لم تثير شجاعة "جاسيندا أرديرن" رئيسة وزراء نيوزيلندا الجدل فقط بل تصدرت صورتها التي أطلق عليها "صورة الأمل" وهي مرتدية حجاباً أسود حيث تم تغطية صورتها بانعكاس بعض الزهور على الزجاج الخارجي، حيث جات الصورة كتهدئة فزع سكان مدينة "كرايستشيرش" النيوزيلندية التي شهدت مجزرة 51 مسلماً مصلياً أثناء صلاة الجمعة، بعد أن هاجمهم إرهابي عنصري أطلق عليهم جميعاً الرصاص.
وتُظهِر صورة رئيسة وزراء نيوزيلندا وهي تُنصت إلى الجالية المسلمة وكلتا يديها تحتضن الأخرى، قبل مرور 24 ساعة على مقتل 50 مسلماً بالرصاص على يد إرهابي، ويظهر وجهها في الصورة مهتماً حنوناً، أي أنَّها كانت تظهر أفضل صفاتها في "أحلك يومٍ في نيوزيلندا" وفقاً لصحيفة "ذا جارديان البريطانية".
والتقط هذه الصورة مصور مجلس المدينة المنكوبة "كيرك هارغريفز" في مركز فيليبستاون المجتمعي في 16 مارس 2019، وكانت "أرديرن" قد وصلت للتو إلى المدينة إلى جانب قادة الأحزاب السياسية الأخرى وفريق من وسائل الإعلام في العاصمة النيوزلندية ويلينجتون.
وذهبت مباشرةً إلى المركز المجتمعي للقاء ممثلين عن الجالية المسلمة، حيث تأخر عن اللقاء فالتقط أفضل صورة واجتمعوا في فصلٍ دراسي صغير جرى تحويله إلى غرفة اجتماعات، لكن المصور هارجريفز، الذي كان يعمل سابقاً مع صحيفة The Press المحلية في مدينة كرايستشيرش، وصل متأخراً ولم يتمكن من دخول القاعة، لذا اضطر إلى التقاط تلك الصورة من خارج القاعة، قائلاً:" لذا كانت مشاعرها صادقة فهي لم تعرف انني اقوم بالتقاط الصور لها من الخارج، وكان الأمر صعباً للغاية بسبب انعكاسات الشمس لذا حاولت تشغيل فلتر يسمى الفلتر المستقطب، لكنه لم ينجح، فقلت لنفسي يا إلهي هذه مشكلة، سأرحل، ولكن بعد ذلك وجدت هذا الزاوية لأصور منها، وبدأت بعد ذلك بالتقاط لغة جسدها المدهشة ثم ساهمت كل انعكاسات الزهور والأشجار بالخارج في إضفاء هذه الروعة على الصورة، فكان الأمر كله مزيجاً من ديانات مختلفة بالإضافة إلى لغة جسدها المذهلة، لذا قُلت لنفسي: يجب أن ألتقط هذه الصور".
ثم رُفِعَت الصورة على صفحة المجلس على موقع فيسبوك، وانتشرت على نطاقٍ واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية بصفتها صورةً تعريفية للقيادة التي تتمتع بها "أرديرن"، حيث جاءت الصورة لتمنح أملاً في فترة صعبة من تاريخ المدينة، فهي شكلاً للإنسانية التي تحملها، أنها تلخص كل ما تفعله رئيسة الوزراء النيوزيلندية.
وأضاف أن الصورة ستُفسر بالطريقة نفسها في "أي دين وأي ثقافة في العالم"، خاصة أن الصورة لا تُظهِر إنسانية أرديرن فقط، بل يظهر فيها كذلك وجه جيمس شو، أحد قادة حزب الخضر، به ندبة سوداء حول عينه بعدما لكمه ناخب غاضب وهو يسير في ويلينجتون.
وقال المصور هارجريفز: "حين خرجوا من تلك القاعة، كنت مذهولاً من مدى اتحاد جميع الساسة والقادة في اتخاذ الموقف، لم يكن الأمر متعلقاً بـ"أرديرن فقط، بل كان مثالاً على ما يجب أن يبحث عنه الناس في قادتهم".