شكل الثنائى الزعيم عادل إمام وسعيد صالح ثنائى ناجح فى الفن المصرى، انطلاقاً من مسرحية "مدرسة المشاغبين"، وشخصيات مرسي الزناتي وبهجت الأباصيري التي لا تزال عالقة فى الأذهان حتى أيامنا هذه، وعلى المستوى الشخصي جمعت الثنائى صداقة قوية، فيقول سعيد صالح عن بدايته وحبه للتمثيل برفقة صديقه عادل إمام، الذى التقاه في المدرسة السعيدية،: "أنا وعادل لو مكناش مثلنا، كان زمانا دلوقتي قاعدين في السجن".
وتابع سعيد صالح فى أحد اللقاءات القديمة: "انا وعادل إمام كنا زملاء في المدرسة السعيدية، ومكنش حد يقدر يستحملنا في ثانوي، بس كانوا ساعات بيستحملونا عشان دمنا كان خفيف"، وبعد المرحلة الثانوي، تفرق الصديقان، ولكنهما التقيا على خشبات مسرح الجامعة، حيث جمعتهما الموهبة الفنية المتفردة التى تمتع بها كل فرد منهم، وجاءت مسرحية "مدرسة المشاغبين" عام 1973، لتكون فاتحة خير عليهما، وبعدها نال الثنائى شهرة كبيرة وقت عرض المسرحية، ولعدة سنوات بعدها، وأصبح الجميع يعرف أن تلك «مدرسة المشاغبين» ستصب في النهاية لصالح مدرسة الكوميديا المصرية.
وروى عادل إمام عن التفاهم بينه وبين سعيد صالح قصة إفيه كوميدي ابتدعه صالح، قائلاً: "سعيد صالح كان عندي في البيت، وسمع منى اختى بتقول وهى بتذاكر ينكمش بالحرارة ويتبربر بالبرورة، وبعدها اقترح إن إحنا ناخد الجملة دي في المسرحية"، وبعد مسرحية "مدرسة المشاغبين"، شارك الثنائي في عدة أعمال نجحت فى تحقيق شهرة واسعة وإيرادات كبيرة وقتها، مثل فيلم "الهلفوت"، "أنا اللى قتلت الحنش"، "على باب الوزير"، "سلام يا صاحبي"، "المشبوه"، وفي مسيرتهما الفنية سبق عادل إمام سعيد صالح بعدة خطوات، ويقول سعيد صالح عن ذلك في لقاءات تلفزيونية: "أنا محبتش السينما والتليفزيون، لقيت نفسي في المسرح أكتر".
وتعرض الفنان سعيد صالح فى الثمانينات للحبس، ودافع عنه صديقه ورفيق عمره عادل إمام، واصفًا محاكمته بأنها محاكمة للفكر المصرى، ودافع ايضاً الفنان الراحل يونس شلبى عن سعيد صالح قائلاً: "فنان مبدع يستلهم فنه من خلال حواره مع الجمهور ولا يجوز تقييد موهبته بل يجب أن يعيش الدور بكامل حريته ولا يحاسب على لفظ خارج على النص وإلا ما اعتبر هذا فناً"، ولم يتأثر القاضي بالدفاع عن سعيد صالح، وأنهى الجلسة بحبس سعيد صالح، وبالرغم من قصر المدة التي سجن خلالها سعيد صالح، وخروجه من المحنة، لكنه ظل يتعثر في حياته الفنية والشخصية.
واثيرت بعدها شائعات أن هناك خلافات فنية بينه وصديقه عادل إمام، والتى كان يتم نفيها دائمًا من الجانبين، فعندما سأل عادل إمام عن موهبة صالح في أحد اللقاءات التليفزيونية، قال: "سعيد صالح ده صاحبي من زمان، ورفيق سلاح زي ما بيقولوا، وممثل موهوب من الدرجة الأولى ونادر، قليل لما يطلع ناس زيه، عملة صعبة، الحاجة النادرة دايمًا بتبقى غالية. إحنا الاتنين يمكن طبيعة واحدة، نختلف في الشكل، ولكن إحنا واحد"، ولم يترك إمام صديقه يسقط وحيدًا، وطلب عادل إمام من سعيد صالح أن يؤدي دورًا خلال فيلم "الجردل والكنكة" 1997، لكى يخرج سعيد من دوامة الاكتئاب التى حاصرته، واستمرت مشاركات سعيد صالح في أفلام عادل إمام بعد ذلك، وعندما كان الصحفيون والنقاد يجادلون سعيد صالح بخصوص الأدوار الصغيرة التى يشارك بها في أفلام صديقه الذي أصبح ويوجهون له سؤال، لماذا وافقت على أداء دور صغير في فيلم لعادل إمام؟، فيرد عليهم قائلاً: "عادل صاحبي ولو طلبني في أي دور هاروح"، وبالفعل شارك بعدها في عدة أفلام مثل مشاركته في فيلم "أمير الظلام"، حتى فيلم "زهايمر"، وفي أواخر أيام مرض سعيد صالح، كان يتهم الكثيرون عادل إمام، بعدم مساعدة صديقه، وكان سعيد ينفى ذلك، وأكدت زوجته أيضًا، خلال الحوارات الصحفية، أن عادل إمام أراد مساعدة صديقه بشكل مادى ولكن سعيد صالح كان يرفض دائمًا بكل عزة نفس.
اقرأ ايضاً: فى ذكرى ميلاد عادل إمام .. يسرا صاحبة الرصيد الأكبر في المشاركة بأفلامه
ورحل سعيد صالح عن عالمنا فى صباح يوم الجمعة الأول من أغسطس 2014، بعد تعرضه لأزمة قلبية حادة، ودفن في مسقط رأسه في المنوفية، ووقتها خرجت ايضاً شائعات تفيد بأن عادل إمام لم يحضر جنازة رفيقه لأنه كان في المصيف، لكن عادل إمام نفى قائلاً: "سعيد جزء من حياتي ويعلم الله أنني لم أفارقه لحظة وكنت دائم السؤال عنه..وعندما أجد صعوبة في الوصول له كنت اتصل بابنته هند التي أحبها مثل ابنتي، وبكل أسف فإن الوفاة حدثت وأنا في زيارة لمدينة دبي، وكنت أتمنى أن أكون في وداعه، فقد كان صديقا مخلصا وفنانا موهوبا بمعنى الكلمة ..رحيله كسر ظهري".