فى شارع عمر زعفان بطنطا أمام مسجد العارف بالله سيدى أحمد البدوى، تقبع عيادة متواضعة فى الطابق الأول، وبداخلها يجلس طبيب سبعينى يعاين مرضاه.
وفى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار كشوف الأطباء ووصلت لأرقام بعضها خيالي، فإن الدكتور محمد عبد الغفار مشالى، يعد بحق، وكما لقبه مرضاه، "دكتور الغلابة"، حيث لا تتجاوز قيمه الكشف داخل عيادته المتواضعة 10 جنيهات والاستشارة 3 جنيهات، ليضرب مثالا للطبيب الإنسان، مما دفع "أهل مصر" لمحاولة التواصل معه ومعرفة قصته.
الدكتور محمد مشالي من مواليد محافظة البحيرة بقرية إيتاي البارود عام 1944، ورغم أنه بحكم سنين عمره الطويلة، قد مر بالعديد من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها المجتمع، فإنه حدد لنفسه مبدأ واتخذ على نفسه عهدا أن يؤدي الطب كرسالة وهي معالجة ونجدة الفقير من المرض بما يوفقه الله عز وجل.
يومه مشحون لدرجة أنه يبدأ في الثامنة صباحاً، ويبدأ عمله في العيادة بدءا من الساعة العاشرة ويستمر قرابة العشر ساعات، وقال إن له العديد من المرضي الذين يأتون له من كافة أنحاء مدينة طنطا وبالاخص القرى المجاورة لها.
وقال"طبيب الغلابة": "مقابل الكشف عندي كان على طول بيكون أقل من أي دكتور تاني فأول ما فتحت العيادة كان سعر التذكرة اثنين جنيه فقط ودا كان عامل مشاكل لزمايلي لأن في الوقت ده كان الكشف بيكون في حدود عشرة جنيه ولكن أنا مازلت مصر على أن رسالة الطب ليس الهدف منها التربح بشكل جشع واستغلال حاجات الناس".
وأضاف "مشالي" أنه يقسم يومه، بين الوحدة الصحية لإحدى القرى التابعة لمدينة طنطا, وبين عيادته بجوار السيد البدوي، مشيرا إلى أنه مازال يستخدم القطار وسيلة لتنقله إلى قرية شبشير الحصة ليباشر عمله في الوحدة الصحية، الذي يبدأ من الساعة التاسعة مساءا حتي الساعة الحادية عشرة مساء، قبل أن ينتقل في نهاية اليوم إلى قرية محلة روح ليكمل رسالة الطب في خدمة الأهالي هناك لينتهي يومه الساعة الواحدة صباحاً.
من جانبه، قال الدكتور "أمجد عبد الرؤوف"، عميد كليه الطب بجامعة طنطا: دكتور "مشالى" من أشهر أطباء الأطفال والباطنة بالغربية، لحرصه على مصلحة المرضى وممارسته الطب على أنه رساله، وليس هدفا للتربح، فثمن الكشف لديه لا يذكر بالنسبه لأسعار هذه الأيام، ومازال مستمرا حتى بعد خروجه على المعاش من 15 عاما، واعتاد أن يمشى لعيادته الخاصه يوميا رغم سنه، كما يستقل القطار فى كافه انتقالاته، ليضرب مثالا حيا على أن الطبيب رحمة وليس جزارا يذبح المرضى.