حكايات مصريين على "خط النار" فى ليبيا: "خايفين نطلّع الجنسية يقتلونا".. الحاجة "همّت": أصبحنا مشردين فى دولة أعطيناها أعمارنا.. وأبناء الشرقية: "نفسنا نرجع بلدنا"

حكايات مصريين على "خط النار" فى ليبيا
كتب :

كتب: عمرو ـ إنعام محمد ربيع ـ صهيب حمزاوي ـ محمد أحمد ـ مروة زنون ـ شيماء السمسار ـ آية العريني

سنوات من العذاب يعيشها المصريون المغتربون وسط جحيم الأراضى الليبية؛ خلال رحلة البحث عن لقمة العيش خارج البلاد، نسجوا قصص الألم التى استدعتهم لإخفاء هويتهم المصرية والتخلى عنها تارة، والتعرض للحبس داخل خزانات الوقود تارة أخرى؛ بسبب التفجيرات الدامية الواقعة بالأراضى الليبية، لتظل نار جهنم الليبية مصيرًا يلاحق قاصدى لقمة العيش المصريين.

قصص من الألم يرويها أبطال الغربة لـ«أهل مصر»، من داخل محبسهم الشرعى فى ساحة القتال الليبية، يكشفون من خلالها واقعًا مريرًا يعيشه المصريون المغتربون خارج بلادهم، رغم سفرهم بطريق شرعى للأراضى الليبية، فلم يجدوا بديلاً عن أراضيها التى أجبرتهم الحرب فيها على السير فى مجموعات؛ حتى لا يقعوا ضحية للانفجارات.. روايات عدة يرويها أبناء مصر من قاصدى العمل بأرض جهنم الليبية.

◄ أبناء الشرقية من أرض الدم والموت: «نفسنا نرجع بلدنا» 

تتسم العلاقات المصرية الليبية بالقوة والمتانة منذ زمن بعيد، فمصر أول دولة تعاملت مع الحكومة الليبية بعد استقلالها من المستعمر الإيطالي، وتخللت تلك المدة فترات من المتانة والضعف فى العلاقات بين الدولتين، ولكن ذلك لم يؤثر على اتجاهات العمالة المصرية، وبالأخص العمالة الحِرفية التى عانت فى الآونة الأخيرة من التقلبات الحياتية فى الساحة السياسية بعد الإطاحة بنظام القذافي. وكان لـ«أهل مصر» حوار مع بعض هؤلاء.

يقول محمود سعيد، 24 عامًا مقيم فى العباسة التابعة لمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، وحاصل على الثانوية الأزهرية، لـ "أهل مصر"، إنه سافر إلى ليبيا بطريقة شرعية عن طريق البر عام 2014، موضحًا أن أيام القذافى كانت أفضل من الوقت الحالي، خاصة بعد أن سيطرت على ليبيا حكومة الوفاق المعاملة.

وتابع محمود «حياتنا فى ليبيا وسط الجماعات المسلحة صعبة، خاصة لو عندك مشكلة فى الأوراق التى تثبت هويتك، ويمكن أن تدفع فلوسًا للجماعات المسلحة؛ حتى تستطيع أن تعيش فى ليبيا، أى مقابل بقائك فى ليبيا من أجل لقمة العيش». 

وأفاد محمود «كل حاجة فى ليبيا متوفرة إلا الأمان، فمن الطبيعى أنها أصبحت معقلاً للجماعات المسلحة. وهذا يترتب عليه أنك بين عشية وضحاها يمكن أن تفقد نفسك وأسرتك إن كانت معك. إحنا عايشين فى خطر فى الشارع زى الليبى بالضبط، بتنزل الشغل مش عارف هترجع ولا لأ. حتى فى السكن بتنام مش عارف هتصحى ولا لأ.. الصواريخ بتعدِّى من فوق واحنا شايفينها. من 2014 وانا عايش فى الخطر ده. اتعوِّدت عليه، وعارف إنى ممكن أنتهى فى أى لحظة. وإن شاء الله هارجع مصر علشان عندى خدمة في الجيش». 

