خرجت حكومة الوفاق الوطني الليبية بقيادة "فائز السراج"، أمس، لتقطع علاقتها بفرنسا، وتتهمها بمساندة المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي في طرابلس، في أعقاب ذلك كشفت شبكة "اللي بي سي"، في خبر مقتضب أن باريس، أكدت دعمها لحكومة "السراج"، إذًا ما يحدث داخل ليبيا؟.
ربما أدى توقيت هجوم المشير خليفة حفتر في 4 إبريل الجاري على طرابلس لتحريرها من الارهاببين، بالتزامن مع وجود الأمين العام للأمم المتحدة في المدينة، للتحضير لمؤتمر سلامٍ طال تأجيله إلى إحراج باريس، والآن بعد تهديدات السراج، ربما وجدت نفسها في موقف يجب فيه مسك العصا من المنتصف، وفقًا لصحيفة بوليتيكو الأمريكية.
وبدأت باريس بهدوء، في مساندة "حفتر" منذ عام 2015 على الأقل، في تمكين حفتر لتضييق الخناق على المجموعات الإسلامية التي انتشرت عقب ثورة ٢٠١١ وانتهت بمقتل معمر القذافي على يد الميلشيات الإرهابية
وتحملت روما تدفق مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين الاقتصاديين عبر وسط البحر المتوسط، منذ أطاحت الحملة الجوية التي قادتها فرنسا بمعمر القذافي في 2011، الأمر الذي خلَّف فوضى ما بعد الحرب عقب ذلك.
تدعم فرنسا ظاهرياً عملية السلام التي تجري بوساطة الأمم المتحدة ويقودها وزير الثقافة اللبناني السابق غسان سلامة، أستاذ العلوم السياسية، المقيم في باريس،ولم تعترف أبداً بتقديم الأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية والقوات الخاصة لمساعدة حفتر.
فكانت واحدة من أول وأبرز مبادرات الرئيس إيمانويل ماكرون بُعيد فوزه بالرئاسة في 2017 دعوة حفتر والسراج إلى قصرٍ خارج باريس، لمحاولة التوسط في اتفاقٍ لتقاسم السلطة.
ويبدو أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، مهندس استراتيجية "دعم حفتر" حين كان وزيراً للدفاع، على خلافِ ما كان يراه خبراءُ وزارة الخارجية، قد أقنع الرئيس الشاب بأن ليبيا ثمرة سهلة القطف.
فهنا كانت تكمن الفرصة لإظهار مهارات ماكرون ثُم قاد حملةً جوية للإطاحة به باسم "التدخل الإنساني".
وقالت الصحيفة لقد أُسيء تقديم النصح لماكرون على نحوٍ دفعه للتفكير في أنَّ ليبيا قد تُمثِّل فوزاً سريعاً لتعزيز كاريزمته، لقد استخف بتعقيد البلاد، وحاول الاعتماد على الأفراد العسكريين لحل مشكلةٍ سياسية.
ويصر المسؤولون الإيطاليون على أنَّهم يفهمون الديناميات الاجتماعية المعقدة في ليبيا أفضل، ويؤكدون أنَّ حفتر رغم عدم دعمهم له إلا أنه يتمكَّن من نيل ولاء قبائل التبو والطوارق التي تهيمن على جنوب ليبيا أو الفصائل المحلية المتعددة شمال غربي البلاد.
وتؤكد الصحيفة إن المكاسب المحتملة من عقود إعادة الإعمار وزيادة أعمال شركة النفط الفرنسية الكبيرة Total تُمثِّل أحد مُحرِكات باريس في سياستها تجاه ليبيا.
فالحصول على امتيازات النفط الليبي هو أحد أهداف دعم فرنسا لحفتر حسبما تشير الصحيفة.
وقالت شخصية فرنسية بارزة مطلعة على سياسة الحكومة إن دعم حفتر مدفوع جزئياً بضرورة وقف إمدادات الأسلحة للمجموعات الجهادية التي تُهدِّد الحكومات الهشَّة في النيجر وتشاد ومالي، المدعومة من "عملية برخان"العسكرية الفرنسية.
ولكن أهم ما يجعل حفتر جذابا لباريس هو حلفاؤه
لكنَّ المسؤول الفرنسي قال إنَّ حب باريس لرجل ليبيا القوي يتعلَّق بتحالفاته الاستراتيجية في أنحاء الشرق الأوسط، الأوسع نطاقاً بدرجة أكبر بكثير من الاعتبارات التجارية.
يربط صانعو السياسة الفرنسيون هذا الصراع الإقليمي بمعركتهم ضد التمرُّد الإسلامي في حزام الصحراء والساحل والإرهاب في داخل فرنسا، الذي يُمثِّل أولوية الأمن القومي الأولى لديهم، خاصة منذ هجمات نوفمبر 2015، في باريس، التي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً.
فبعد الربيع العربي، أصبحوا يبحثون عن الرجل القوي في كل مكان، وبعيدًا عن الضرر الذي لحق ليبيا والليبيين، يصعب تصور كيف يمكن لهذا الوضع، أن يساعد معركة فرنسا، سواء مع الإرهاب أو الهجرة غير المنضبطة.