" سلسلة مفاتيح محترقة .. ناقلة مصابين عليها آثار حريق ودماء .. زجاجات فارغة .. حقائب محترقة " كان هذا هو المشهد الأخير لكارثة قطار محطة رمسيس .
كان المشهد كارثي بكل تفاصليه، لم تحتاج شهود العيان أن ترويه بالحديث عنه فالدموع التي ملأت العيون والحزن الذي ارتسم على وجوههم كان كفيل بالحديث عن الحادث المفجع .
"خد سلسلة المفاتيح ديه هنحتاجها في المعاينة" يلتقط سلسلة المفاتيح بيديه ويقوم بفحصها ثم يضعها في الكيس الذي يحمله .. يتحرك من أمام القطار المحترق بملابسه المبتلة حاملا بيديه الكيس الأسود ولا يلتفت لأحد رغم ارتفاع الأصوات من الأهالي والمواطنين على الرصيف مستكملا طريقه إلى إحدى الغرف الخاصة بإدارة المحطة.
بخطوات سريعة وهادئة اتجهت خلفه محررة "أهل مصر" لتتبين حقيقة ما يحمله بالكبس الأسود، ليلتفت إلينا في نظرة غضب متسائلا عن سبب تتبعه، لكنه سرعان ما تتحول نظرات الغضب إلى حزن عميق تحمل أهوال المشهد المفجع .
وبات السؤال عن الكيس الأسود الغامض يطرح نفسه، ليجيب في أقل من ثانية " الكيس في مخلفات القطر المحروق .. وما تسأليش على حاجة تاني .. اخرجي من هنا"، يتبين بعدها أن مخلفات القطار المحروق والرصيف عبارة عن حقيبة وسلسلة مفاتيح بها ميدالية نحاس .
يرفض الرجل الخمسيني الحديث معنا تارة بنبرة صوت مرتفع وتارة أخرى خوفا من تحمل المسئولية، ولكن مع الإصرار يقول لقد كان حادث مدوي فظيع، الضحايا تخطت العشرات، قائلا : " ما شوفتش الإنفجار بس شوفت الناس بتجري وناس محروقة .. شفت جثث متفحمة وناس مخنوقة " تختلط كلماته الأخيرة دموع يرفض بعدها استكمال حديثه .
نعود بها للرصيف أمام القطار المحترق وسط المياه التي غرقت رصيف المحطة ورائحة الحريق التي كادت أن تخنق المتواجدين، لنجد ناقلات الإسعاف عليها آثار الحريق والدماء .
على بعد خطوات أمام القطار المحترق توجد عدة مكتبات حاصة بجريدة الأهرام، تجد الزجاج بملئ أرجاء المكان والكتب المحترقة ملقاه على الأرض .