وقال محمد الشرقاوي، 30 عامًا حاصل على دبلوم صنايع من بلبيس بمحافظة الشرقية: أنا سافرت من حوالى شهرين بطريقة غير شرعية لدولة ليبيا، ومقيم فى بنغازى اللى بيحكمها الجيش الليبى، طبعًا فى مناطق خطر، وأغلبها توجد بها ألغام. مضيفًا: اشتغلت فى محل كهرباء مؤقتًا؛ لأنى هاكمل لإيطاليا. الحياة هنا صعبة.

وأكد أحمد، من أبناء الشرقية، أن المصرى فى ليبيا ليس له أى قيمة؛ لأنه لا يوجد قانون يحميه، مضيفًا: «إحنا 24 ساعة بنسمع صوت الرصاص.. بننام ونصحى على صوته. ما فيش هدوء فى البلد، حتى لو فيه حرب بنشتغل.. هنعمل إيه؟ اتعوِّدنا على كده».

◄ من قلب مدينة سرت الليبية الحاجة «همّت»: أصبحنا مشردين فى دولة أعطيناها أعمارنا 

كان لأهالى محافظة الغربية نصيب من المعاناة فى ليبيا، ففي عام 1992 قررت الحاجة «همت» أن تغادر أرض الوطن، قلت: كان كل شيء على ما يرام، حتى بدأت ليبيا تنهار بعد معمر القذافى، وسكنتها المليشيا المسلحة، فأصبحت مدينة «سرت» التى أعيش فيها عبارة عن كومة خرائب ودمار، وانتشرت الجثث فى كل مكان وفى الشوارع. بدأت السلع فى النفاد، وتوقفت الدراسة، فلا بنزين أو مواد غذائية، وانقطعت الكهرباء لأكثر من 3 أشهر، واضطررنا أن نعيش على المحولات، فنقتصد فى طعامنا والوقود. الأموال متوفرة، لكن السلع لا، وهو ما يُعَدُّ كارثة بالنسبه للمصريين، والذين تَجمَّعوا فى مساكن خاصة بعد تعرض طبيب وزوجته وأولاده للقتل والنهب، وهو ما أثار الذعر فى نفوسنا جميعًا، فانعدم الأمان، وانقطعت الصلة بيننا وبين أهالينا وجيراننا الليبيين، ففى ذلك الوقت كان الجار عدوًّا والصديق يقتلك ليعيش يومًا آخر.

وتابعت: أكثر ما يثير الغضب هو إعلان الحكومة الليبية الحالية أن الأمور مستقرة وعلى خير ما يُرام، ونحن نتعرض للضرب والقصف يوميًّا. وكل ما فعلوه هو التنبيه على المواطنين المدنيين بإخلاء أماكن القصف؛ ما جعلنا نفكر فى النزوح إلى بنى غازى، ومنها إلى الجزائر أو معبر السلوم، إلا أنه فى المقابل يطالب عدد من المهربين رشاوى وأموال طائلة لإيصالنا للحدود.

واختتمت: كل ما أريده أن أعود إلى وطنى مصر؛ لأننا أصبحنا مشردين فى دولة أعطيناها الكثير، فعندما كنا نرى توابيت العمال والصناع عائدة لتُدفَن فى مصر، لم نتوقع أن يحدث لنا ما حدث لهم، لكن ما نعانيه أمَرُّ بكثير، فلا يُضير الشاة سلخها بعد ذبحها، لكننا نُسلَخ ونحن على قيد الحياة، لا ندرى لأى جرم نُعذَّب، ولا نبغى سوى الراحة. 

◄ شباب المنايفة من ليبيا:«عايشين جسد بدون روح» 

تَغرَّبوا من أجل لقمة العيش؛ لضمان حياة أفضل لأبنائهم.. لا يرونهم سوى 15 يومًا كل عامين، ولا يستطيعون العودة للوطن؛ لمتطلبات أسرهم.. يجلسون وسط القصف والمتفجرات.. ينتقلون من مكان إلى آخر؛ بحثًا عن العمل. معظمهم عاد إلى مصر، ولكنهم الآن يعملون بجد؛ حفاظًا على رزق أبنائهم. 

