بعد طول انتظار ومعاناة 6 سنوات، كسرت القاعدة والصورة النمطية للمأذون صاحب الزي الرسمي «عمامة وقفطان ودفتر»، وقع الاختيار عليها من بين 30 رجلًا، وتم تعيينها عام 2015 كأول مأذونة في الإسماعيلية، وثالث مأذونة في مصر وأصغرهم، فلم يتجاوز عمرها الـ 29 عامًا.
وفاء قطب، فتاة مصرية عادية بحجاب يشبه الكثيرات، تخرجت من كلية الحقوق جامعة الزقازيق عام 2006، وحصلت على ماجستير قانون من جامعة الزقازيق، وعملت معاون قضائي في محكمة الإسماعيلية الكلية التي استقالت منها للتقدم لوظيفة المأذون، ذلك القرار الذي كان بمثابة الحجر الذي قام بتحريك الماء الراكد، وفتح الباب لأجيال قادمة قادرة على أخذ زمام المبادرة وتحدي العادات والتقاليد، وتصحيح الصورة الذهنية المغلوطة عن المرأة.
وتروي «وفاء» في حوارها مع «أهل مصر» تفاصيل قصة اختيارها كمأذونة، والصعوبات التي واجهتها. وإليكم نص الحوار..
سبتقتك العديد من الفتيات في العمل كمأذونة لكنهن لم ينلن شهرتك.. لماذا؟
بالفعل شهرتي كمأذونة وصلت إلى العديد من المحافظات وليس على مستوى محافظتي ومسقط رأسي «الإسماعيلية»، وذلك لأني مغرمة بمهنتي، حتى أن أغلب تعليقات الناس عليّ أنني شخص متمكن في مهنته ويفعلها بحب، وطالما أن الشخص يؤدي مهنته بحب بالطبع سوف يُبدع ويؤثر في الناس لتتكلم عنه فيحصل على الشهرة من هنا.
لقبوني في محافظتي مؤخرًا بصحابة السعادة، ذلك لأنني أنشر بهجة وأجواء من السعادة في مكتبي، كما أن من يلقاني يثني على ابتسامتي ويخبرني أنني أمتلك قبولًا كبيرًا لدى الناس، مما جعل شهرتي يعلو صيتها أكثر داخل وخارج المحافظة، حيث إن القبول لدى الناس أسرع طريقة لقلوبهم.
نظرة المجتمع للمرأة المأذونة.. كيف واجهتيها؟
كنت أعلم أنني سوف أتعرض للرفض من قبل البعض، لكن كل ما رأيته بعض الاستغراب من الناس عن كيفية كتابة امرأة لعقد القران، ولم يكن أبدًا رفض، لذلك عندما أرى هذه النظرات أبدأ بالتعامل معها بشكل لطيف وأمتص نظرات الاستغراب بطريقتي الخاصة، لأنني شخصية ناحجة اجتماعيًا بقدر كبير، وأستطيع توصيل ما بداخلي لمن حولي بشكل بسيط ومقبول ليفهموا طبيعة مهنة المأذون على عكس المرسخ في أذهاننا قديمًا عن المأذون الرجل، مثل الكثير من العادات والتقاليد المرسخة في الأذهان، حتى أنهم يغيرون نظرتهم لي بعد «كتب الكتاب» 180 درجة، حتى أن أحد السيدات بعد كتب كتاب ابنتها أتت إلى مكتبي وقالت لي أريد أن أكتب كتاب ابنتي الأخرى عندك.
هل هناك اختلاف بين المأذون الرجل والمرأة؟
بالطبع هناك اختلاف كبير بين المأذون الرجل والمرأة، وليس فقط في حالات الزواج، لكن في حالات الطلاق أيضا، وهو أمر مهم للغاية، وكلانا يكمل الآخر، وله وظيفته ودوره، ولا نتعامل ندًا لند، والدليل على ذلك أن المرأة لديها ميزة ليست موجودة لدى الرجل، تكمن في أنها مستمعة جيدة.
