دفع الخوف من هاجس اليابان الاول "الشيخوخة" الإمبراطور "اكيهيتو" للتنازل عن عرشه لنجله الأمير "ناروهيتو" في حياته والذي ستجري مراسم تنصيبه غداً في طوكيو وبذلك يكون أول امبراطور يتنازل عن العرش في اليابان منذ 2600 عام من القرن السابع الميلادي.
رأى الإمبراطور أنه ليس من الجيد الاستمرار في منصبه مدى الحياة مع عدم مقدرته على أداء تلك المهمة، وعبر عن معارضته بشدة الحل الذي يقضي بوضع وصي أو وكيل للإمبراطور.
وفي 18 أغسطس 2016، خاطب الإمبراطور شعبه مباشرة في رسالة قرأها بنفسه، أعرب فيها عن رغبته الشديدة في التخلي عن العرش، على الرغم من أن منصب الإمبراطور يخضع لنظام "مدى الحياة".
أسباب تخلي امبراطور اليابان عن الحكم
لم يتردد الإمبراطور في رسالته إلى شعبه في ذكر الأسباب التي رآها موجبة لتخليه عن العرش من تلقاء نفسه في هذا التوقيت، حيث قال إنه أصبح من الصعب عليه القيام بأداء المهام كرمز لليابان "بكامل القوى الجسدية".
أما السبب الثاني الذي صارح به اليابانيين، فهو الخوف من أن يؤدي منصب الإمبراطور الذي يتولى العرش مدى الحياة إلى "الركود الاجتماعي والتأثير على حياة المواطنين في حال تدهور حالته الصحية بشكل خطير".
لم يجد الإمبراطور حرجا في أن يضيف إلى السببين السابقين سببا ثالث، هو خوفه من "تعرض العائلة الإمبراطورية لظروف صعبة بسبب قيامها بالمراسم المتعلقة بتنصيب الإمبراطور الجديد على العرش، ومراسم وداع الإمبراطور الراحل عند رحيله في نفس الوقت".
لاقت رسالة الإمبراطور صدى إيجابيا لدى اليابانيين، وتراوحت نسبة من يرون أنه يجب الموافقة على تخلي الإمبراطور عن العرش بما بين 80% و90%، بحسب نتائج استطلاعات الرأي بعد رسالة الإمبراطور.
وكان الإمبراطور في الـ 82 من عمره حين وجه تلك الرسالة إلى شعبه، حيث استمر بأداء مهامه الرسمية متجاوزا إصابته بسرطان البروستات وخضوعه لعملية جراحية في الشريان التاجي للقلب.
أما الخطوة التمهيدية الأبرز فكانت إعلان التقويم الإمبراطوري الجديد في الأول من أبريل الجاري، واختارت الحكومة إطلاق اسم "رايوا" على العهد الإمبراطوري الذي سيرافق حكم الإمبراطور ناروهيتو، ويعني الرمزان اللذان يمثلانه "رائع" أو "نظام" أو "تناغم" أو "سلام".
ليس الإمبراطور فقط من يخشى الشيخوخة، فهي تبدو الهاجس الأول لليابان وفقا للمعهد الياباني الوطني لأبحاث السكان والأمن، الذي يتوقع تراجع عدد سكان اليابان نحو 30% خلال الخمسين عاما المقبلة.
ووفقا لإحصائيات المعهد أيضا، فإن التقديرات تشير إلى أن السكان من سن 65 فما فوق سيشكلون 38% من إجمالي سكان اليابان عام 2065، بعد أن كانت 26% عام 2015. كما أن تنامي معدلات الشيخوخة يقابله تراجع كبير في معدل المواليد من جهة أخرى.
مستقبل الإمبراطورية
هاجس الديموغرافيا يحمل غموضا قد يحدث أزمة خلافة في الإمبراطورية مستقبلا، بسبب التقاليد التي تحكم نظام الوراثة وتمنع المرأة من الجلوس على "عرش الأقحوان" المحاط بقداسة تاريخية لدى اليابانيين.
ويعزز هذا الهاجس أن أغلبية أفراد العائلة الإمبراطورية من النساء (19 من أصل 24)، والإمبراطور الجديد ليس له أبناء ذكور، ومن ثم فإن أزمة وراثة تنتظر العرش الإمبراطوري مستقبلا إذا لم يرزق هيساهيتو -ابن شقيقته البالغ من العمر 12 عاما- بمولود ذكر.
أما الوجه الآخر فيتعلق بـ"شيخوخة فكرة الإمبراطورية في ظل زحزحة بعض القيم والتقاليد في المجتمع الياباني، خصوصا لدى الأجيال الجديدة.
فديانة الشنتو التي يدين بها اليابانيون تتميز بعبادة الأسلاف، وكانت مقدمة مناسبة لتأليه العائلة الإمبراطورية ثم تأليه الإمبراطور نفسه بعد ذلك؛ لكن تأليه الإمبراطور في اليابان اليوم له معنى مجازي فقط.
ونقلت صحيفة The Asahi Shimbun اليابانية، عن مسؤولين في المدرسة الإعدادية التابعة لجامعة أوتشانوميزو قولهم، إنه "عُثر على سكينتي مطبخ، مطليتين باللون الوردي وملصقتين بطرفَي عصا وموضوعتين قرب مقعده".
وتوضع أسماء الطلبة على المقاعد في المدرسة المرموقة، التي يدرس فيها الأمير البالغ من العمر 12 عاماً، وهو الحفيد الذكر الوحيد للإمبراطور أكيهيتو والإمبراطورة ميتشيكو، ما يجعل تحديد مقعد الأمير سهلاً، بسبب السلاح الغريب الموجود بجانبه، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Daily Mail البريطانية.
وذكر قسم شرطة العاصمة طوكيو أن كاميرات المراقبة التقطت صوراً لرجل في منتصف العمر يدخل المدرسة قُبيل العثور على الآلة الحادة، وكان هذا الرجل يرتدي خوذة وملابس زرقاء وعرَّف نفسه بأنه عامل بناء، بينما كان الأمير هيساهيتو في فصل آخر في المبنى في ذلك الوقت.
وقال رئيس جامعة أوتشانوميزو، كيميكو موروفوشي، إن المدرسة ستُراجع إجراءاتها الأمنية بعد هذا الحادث، وأعرب عن الاعتذار الشديد والقلق البالغ بسبب الحادث الذي وقع في مدرسة جامعة أوتشانوميزو الإعدادية.
أول اعتزال منذ قرنين
وأعلن إمبراطور اليابان أكيهيتو، اليوم الثلاثاء، تنازله عن العرش، ليصبح بذلك أول إمبراطور ياباني منذ قرنين يقوم بخطوة من هذا النوع.
وجاء ذلك في خطابه الأخير خلال احتفالات بروتوكولية رسمية أقيمت في القصر الإمبراطوري، أعلن فيها تنازله لصالح نجله الأكبر الأمير ناروهيتو (59 عاماً).
ورسمياً، انتهى عهد أكيهيتو منتصف ليلة الثلاثاء، ليعتلي ابنه ولي العهد الأمير ناروهيتو العرش إمبراطوراً جديداً للبلاد، وبذلك يصبح الإمبراطور الـ126 لليابان.