إخوانستان تضارب الولاءات والخيانات تكشف سقوطا أخلاقيا لقيادات التنظيم 4-4

تكشف تكرار الخيانات والانقسامات داخل تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي عن طبيعة خاصة لهذا التنظيم الذي لا يتورع أعضاء فيه عن التضحية بالاخرين من أجل مكاسب شخصية مالية أو سياسية ، وبهذا فإن أول خيانة كبيرة من شخصية مؤثرة داخل تنظيم الإخوان المسلمين، كانت كفيلة بالقضاء على التنظيم، وهي خيانات تكررت كثيراً، وفي كل مرة تقع ينهار التنظيم ويذهب عشرات الآلاف من الشباب المخدوعين في قدسية التنظيم وقوته إلى السجون، وبعضهم يفقد حياته قتلاً بالرصاص خلال رحلة الهروب من الشرطة، أو على أعواد المشانق.

وخلال هذه الفترة نجح جمال عبد الناصر شخصيا في استمالة عبد الرحمن السندي مؤسس التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين، وقام بتعيينه في شركة شل في قناة السويس، وأفرد له فيلا وسيارة، فأطلعه السندي على الكثير من أحوال النظام الخاص وأسماء أعضائه مما مكن جمال عبد الناصر من اعتقال أعضاء هذا النظام، وهو ما يعكس سقوطا أخلاقي وتاريخي داخل بنية التنظيم

ووفقا لما كتبه أحمد حمروش، في صفحة 306 من كتابه قصة ثورة 23 يوليو، الجزء الأول، ففي هذه الفترة وقعت في يد المباحث الجنائية العسكرية للبوليس الحربي وثائق تكشف وجود تنظيم لصف الضباط بسلاح الفرسان، ومع التحقيقات تكشف وجود تنظيم سري للإخوان داخل الجيش، وابتلع الإخوان القبض على رجال تنظيمهم داخل الجيش ولم يطالبوا بالإفراج عنهم انتظاراً ليوم 26 أكتوبر من عام 1954 م عندما أطلق محمود عبد اللطيف طلقات من مسدسه في محاولة فاشلة لقتل جمال عبد الناصر، وهي المحاولة التي كانت بداية سنوات من الجمر للتنظيم ونهاية لشهر العسل المتقلب بين الجيش والإخوان.

ففكرة تداخل جهات الولاء واعتبار الولاء للوطن في المرتبة الثانية أو حتى الثالثة بعد ولاءات أخرى، تجعل من جماعة الإخوان المسلمين جماعة غير وطنية، فولاء المنتسبين لها للجماعة بالأساس، وبيعتهم للمرشد قبل الوطن، هذا الترتيب المعيب في جهات وشخصيات الولاء هو الذي جعل إخوان مصر يصمتون الصمت المريب عن انتقاد أو مجرد رفض فتوى مفتي حماس بجواز قتل واستهداف جنود الجيش المصري المرابطين على حدودها الشرقية، حدث ذلك عندما أفتى الشيخ عبد الحميد الكُلاب، خطيب مسجد عباد الرحمن بخان يونس في قطاع غزة، بشأن إباحة قتل الجنود المصريين.

تداخل جهات وأفراد الولاء وسقوط الولاء للوطن لصالح التنظيم هو نفس ما جعل إخوان حماس، فيما بعد، هم أول من احتفل بفوز إخوان مصر بمنصب الرئيس قبيل تنصيب الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وهو في نفس الوقت الذي دفع بترشيح شخصية بارزة من عرب إسرائيل يحمل الجنسية الإسرائيلية وعضو سابق في كنيست إسرائيل لعضوية المكتب السياسي لحركة حماس الإخوانية الفلسطينية، وهو الترشيح الذي كان أقرب ما سيكون لأن يتحقق لولا الحرج السياسي الذي استشعره الإخوان في فلسطين وخارجها.

بل أننا نملك شجاعة القول بأن تنظيم الإخوان المسلمين الموجود في أراضي فلسطين هو التنظيم السياسي الوحيد في العالم العربي والإسلامي الذي يضم بين صفوفه عدد غير معروف من حاملي الجنسية الإسرائيلية من عرب 48 أو ما يسمى بالحركة الإسلامية في إسرائيل، وبعض هؤلاء التحق في نفس الوقت بمؤسسات إسرائيلية عن طريق التعيين أو الانتخاب، وكل هذه المؤسسات ليست بعيدة عن الموساد الإسرائيلي بحكم طبيعة تكوين دولة إسرائيل.

وهذا هو ما أشار يجعل أي مراقب منصف لا يملك أن يغمض عينه عن التناقض الصارخ بين تنظيم يجعل الولاء لمرشده في مرتبة الفرض الديني الذي يأثم عضو التنظيم بالخروج عنه، بل ويكفر في قول أكثر فقهاء التنظيم استناداً إلى أن خلع البيعة بمثابة الخروج من الدين، وبين الدول التي تحكمها حكومات وطنية، وهذا التناقض ليس نظرياً فقط، بل وصل في أحيان كثيرة إلى درجة التصادم في المصالح وفي الأولويات بين الشعوب وبين أجندة تنظيم الإخوان المسلمين، وهو التصادم الذي ظهر، على سبيل المثال، حين اجتاحت جيوش الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الكويت لتحتلها ولتعلنها محافظة عراقية، فيومها فضح التنظيم نفسه، وكان على الإخوان المسلمين الكويتيين أن يخنعوا لقرارات مكتب إرشادهم العام في القاهرة بغض النظر عن ابتلاع دولة أخرى لوطنهم، وأن يصطفوا مع موقف التنظيم في رفض تحرير بلادهم بواسطة تحالف دولي، انتظار لتحالف عربي مزعوم لم يحرر سنتيمتر واحد من أي أرض عربية محتلة أبداً، فكأن أن تفجر تنظيم إخوان الكويت من داخله، ليس لأن جميع الإخوان الكويتيين رفضوا الخنوع لمكتب الإرشاد، ولكن بسبب الصدام بين المتشربين لفكرة "إخوانستان" ومبدأ إعلاء الولاء للتنظيم، وبين الشباب الكويتي الوطني الذين لم تكتمل بعد عملية غسيل أدمغتهم، واكتشف في صبيحة غزو بلد آخر لبلاده وابتلاعها بالكامل أنه غرر به، بعد أن وجد نفسه مطالباً بقبول فكرة محو وطنهم من على الخريطة في مقابل الجنة التي يدخلها بطاعتهم للمرشد والتزامهم ببيعة ملعونة لا تمت بصلة لا لدين ولا لشرع ولا قانون.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
اتحاد الكرة يعلن رفض الطعون المقدمة ضد هاني أبو ريدة وقائمته