«دقائق تمر علينا كالأيام.. نخاف من خروج القذف عن مدينة طرابلس وسط عذاب من الكل».. هكذا وصف أشرف عامر، من محافظة المنوفية، محاسب يعمل فى ليبيا منذ 10 سنوات، حالهم في الجماهيرية العربية الليبية، وأوضح فى حديثه لـ"أهل مصر" أنه يعمل فى مدينة بنغازي، والقصف أصبح محصورًا الآن عن السابق بمدينة طرابلس وبعض المناطق المجاورة لها، ولكن أصبحت ليبيا جزءًا لا يتجزء منا أبدًا. 

وأضاف أشرف أنه منذ 10 سنوات، خاصة حينما كان القذف فى ذروته، كان لا يسير أو يغمض له جفن إلا ويردد "لا إله إلا الله محمد رسول الله "، وانتقل بعد ذلك إلى مدينة أخرى من المدن الليبية خوفًا من الموت؛ لأن الحياة فى ليبيا أصبحت حياة الروح بلا جسد، والجسد بلا روح؛ نتيجة للخوف من الموت الذى يحوطهم طَوالَ اليوم دون أى رحمة. 

ويقول سالم صالح، عامل مصنع: أعمل فى ليبيا منذ حوالى 12 عامًا ومرت أمامى القنابل أكثر من مرة، وفى كل مرة كنت أظن أنها الأخيرة لي، ولكني لا أزال حيًّا، ونعلم جميعًا أن المشاحنات المتواجدة الآن ما هى إلا بسبب الصراع على السلطة، حيث تحتوى ليبيا على 3 حكومات «حكومة فى الشرق، وأخرى فى الغرب، والثالثة مليشيات». 

وأكد صالح أن المعاناة فى ليبيا أصبحت الآن أكثر، خاصة بعد سيطرة المليشيات على أرض لييبا، فأصبحت الحياة كلها قلقًا، وأصبحنا نعيش خوفًا، والموت يحوطنا من كل اتجاه. 

◄ العائدون من جحيم ليبيا فى بنى سويف: «الدواعش سرقوا كل ما نملك»

على الرغم من الأوضاع الأمنية المضطربة، إلا أن هناك مئات العمال المصريين الذين يعيشون فى المدن الليبية، فضلاً عن راغبى السفر إلى ليبيا. وفى قرية «منهرو» بمركز إهناسيا، والتى خلت من الرجال مَنْ هم فى سن الشباب؛ الذين تركوا القرية وسافروا إلى ليبيا؛ بحثًا عن "لقمة العيش"، وتركوا النساء والأطفال فى حماية الشيوخ والكهول وموظفى القرية، ممن حالفهم التوفيق بوظيفة حكومية. 

أكثر من 7 آلاف شاب من القرية باعوا أثاثات المنازل، وقرروا إكمال حياتهم العملية التى بدأها البعض منهم منذ 10 أعوام فى ليبيا، حيث العمل والمقابل المادى المرتفع الذى ينتشلهم من البطالة، حسبما كانوا يتوقعون. وعلى الرغم من علمهم بالمخاطر التى تحاك بهم فى ظل الحالة الأمنية المتردية بالجماهيرية، إلا أن هناك من يغامر بحياته للسفر إلى ليبيا، وهو يردد عبارة «كلها موت وخلاص».

محمد صالح جودة، 23 سنة، ابن قرية شريف باشا بمحافظة بنى سويف، العائد من الأراضى الليبية، أكد فى حواره مع «أهل مصر» أنه تَعرَّضَ لمحاولة اختطاف هناك، أثناء عمله في طرهونة بمدينة طرابلس، قائلًا: «باشكر ربنا إنى رجعت لمصر ولحضن أهلى مرة تانية. أنا مش مصدق إنى ما زلت حي، بعد أن أطلق الخاطفون سراحى مع المصريين الذين احتجزوهم فى غرفة صغيرة فى منطقة طرهونة بطرابلس».

وعن الأوضاع الأمنية هناك قال محمد صلاح إن الحالة الأمنية لا تبشر بخير، مؤكدًا أنه حال عودته إلى مصر بصحبة زميلين له، وأثناء ركوبهم السيارة، فوجئوا بمجموعة من الملثمين أشبه بالعصابات المسلحة، استولوا على كل ما معهم من أموال وأمتعة، مؤكدًا أنه مسافر منذ 3 سنوات بطريقة غير شرعية، قائلاً: «حضرت الضربة الجوية للرئيس السيسى فى ليبيا، وسمعنا عنها. ويا ريت حقنا يعود لنا من العصابات المسلحة والدواعش اللى فى ليبيا».

