اذا كانت الحرب الكلامية الحالية بين إيران والولايات المتحدة لها أصداء غريبة لعام 2017، فذلك لأن نفس الاستراتيجية اتعمل بها السياسة الأمريكية بنفس النهج مع كوريا الشمالية،في حالة كوريا الشمالية، كان الإنذار الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي اشتهر الآن بـ "النار والغضب" هو الذي أطلق أكبر توترات: "من الأفضل ألا تشكل كوريا الشمالية أي تهديدات أخرى للولايات المتحدة، وستواجههم بالنيران والغضب مثل العالم لم يسبق له مثيل .. لقد كان يهدد إلى أبعد من الحالة الطبيعية ".
قال فان جاكسون ، المسؤول السابق في وزارة الدفاع التابعة لإدارة أوباما ومؤلف كتاب "على الحافة: ترامب ، كيم ، والتهديد بالحرب النووية"، لشبكة CNN أن ترامب "اتخذ مقامرة تهدف إلى تهديدات كبيرة ضد كوريا الشمالية ، لم يدفع أي ثمن لذلك حتى الآن ، ويعتقد الآن أنه مقامر جيد ".
وأضاف جاكسون: "ليس لدى ترامب فكرة أن الأزمة النووية في كوريا الشمالية كانت الأقرب التي دخلت فيها أمريكا إلى الحرب النووية منذ عام 1962، هذا الجهل يدفعه إلى تكرار العديد من الأخطاء الاندفاعية التي كادت أن تؤدي إلى كارثة في 2017".
اقرأ أيضاً.. الخليج على "حافة السكين".. ماذا يريد "ترامب" من تحريضه على الحرب ضد إيران؟
امريكا تحاكي التجربة الكورية مع إيران
المشكلة أن ترامب يعيد استخدام نفس الاستراتيجية باعتبارها قد نجحت مع كوريا، متغاضياً عن المخاطر التي واجهت هذه الاستراتيجية، ودون فحص حقيقي إذا كانت هذه الاستراتيجية قد نجحت أصلاً مع بيونج يانج.
وتم استخدام نفس الاصطلاحات التي استُخدمت مع طهران مع بيونج يانج من قبل مثل- حملة "الضغط الأقصى" لتضييق الخناق على الخصم، ثم حاوِل التفاوض.
اقرأ أيضاً.. هل تقوم حربًا في الخليج؟.. تسريبات تكشف حقيقة الأزمة الإيرانية الأمريكية
هل ستتورط أمريكا بحرب نووية؟
في حالة كوريا الشمالية، كان إنذار "النار والغضب" الذي غرد به "ترامب" على تويتر كالآتي: "من الأفضل لكوريا الشمالية ألَّا تهدد أمريكا، لأنَّهم سيواجهون ناراً وغضباً لم يشهد العالم مثلهما من قبل".
وجاء التهديد الموجه إلى إيران في صورة تغريدة نشرت الأحد الماضي: "إذا أرادت إيران القتال فستكون النهاية الرسمية لها، لا تهدِّدوا الولايات المتحدة مرةً أخرى أبداً".
وفي حديثه إلى شبكة CNN، قال فان جاكسون، المسؤول السابق في وزارة الدفاع في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، "ترامب" ليس لديه فكرة عن أن الأزمة النووية مع كوريا الشمالية كانت أقرب مرة أوشكت فيها الولايات المتحدة على خوض حربٍ نووية منذ عام 1962، يقوده ذلك الجهل إلى تكرار نفس الأخطاء المتهورة، التي أوشكت على أن تتسبب في كارثةٍ عام 2017".
ترامب يهدد إيران ثم يعرض التفاوض
وإجابة على نفس السؤال، أشار ترامب إلى قضية كوريا الشمالية باعتبارها نصراً دبلوماسياً.
اقرأ أيضاً.. "لُعبة شد الحبل".. هل ستغزو أمريكا إيران؟ وماهو كابوس "طهران" في حالة إندلاع حرب؟
قال ترامب: "عندما ذهبت إلى كوريا الشمالية، كانت هناك اختبارات نووية في كل وقت، وكانت هناك صواريخ تُطلق على الدوام، وكنا نواجه أوقاتاً صعبة حقاً، ثم توافقنا، سوف نرى ما يحدث الآن".
وأضاف: "في الوقت الحالي، لا أعتقد أني أخبرته عندما غادرتُ فيتنام حيث عقدنا القمة، قلتُ إلى الرئيس كيم، وأعتقد أن الأمر مهم، إنَه ليس مستعداً لعقد صفقة، لأنَّه أراد التخلص من موقع أو موقعين، لكنَه يملك خمسة مواقع.
فيما قال فيبين نارانغ، الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وخبير الانتشار النووي: "يبدو واضحاً تماماً أنَّ استراتيجية الرئيس هي تكثيف الضغط على إيران، لإجبارها على التفاوض حول خطة العمل الشاملة المشتركة (المعروفة بالاتفاق النووي)، التي يعتقد أنَّها كانت معيبة، لأنها سمحت لإيران بامتلاك سياسة خارجية (عدائية إقليمياً بكل وضوح) وبعض بقايا القدرة الدفاعية (مثل الصواريخ)، وبسبب البنود المؤقتة لحدود التخصيب".
انسحب ترامب رسمياً من الاتفاق، في مايو 2018، مما أثار استياء إيران والموقعين على الاتفاقية من الدول الأوروبية.
اقرأ أيضاً.. البيت الأبيض: ترامب يرغب في تغير في سلوك إيران ولا يسعى للحرب
ها هي تواصل إطلاق الصواريخ قصيرة المدى
وقال جاكسون: :الادعاء بتحقيق نصرٍ على كوريا الشمالية حينما تكون النتيجة غير ذلك يُعتبر شيئاً خطيراً من ناحيتين: مع كوريا الشمالية، نظراً إلى أن كيم سوف يواصل على الأرجح انتهاجه تدريجياً للسلوك التصعيدي الذي ستجده الولايات المتحدة استفزازياً، ومع إيران، لأن ترامب يبدو متشبعاً بروايته البعيدة عن الواقع، والمتعلقة بالسحر الذي نجح مع كوريا الشمالية".
ما يثير استياء كثيرين في واشنطن أن بيونج يانج واصلت اختبارات إطلاق صواريخها الباليستية قصيرة المدى، التي يمكنها أن تحمل رؤوساً نووية، وافق كيم فقط على إيقاف اختبارات الصواريخ طويلة المدى التي تهدد الأراضي الأمريكية، لكن الصواريخ قصيرة المدى تهدد نظرياً جيران كوريا الشمالية والقوات الأمريكية المتمركزة هناك.
ألمحت بيونغ يانغ إلى أنَّها كانت تتطلع إلى عمليةٍ تتم خطوةً بخطوة على مراحل، كي تبني الثقة بين الجانبين، وينتاب القلق واشنطن من أن هذا النهج يمكن أن تستغله كوريا الشمالية بكل سهولة.
وتكمن المفارقة في أن كوريا الشمالية سوف تتخلص على الأرجح من برنامجها النووي إذا كانت تتمتع بعلاقةٍ تتسم بالاستقرار والثقة مع الولايات المتحدة، والولايات المتحدة سوف تُنشِئ علاقة طبيعية مع كوريا الشمالية إذا تخلَّت الأخيرة عن برنامج أسلحتها النووية.