"يا حتة من ماجد.. خدي عزاء أبوكي.. ربنا هايبارك فيكي ويحافظ عليكي.. وهاتكبري بسرعة وتطبطي علي بداله يا ليلى".. كلمات مؤثرة استقبلت بها والدة الشهيد ماجد عبد الرازق حفيدتها "ليلى" ابنة الشهيد التي لم يتعد عمرها عشرة أيام داخل صوان عزائه بمسجد الشرطة بالدراسة ليلة أمس.
أصرت الجدة أن تجلس زوجة الشهيد وابنته الرضيعة في الكرسي الأول بجوارها، لتبدأ السيدات القادمات في تقديم العزاء بالرضيعة أولا، لتعرف الجدة كل من تمد يدها للمواساة وتقول لها: "دي ليلى بنت ماجد شايفين قمر ازاي".
بصوان عزاء السيدات كل القلوب مجروحة
صوان عزاء السيدات بمسجد الشرطة ليلة أمس، امتلأ بأهل الشهيد وأمهات وزوجات الشهداء السابقين اللواتي أتين يتجرعن مرار تكرار المشهد ويواسين بعضهن البعض.
"همهمات ليلى تتحدث"
سيطر على الصوان صوتان لا أكثر.. صوت تلاوة القرآن الكريم، وصوت الرضيعة ابنة الشهيد، ما بين صراخ وهمهمات، وكأن الصغيرة تريد أن تقول: "أنا أشعر بما يدور حولي، أنا أعلم أني فقدت أبي، أنا أعلم أني سأعيش يتيمة ما تبقى من عمري الذي لم يبدأ بعد.. بم يفيدني تجمعكم حولي اليوم واتشاحكم بالسواد وعطفكم علي ودموعكم المنسابة؟.. الله ربي قدرها فلا اعتراض.. إليه أشكو وبه أستجير وعنده أختصم قتلتة أبي".
عزاء معاون مباحث النزهة
سكون تام.. ودمعات منسابة
سكون تام.. ودمعات منسابة.. و"وشوش" يملؤها الحزن، وتسليم لإرادة الله تلمحها على أهل الشهيد.. تلك أبرز اللقطات داخل صوان عزاء الشهيد، فالمواسايات يدخلن ويصافحن أهل الفقيد وتسبقهن دموعهن ولا يجدن ما يقلن، فالكلمات تقف عاجزة عن التعبير، وبين كل تلاوة وتلاوة فقط، يظهر صوت أم الشهيد، فتارة تنادي باسم ماجد: يا ماجد.. يا حبيبي.. رد علي.. خلاص يا ماجد مش هشوفك تاني!
يوم سبوعك بقى يوم جنازته يا ليلى
وتارة أخرى تنادي الجدة: يا ليلى يا حتة من ماجد ردي انتي عليا.. خدي عزاه يا ليلى.. بدل يوم سبوعك بقى يوم جنازته يا ليلى.. وأما الزوجة فجلست في الكرسي الأول تحمل ليلى بين زراعيها، وهي في حالة شرود لا تقوى على النظر في وجوه المعزيات.. تحتضن الصغيرة وفقط.. يدور بخاطرها شريط ذكريات استشهاد والدها العقيد وائل طاحون الذي توفي في نفس الشهر منذ أربع سنوات، وكأنها تتمنى لو أن ما يدور حولها كابوس وستفيق منه.
بجوارها جلست والدتها وشقيقتها ويشعرن بنفس ما تشعر به ويتمنين نفس ما تتمنى.. إنها عائلة كتب عليها أن تظل متشحة بالسواد.. إلى متى؟ لا يعلم ذلك إلا الله.
الشهيد.. "هالعب معاها يا ماما شوية وبعدين هاسيبها لمامتها تربيها"
بقترب "أهل مصر" من والدة الشهيد، السيدة التي قضت عمرها في تعليم النشء، فهي وكيل وزارة بالتربية والتعليم، كما قضت أيضا عمرها في تربية أربعة أبناء يتوسطهم الشهيد ماجد نجلها..
قالت والوجع يعتصر نبرات صوتها: "أنا دخلت عليه وشوفته قبل ما يودعني في كفنه ويدفنوه.. لقيت وشه بدر منور، قمر والله قمر.. أنا مش هاعيط علشان هو شهيد.. أنا عارفة هو في جنة ربنا.. وهو يستاهلها.. هو طلبها ونالها.. قلبه كان حاسس.. يوم ولادة ليلى فضل شايلها ومش عايز يسيبها وطلع بيها في طرقة المسشفى لوحده.. ناديت عليه.. قولتله هات البنت يا ماجد.. قالي هالعب معاها يا ماما شوية وبعدين هاسيبها لمامتها تربيها".
الحكايات الموجعة مستمرة
لن تنتهي الحكايات الموجعة عن الشهداء ولن تنتهي تضحياتهم، ولم ينفض ويغلق سجل الأبطال وتظل قائمة أسماء أطفالهم المعدة في كل مناسبة لتكريمهم تقديرا لروح آبائهم، تظل القائمة مفتوحة، فهم رجال لا يعلمون إلا الوطن ولا يعملون إلا من أجل الوطن، تاركين أغلى ما لهم وأعز ما لديهم.
وزير الداخلية يواسي والد الشهيد
حضرت قيادات وزارة الداخلية ليلة أمس، عزاء الشهيد ماجد أحمد عبد الرازق، الذي استشهد فجر أول أمس، على يد 4 مجهولين تعكف أجهزة البحث بالوزارة وتكثف جهودها لضبطهم.
وصل وزير الداخلية اللواء محمود توفيق إلى مسجد الشرطة بالدارسة لتقديم واجب العزاء ومواساة أسرة الشهيد، كما حضر كل من اللواء محمد منصور مدير أمن القاهرة، ومساعدو الوزير للأمن العام اللواء علاء سليم، والعلاقات الإنسانية، ومدير قوات الأمن، ومدير الإدارة العامة للمرور، واللواء خالد عبد العال محاقظ القاهرة، ومدير المباحث الجنائية بالوزارة، ومدير مباحث القاهرة اللواء شارف الجندي، وعدد من قيادات الوزارة وكبار المسؤلين، وأصدقاء الشهيد وقياداته الضباط، وعائلته، وعدد كبير من أسر وأمهات وزوجات الشهداء.