلف الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الإدارة المركزية للشئون الهندسية بديوان عام الوزارة بإنشاء «كود مصرى» لتصميم المساجد، بحيث يتم تسجيل المساجد ذات العمارة الفريدة والمتميزة على مستوى الجمهورية، مضيفا أنه سيختار عددا من المساجد المتميزة لتدخل عملية الإنشاء التى تقوم بها الوزارة خلال الفترة المقبلة.
الوزير أضاف، أن الدولة تشهد نقلة حضارية فى مجال تشييد المدن الجديدة، ولابد لذلك أن يواكبه تحديث وإحلال وتجديد للمساجد على مستوى الجمهورية، مما يعطى انطباعا عاما أن ذلك جاء بعد أسابيع من تكليف الرئيس السيسي، لرئيس الوزراء مصطفى مدبولى بإلزام المحافظات بطلاء واجهات المبانى للحفاظ على المظهر الحضارى العام.
فى هذا الصدد، قال جابر طايع، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، إن قرار وزير الأوقاف بشأن تكويد وإعادة تأهيل المساجد جاء لإعادة الطرز المعمارية الفريدة من نوعها التى كنا نراها فى مساجد مصر القديمة مثل جامع عمرو بن العاص والجامع الأزهر الشريف وغيرها من المساجد العريقة.
وأضاف طايع، لـ«أهل مصر»، أن مصر تتميز بعظمة طرازها أمام العالم أجمع منذ القاهرة الخديوية، كمان أن الطراز الإسلامى هو وجهة سياحية وتعد محط أنظار كثير من الدول، وعلى مصر أن تحسن تلك المصدر لصالحها العام.
وأوضح المتحدث باسم الأوقاف، أن قرار تكويد المساجد وإعادة تأهيلها جاء للقضاء على عشوائية بناء عدد كبير من المساجد بصورة غير لائقة بمكانة بيت الله.
وأكد، أن وزير الأوقاف أعطى تعليمات لجميع الإدارات الهندسية فى الـ27 محافظة بالاهتمام بالشكل والطراز المعمارى التى تم الاتفاق عليه، والذى سيكون على نهج طراز مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، وسيتم التنفيذ الفعلى لتلك الخطوة فى القريب العاجل.
فى السياق ذاته، قال الدكتور إبراهيم أمين، عالم من علماء الأزهر الشريف، إن قرار وزير الأوقاف بشأن تكويد وإعادة تأهيل المساجد خطوة صحيحة وجيدة تهدف إلى تحسين الإطار الخارجى للمساجد، مما يترتب عليها عائد إيجابى على الصالح العام، وعلى الجميع أن يساند مثل هذه القرارات، لأنها بمثابة خطوات متقدمة للارتقاء بالمنظومة الإسلامية.
وأضاف أمين، فى تصريح لـ«أهل مصر»، أنه يجب الاهتمام بالجانب المضمونى مثل الاهتمام بالجانب الشكلي، وعلينا نشر الفكر الأزهرى المأخوذ من المنهج الأزهرى الصحيح، والذى ثبت فى العالم أجمع انه المنهج الوحيد الذى هو بعيد كل البعد عن التطرف والتشدد وبه الكثير من القيم التى أصبحت غائبة فى مجتمعاتنا الإسلامية.
وأوضح أمين، أن الأزهر الشريف متمثلا فى وزير الأوقاف يسير بخطوات ملموسة نحو التطوير، ليس فقط فى إعادة تأهيل المساجد، ولكن فى تحسين جميع الخدمات المعنية بالوزارة.
132 ألفا و809 مساجد على مستوى الجمهورية حسب إحصائية 2017
وفق إحصائيات رسمية فى أواخر عام 2017 وبداية 2018، بلغ إجمالى عدد المساجد والزوايا فى مصر حوالى 132 ألفا و809 مساجد وزاويا، منها 102 ألف و186 مسجدا، و30 ألفا و623 زاوية، وتأتى محافظة الشرقية فى المركز الأول من حيث ارتفاع عدد المساجد والزوايا بها، تليها محافظة البحيرة البحيرة بـ12 ألفا و45 مسجدا وزاوية ، وأقل المحافظات كانت هى محافظة بورسعيد بـ423 مسجدا وزاوية فقط.
السيسى يكلف بطلاء موحد لواجهات المبانى فى جميع المحافظات
فى السابع عشر من يناير مطلع العام الحالي، كلف رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بأن يتم التعامل مع جميع المبانى التى لم تقم بطلاء واجهاتها، وبحيث يتم الانتهاء من طلاء الواجهات الأربع لهذه المبانى فى مهلة محددة، أواتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، على أن تكون ألوان هذه الواجهات موحدة، بدلاً من هذا المشهد غير الحضاري.
وقال رئيس الوزراء، إن هناك عمارات كثيرة موجودة فى مكان واحد على الطوب الأحمر وهو ما يجعل مظهر المنطقى غير حضارى على الإطلاق، موجها جميع المحافظين بالبدء فى تنفيذ هذه التكليفات، مؤكدا أنه سيكون هناك متابعة دورية للوقوف على آخر المستجدات.