لم يعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يواجه خصوماً من خارج حزبه فقط، بل أصبح يتعرض أيضاً إلى هجوماً حاداً من مقربين له .
حيث أثارت الانتقادات الحادة التي وجهها رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو للحزب الحاكم، صدى كبيراً في تركيا في وقت يشهد فيه "العدالة والتنمية" خلافات داخلية وازمات خارجية بعد خسارة قاعدة شعبية كبيرة بسبب سقوطه في أهم مدينتين بالانتخابات التركية "أنقرة واسطنبول".
ويعد داوود أوغلو أحد أبرز القادة في مسيرة الحزب الحاكم، إذ تولى رئاسة الوزراء في الفترة ما بين عامي 2014 و2016، ثم اعتزل الساحة السياسية بعد خلافه مع رجب طيب أردوغان الذي يحكم البلاد منذ 16 عاما، رئيسا للوزراء ثم رئيسا.
وكتب داوود أوغلو في بيان من 15 صفحة: "نتائج الانتخابات تظهر أن سياساتنا في التحالف أضرت بحزبنا، سواء تعلق الأمر بالناخبين، أو بهوية الحزب".
اقرأ ايضاً.. أردوغان يطوي صفحة الانتخابات ويشرع في اعتقال المعارضة والصحفيين
واتهم الحزب بأنه يبتعد عن "فلسفته الإصلاحية" و"الليبرالية"، ويقترب بشكل مستمر من الاعتماد على الوسائل الأمنية، وأن السياسة الاقتصادية بدأت تبتعد عن مبادئ السوق بشكل يقلق المستثمرين الأجانب.
وأكد أن الوظائف يجب أن تستند إلى الكفاءة، وليس الروابط الشخصية، في إشارة إلى تعيين أردوغان صهره "بيرات البيرق" وزيراً للمالية.
جدير بالذكر أن داوود أوغلو يتجه إلى تأسيس حزب جديد، ووفقاً للأنباء التي انتشرت مؤخرا فإنه التقى بنحو 50 من أعضاء العدالة والتنمية وبحث معهم المشروع السياسي المحتمل لكن ملامح الحزب ما زالت لم تتضح بعد حتى الآن.
اقرأ ايضاً.. تحرك جديد من تركيا يعزل عفرين عن محيطها الجغرافي
أزمة داخل حزب العدالة والتنمية
وتقول صحيفة زمان التركية أن نية داوود أوغلو كان متوقعاً، لأن أزمة العدالة والتنمية ليست وليدة اليوم، وعدد من قادة الحزب الكبار انسحبوا قبل عدة سنوات.
وأضافت الصحيفة، أن الانشقاق تزايد في الحزب منذ تحويل نظام الدولة السياسي من برلماني إلى رئاسي، عن طريق استفتاء شعبي، حتى يظل أردوغان في السلطة بعدما استوفى الولايات الثلاث المسموح بها في رئاسة الوزراء.
وأوضحت الصحيفة أن الانتخابات الأخيرة كانت محلية أي أنها تركز على خدمات المدن، لكنها عكست فقدان حزب العدالة والتنمية لجزء مهم من أنصاره، لأنه خسر عدة مدن كبرى.
ويشير إلى أن أردوغان هو الذي قام بتغذية الانقسام في تركيا، من خلال التعامل مع الخصوم السياسيين،
وأشارت الصحيفة إلى أن خسارة مدينة إسطنبول، ذات الثقل السياسي والسكاني الكبير في البلاد، قد تؤدي إلى ظهور أحزاب جديدة، خاصة أن أردوغان نفسه قادم من حزب الرفاه الإسلامي الذي تم حظره سنة 1998 إثر اتهامات بانتهاك الطابع العلماني،واوضحت الصحيفة أن الانتخابات البلدية الأخيرة في تركيا أفرزت جيلاً جديدا في الأربعينات من العمر.
ولدى سؤاله حول احتمال إصغاء أردوغان للنصائح التي أسداها داوود أوغلو، أوضحت أن الرئيس التركي لن يتفاعل إيجاباً، لأنه صار ينظر إلى العمل السياسي المعارض بمثابة "مؤامرة".