في كتب الكتاب الأمر مختلف تمامًا، فالعروسة لا تشعر بالخوف أو الوحدة وقت عقد قرانها، لأنني أمنحها شعور أنني أختها من تعبيرات وجهي بالفرحة لها، حتى أن الحضور لا يصدقون أنني لا أعرف العروسة.
معالجة الدراما للمرأة الماذونة.. كيف تقيميها؟
تناولت الدراما قضية المرأة المأذونة بطريقة كوميدية، وهو أمر لم يلق إعجابي، لأننا نجني ثماره الآن بشكل سيئ، لكن قد يكون ما حدث في الدراما بسبب قلة التجارب للمرأة المأذونة وعدم انتشار هذه الظاهرة، ولكن أتمنى في الفترة المقبلة أن تكون هناك أعمال تعالج دور المرأة المأذونة بشكل أفضل يوضح أهمية دورها وبصمتها في المجتمع.
هل أثرت الندوات التوعوية التي تنظميها؟
قررت أن أخوض تجربة الندوات التوعوية بعد عام من استلامي للعمل كمأذونة، من خلال الاستشارات التي أتلقاها والمشاكل التي تعرض عليّ في مكتبي، ومن ثم أقوم بتجميعها والبحث عن حلول لها بشكل بسيط، مع الحفاظ على السرية التامة لأصحاب هذه المشاكل، والذي دفعني لهذه التجربة أنني تفاجئت بنسب طلاق كبيرة بشكل مفزع في محافظة الإسماعيلية، خاصة مع الأشخاص حديثي الزواج، ولم أكن أتوقع نجاح هذه الندوات والتي فاقت نسبة حضور أول ندوة فيهم المائة بالمائة، وإن دل ذلك على شيء فيدل على ثقة الناس في نصائحي، خاصة أن الشارع الإسماعيلي بحاجة لمن يرشده للطريق الصحيح من كيفية اختيار شريك الحياة والطريق لتجنب المشاكل في الحياة الزوجية.
في رأيك.. لماذا زادت نسبة الطلاق في مصر مؤخرا؟
تعددت أسباب الطلاق هذه الفترة وزادت نسبتها، خاصة مع الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا، حيث إن الكثير أصبح داخل بوتقة العالم الافتراضي عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي التي يعيش فيها بكل كيانه، حتى أننا أصبحنا نرى أن الزوج والزوجة عند خروجهما لتناول الطعام خارج المنزل يضعون وجوههم في الشاشات غير مباليين باللحظات التي تجمعهم، مما أدى إلى زيادة الخرس الزوجي وفتور العلاقة بين الطرفين والخيانة الزوجية من خلال التعرف على أشخاص جدد عبر مواقع التواصل، كل ذلك أدى إلى الفتنة وخراب البيوت التي تؤدي إلى الطلاق، فضلًا عن طريقة التربية والتنشأة وتعليم الولد ما عليه من واجبات ومسئوليات قبل أن يطالب بحقوقه، كما أن البنت أيضًا لم تتلق النشأة السليمة التي تؤهلها لخوض تجربة الزواج وتحمل المسؤلية ومراعاة بيتها وزوجها وكيفية أن تكون أنثى ولا تعيش في الخيالات والأحلام الوردية لأن الحياة أصبحت قاسية ولايوجد ما تراه في الأفلام.
من هذه النقطة.. ما هي نصيحتك لمن قرر الطلاق بعد فترة من الزواج؟
أرى أن قرار الطلاق ليس بالأمر السهل، فلا يجب أن يكون القرار الأول بعد أول مشكلة، ولكن عند انقطاع جميع سبل الإصلاح بين الزوجين واسحالة العشرة بينهما، يكون وقتها قرار الطلاق هو الحل، فهدم الأسرة لأسباب واهية والتي أصبح الجميع يفعلها، ما هي إلا آفة أصابت المجتمع.
ما هي نصيحتك للشباب المقبل على الزواج؟
الاختيار السليم على رأس النصائح التي أقدمها لهم، كما أن عدم إقحام الأهل والأصدقاء في مشاكل الزوجين من أهم الأسباب التي تساعد العلاقة الزوجية على النجاح، لأن تدخل أطراف أخرى يزيد من المشكلة ولا يحلها، وقد يؤدي إلى خلق مشاكل جديدة متفرعة من المشكلة الرئيسية، ولكن تدخلهم يكون في حالة واحدة، وهي نفاد كل الفرص أمام الشريكين لحل المشكلة التي تواجههم.