خطفونى مرتين وتعرضت للتعذيب

قال خلف محمد، البالغ من العمر 19 عامًا ابن محافظة بنى سويف، لـ«أهل مصر»: «هاجرت إلى ليبيا مع مجموعة من الشباب عن طريق أحد السماسرة الموجودين فى مركز سمسطا، واتخذنا بعض المدقات الصغيرة والطرق الوعرة داخل الجبال؛ لأننا مجموعة من الأطفال لم تَتَعدَّ أعمارنا وقتها 16 عامًا، وخرجت فى أحد الأيام عقب الانتهاء من العمل إلى الشارع لشراء مسحوق غسيل؛ لتنظيف ملابسى، فاستوقفتنى إحدى السيارات، وتم جذبى إلى الداخل، وإغماء عينى من خلال قطعة قماش، إلى أن وصلنا لمركز شرطة بعيد فى الصحراء، وأدخلونى إلى غرفة ضيقة لا يتعدى عرضها الثلاثة أمتار».

واستطرد «خلف» قائلاً: «سألونى عن جواز سفرى، فأخبرتهم أننى خرجت لشراء مسحوق غسيل، والجواز موجود داخل شقتى، وحددت لهم العنوان، إلا أنهم لم يستجيبوا لكلامى، وتعرضت لضرب شديد، وتم نقلى إلى المستشفى، وألقونى مرة أخرى داخل السجن لمدة 15 شهرا، برفقة العديد من أصحاب الجنسيات المختلفة. لم نذق طعم النوم فى تلك الأيام، ولم نكن نعرف كيف نقضى حاجتنا، حتى جاء أحد الضباط، فحكيت له قصتى، وقرر ترحيلى إلى الحدود المصرية؛ حتى أصل إلى بلدي». 

وأضاف: قبل خروجنا فى سيارة الترحيلات، طلب أحد المصريين الموجودين خارج السجن أن يصطحبنى خمس دقائق الى منزله، وغيرت ملابسى التى ظلت على جسدى 15 شهرًا. وعند وصولنا الى الحدود المصرية، أعطانى أحد الضباط المصريين 300 جنيه كمصاريف مواصلات إلى أن وصلت إلى قريتى.

واختتم خلف: لن أعود إلى ليبيا، ولن أخرج من مصر مرة أخرى، حتى لو هاموت من الجوع، وياريت كل الشباب ما يفكروش فى السفر مرة أخرى. ربنا هو الوحيد اللى كتب لى إنى أخرج للحياة مرة أخرى. 

◄ "منياوي": لا نظهر الجنسية المصرية فى ليبيا خوفًا من القتل 

محافظة المنيا من أكثر محافظات الصعيد التي يعيش شبابها خارج مصر.. شباب اختار وطنًا غير الوطن، وأرضًا غير الأرض.. سلكوا طرقًا غير شرعية، وتسلقوا الجبال، وعبروا الصحارى؛ ظنًّا منهم أنهم سوف يجدون كنوز الذهب والفضة فى ليبيا بحسب زعمهم، ولكن بعد أن انقلبت الدنيا رأسًا على عقب فى الأراضى الليبية، وقررت القوات الليبية تطهير الأرض وحماية العرض، أصبحت ليبيا بالنسبة للمهاجرين الليبيين مصدر قلق وهلع وخوف وموت، يتنظره المئات من شباب المنيا فى ليبيا. 

يقول «حمادة ا.» خلال حديثة لـ«أهل مصر»: سأفرت للعمل بطريق شرعى بالأراضى الليبية، وعملت فى مهنتى السباكة منذ عدة أشهر، وبدأت أقطن مع مجموعة من المصريين فى مدينة طرابلس الليبية. لافتًا إلى أن بنى غازى أكثر أمانًا من مدينة طرابلس الليبية. مضيفًا: نسير فى الشوارع فى حذر شديد؛ خشية أن يصيبنا أى مكروه. مشيرًا إلى أنهم يعتادون العمل فى مدينة طرابلس منذ أن كان زمام الحكم فى يد معمر القذافي. 