وبما أن أردوغان ينظر إلى خصومه السياسيين بمثابة أشخاص تحركهم المؤامرة، فإن المرجح، هو أن يزيد أردوغان من قبضته الأمنية وسيطرته على دواليب القرار في البلاد.
وضربت الصحيفة مثالاً على تصلب أردوغان من العلاقات الخارجية المتوترة لأنقرة مع الحليفة واشنطن، فعلى الرغم من وجود مصالح كبيرة قد تتضرر من جراء شراء تركيا لمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية "إس 400".
اقرأ ايضاً.. "أردوغان فلس".. الخزانة التركية تعجز عن التكاليف العسكرية
وكانت اللجنة العليا للانتخابات التركية قد أصدرت قرارًا برفض طعن حزب العدالة والتنمية الذي طالب بحرمان من فصل في الاستحقاقات الانتخابية.
ونشر القرار نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة إسطنبول آيقوت أردوغدو، عبر حسابه الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا: "اللجنة العليا للانتخابات أصدرت قرارًا بأن من صدر في حقه مرسوم بفصله من وظيفته في وقت سابق، يمكنه أن يصوت في الاستحقاقات الانتخابية".
كما أصدرت اللجنة العليا للانتخابات قرارًا بإعادة النظر في 41 ألفًا و132 صوتًا، يزعم حزب العدالة والتنمية بطلان أصواتهم.
وكان نائب رئيس حزب العدالة والتنمية علي إحسان يافوز قال إن من صدر في حقه مرسوم بفصله من العمل العام لا يمكنه التصويت في الاستحقاقات الانتخابية، وأن 14 ألفًا و712 مواطنًا في إسطنبول صدر في حقهم قرارات بفصلهم من العمل العام صوتوا، وطالب بإلغاء تلك الأصوات، إلا أن لجنة الانتخابات العليا رفضت هذا الطلب وحكمت بصلاحيتها.
وفي أول تعليق منه على القرار، أكد زعيم حزب الشعب الجمهوري أن القرار صحيح وموافق للقانون والدستور، وأن المفصولين بقرارات الطوارئ سبق أن استخدموا حق التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة.
جدير بالذكر أن الانتخابات البلدية جرت في تركيا في 31 مارس الماضي، وفاز فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم بالأغلبية لكنه خسر أهم البلديات كأنقرة وإسطنبول وإزمير.
ادروغان الديكتاتور
اتهمت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإثارة مناخ سياسي متقلب من خلال مواصلة استهداف المعارضة، منتقدة الحكم بالسجن على مجموعة من الصحفيين بسبب عملهم.
وقالت الصحيفة إن العدالة والتنمية الحاكم حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا في 31 مارس، لكن حزب الشعب الجمهوري المعارض حصل على أكبر جائزتين في تلك الانتخابات، إسطنبول وأنقرة، دفعة واحدة.
وبعد أكثر من أسبوعين من الخلافات الواسعة على نتيجة إسطنبول، طالب أردوغان بطي صفحة الانتخابات والتركيز على إصلاح الاقتصاد الغارق في أزمته، لكن بعد أيام قليلة، قدم حزبه طلبا جديدا لإعادة التصويت في إسطنبول، ثم تعرض زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيلتشدار أوغلو للاعتداء خلال جنازة أحد الجنود.
ويتعرض عدد من الصحفيين للمحاكمة بسبب نشر مواد معرضة للنظام، وطالب منسق لجنة حماية الصحفيين جولنوزا سعيد السلطات التركية بعدم إدانة موظفي صحيفة جمهوريت إلى أن تبت المحاكم في حالات جميع المدعى عليهم، مشيرًا إلى أن مقاضاة صحفيي وموظفي الجريدة وصمة عار على جبين تركيا.
جدير بالذكر أن الانتخابات البلدية جرت في تركيا في 31 مارس الماضي، وفاز فيها حزب العدالة والتنمية بالأغلبية لكنه خسر أهم وأكبر البلديات كأنقرة وإسطنبول وإزمير لصالح حزب الشعب الجمهوري، ولم يعترف الحزب الحاكم بالنتيجة إلا بعد حوالي أسبوعين من المماطلة ورفض النتائج.