حدثينا عن أغرب موقف واجهتيه كمأذونة؟
واجهت الكثير من المواقف الغريبة والطريفة، ولكن كان الأغرب على الإطلاق، أسرة جاءت إلى مكتبي في بداية تعييني كمأذونة منذ أربع سنوات، فوجدوا اسمي مكتوب على اليافطة «وفاء قطب»، فخيل لهم أنه اسم لمأذون رجل، وعند أخذي لبياناتهم سألوني «أمال فين بقى الأستاذ المأذون إحنا لسه مقابلناهوش؟»، فقلت لهم «مع حضرتك الأستاذ أهو واقف قدامك»، خاصة أن سني كان صغيرًا وقتها ويثير تعجب الناس وعدم تصديقهم قدرتي على كتب الكتاب.
لماذا لقبك الناس بـ«صاحبة السعادة»؟
لقبني الناس بـ «صاحبة السعادة» في الأونة الأخيرة، لأني بعد كل كتب كتاب لعروسة تظهر حالة من البهجة وأجواء المرح في الوسط، لمجرد ابتسامتي يشعرون بطاقة من الحب والسعادة، لهذا قالوا إنهم اكتشفوا أن السبب وراء ذلك يرجع لي وهو القبول عند الناس وحبهم لي.
ما السر وراء احتضانك للعروس بعد كتب الكتاب؟
لا يستطيع أي شخص إيصال أحاسيسه عند طريق الحضن، واحتضان العروسة بعد كتب الكتاب يضفي شعورًا بالفرحة، خاصة لو كان من شخص صادق يستطيع إيصال مشاعره وحبه من خلال هذا التواصل الجسدي السامي.
صفي لنا إحساسك قبل كتب الكتاب كمأذونة امرأة؟
أخبرتني الكثير من الفتيات أن مشهد كتب الكتاب كان مرعبًا في خيالها، من إمضائها على استمارة تنقلها لحياة جديدة مجهولة، لذلك كان وجودي معهن يكسر حدة التوتر لديهن، خاصة أنني امرأة مثلها وعمري قريب من أعمار المقبلات على الزواج، حتى أنني قررت من بداية شغلي في هذا المنصب أن أهادي العروس شيئًا تحبه، ولأنني امرأة فأعلم أن الورد هو أكثر الأشياء التي تسعد الفتيات، لذلك أصنع لكل فتاة باقة من الورد مختلفة عن الباقة التي تسبقها، لتشعر كل عروس بتميزها وتفردها بباقتها، ومن الغريب أن تنسيقي لباقةالورد تتماشى مع الألوان التي ترتديها العروس.
ما شعورك بعد هذه السنوات من النجاح في مهنتك كمأذونة؟
سأشرح لك أولًا شيئًا، كنت أعمل في مهنة مرموقة اجتماعيًا قبل أن أصبح مأذونة، وهي «معاون قضائي» في محكمة الإسماعيلية، حيث إنها مهنة تمناها الكثير، لذلك كان مجازفة وأمر صعب أن أتخلى عنها من أجل العمل كـ مأذونة، كما اتهمني الكثير بالجنون لأنني قدمت استقالتي من مهنتي الأولى والتحول لمهنة جديدة لا معالم لها، لأن رؤيتهم أنني تركت منطقة الأمان والراحة وذاهبة لمجهول لأ أعلم نجاحي فيه ولا ضمان فيه، لكنني رميت نفسي في هذا الطريق ولا أعلم إن كنت سأفشل أم لا، ولكن إن رجع الزمن بي سوف أختار كل ما فعلته لأن ثقتي في الله كانت كبيرة في الوصول إلى مرادي وأهدافي، خاصة أن هدفي في الحياة إنساني واجتماعي وليس مادي، فشعوري أنني أدخلت السرور على قلوب النماس لا يضاهيه ثمن.
نقلا عن العدد الورقي.