واستكمل «يبدأ اليوم بتجهيز أنفسنا للسير معًا بنظام مجموعات تتحرك فى الشوارع، متجهة إلى العمل صباح باكر، ثم العودة إلى السكن فى تمام الحادية عشرة مساء فى نظام مجموعات أيضًا؛ حتى لا يتم استهدافنا ». لافتا إلى أن هناك عددًا كبيرًا من المصريين المغتربين بالأراضى الليبية؛ من أجل العمل وتوفير لقمة عيش لهم ولأسرهم، و«نحرص بشدة على عدم الإفصاح عن أننا نحمل الجنسية المصرية؛ حتى لا يتم استهدافنا».

وأوضح أنه يتم القبض على المصريين القادمين إلى الأراضى الليبية عن الطريق «الهرابى» بالطريق غير الشرعى أو فرض إتاوات عليهم؛ فهم الأكثر عرضة لذلك من المصريين الذين يعملون بالأراضى الليبية بطريق شرعى، لافتًا إلى أن التفجيرات والأحداث الدامية الواقعة داخل البلاد الليبية أجبرت عددًا من المصريين على العودة من جديد إلى مصر.

◄ رسالة أهالى الدقهلية من ليبيا إلى الرئيس السيسي: «انظر إلى أحوالنا.. نفنسا نرجع بلادنا» 

بين عشية وضحاها قرر الحليفة حفتر تطهير ليبيا من الجماعات المتطرفة فى طرابلس وغيرها من المدن الليبية التى وقعت تحت طائلة الميليشيات المتطرفة، فارتمى المصريون فى قلب جحيم ليبيا بحكم العيش هناك.. جثث مترامية هنا وهناك.. قصف على مدار الساعة.. اشتباكات قتالية فى جوف الليل. هذا هو المشهد الآن فى ليبيا، كما وصفه بعض أهالى الدقهلية المقيمون فى ليبيا فى تصريحاتهم الخاصة لـ«أهل مصر»، فالخوف فتَّتَ القلوب، وقتل النوم فى العيون، وباتت الأجساد بلا روح، كل ينتظر ساعة موته. 

وقال «خ. س»، أحد أبناء مدينة طلخا "نسمع كل يوم ضرب الناس وتعذيبهم، ونرى الموت كل ساعة أمامنا بعد أن تم الوقيعة بين الشعب وأفراد الجيش، فأصبح الضحايا يتساقطون واحدًا تلو الآخر بصورة متكررة، حتى تبلدت مشاعرنا، وتعودنا على ذلك". مضيفًا أن جميع المنازل مسلحة، خاصة بعد إعلان سقوط القذافي، فأصبحت ليبيا خرابًا ورعبًا، ولا أحد يستطيع العيش فيها الآن.

ننتظر رصاصة الموت فى أى وقت 

أما «ع» أحد أبناء مدينة دكرنس فيروى قصة حياته فى ليبيا قائلاً «أتمنى أموت فى بلدى، ولن أسافر مرة أخرى بعيدًا عنها. نحن نعيش فى أمن وأمان. لدينا جيش يحمينا من جميع الاتجاهات، أنا الآن أعيش وسط بلد ليس به حاكم ولا جيش رسمى، والمسلحون فى كل مكان، ونستمع كل دقيقة إلى ضرب النار من الطرفين، ونعمل أحيانًا فى تلك الظروف؛ من أجل عدم تعرُّض أحد لنا».

وأضاف: «نريد العودة إلى وطننا.. لا نريد الأموال.. نريد أن نعيش وسط أبنائنا مرة أخرى وأسرنا الذين يتحدثون معنا كل يوم، ونكذب عليهم بأننا بخير، ولكن الحقيقة أننا نعيش فى غربة، ونتنظر الموت رميًا بالرصاص من أى أحد وفي أي لحظة؛ لأن الرصاص والأسلحة متواجدة مع الصغير قبل الكبير». وتابع: نتمنى من الحكومة المصرية النظر إلينا؛ فنحن متواجدون بالآلاف، ونريد العودة عن طريق تونس مثل ما حدث من قبل، وقامت السلطات المصرية بإرسال طائرات من أجل عودة المصريين، ونعلم أننا شاركنا فى ذلك الخطأ، ولكن قمنا بذلك من أجل أكل العيش.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً